الزواج : محررنا و حامينا و مستقبلنا الغير قابل للتفاوض

الاحد ١٩ فبراير ٢٠١٧
بقلم ملك صقلي

getting-married-in-germany

في المرة الاولى التي أخبرت فيها انني سأصبح حرة عندما اتزوج ، حاول عقلي استيعاب الكلمات التي سمعتها أذناي . ماذا كانت تعني أمي عندما قالت لي انني سأكون حرة ؟ حرة لفعل ماذا بالضبط ؟ هل سأصبح حرة لأفصح عما يدور برأسي، ارتداء الملابس التي افضلها، أم سأكون حرة لاعيش حياتي كما أريدها؟

لقد أدركت ان الأمهات الشرقيات، عامة ما يعدن بناتهن بالحصول على الحرية عند الزواج. و أول ما أثارهذا تساؤلي هو أنه اذا ما كان الزواج سوف يحررني، فهل هذا معناه أني حبيسة الآن ؟ هل يقوم امي و ابي بتقييدي و سوف يقوم زوجي بحل هذه القيود؟

لم اسمع ابدا عن امهات يعدن ابنائهن الذكور بالانطلاق عند الزواج . هل هذا بسبب الحرية المطلقة التي بالفعل يتمتع بها الرجال؟ لم استوعب نهائيا معنى كلمة ” الحرية”  في هذا الإطار، و لكنني أدركت ان الكثيرين في هذه المنطقة يعتقدن أن لدى الزوج قوة لتحرير المرأة من اسرتها، مع أمل بانها لن تكبل بقيود زوجها في نفس اللحظة التي ستكسر فيها العوائق المفروضة عليها من أسرتها .

“سافري مع زوجك”، “عندما تتزوجي لن تجبري على اتباع أوامر أسرتك”،  “ستصبحين أمرأة حقيقية بمجرد ان تتزوجي”

هذه الجمل تسبب الكثير من التساؤلات و المشاكل خاصة بعد نقاش حاد مع والدينا في محاولة منا لإقناعهم اننا بخير و قانعين بحالنا كما هو. تتسبب هذه النقاشات في ترسيخ الكثير من المفاهيم الخاطئة في اذهاننا منذ الصغر. فما هو السبب وراء انتظاري للزواج حتى اتمكن من تأخري خارج البيت؟ لماذا عليّ ان أرجع باستمرار الى شخص ما اذا أردت فعل شئ معيين ؟ هل سأنتقل من يديّ رجل الى اخر بمجرد دخولى هذا العالم ؟

marriage-and-credit-700x319

منذ أول ملعقة طعام تناولناها، تغذينا على فكرة أن الزواج سوف يحررنا، فنكبر بهدف واحد، وهدف واحد فقط و هو أن نتزوج. هذا الهدف في حد ذاته يثير الكثير من المشاكل بشكل كبير وخاصةً ان العثور علي زوج  مناسب لم تعد عملية سهلة او مضمونة.

نسبة كبيرة من الناس لا يحالفها الحظ بالزواج، وهو شئ مقبول وعلى ما يرام تماما. و مع ذلك ، فهذا المبدأ غير مقبول بالمرة في الشرق الاوسط ، حيث أن الزواج يعتبر خطوة يجب ان يمر الكل بها . فاذا وصلنا لسن معين ومازلنا بلا زواج،  فتلقائيا ينظرالينا باننا غير مجديين . يسأل الكثير ما هي اهمية وجودنا اذا كنا لا نتكاثر ؟! غرس مفهوم ان الزواج هو تقليد يجب اتباعه، ولا يصح أي شيء يقع خارج نطاق هذا التقليد، هو بالضبط مثل اقناع البنات الصغيرات ان الامير الوسيم في انتظارهم و معه التاج الذي سيحولهن الى أميرات .

لا يرفض الشرق اوسطيون فقط التصديق بان العثور علي زوج المستقبل عملية غير مضمونة، وأن الزواج غير مكتوب في مستقبل الجميع ، بل هم يساوونه ايضا بالتحرر الحقيقي. فبمجرد زواجك، ستحررين من والديك، و تعليماتاهم و محاذريهم . وذلك لأن لسبب ما  ينظر لتسليم الانثى من رجل الي اخر بمثابة العتق .

و نتيجة لمفاهيم المجتمع الخاطئة عن الزواج، تتزوج النساء رغبة في الحصول على الحرية و لكنهن يصدمون  عندما يدركن انهم في الحقيقة قد تم ربطهم بشخص اخر، ووقعن في دور اجتماعي مختلف لا وجود لحرية فيه وهن عالقات في أدوار خلقها لهم الاخرون.

getting-married

و الزواج ايضا هو ليس ما يحكي لنا عنه ، فهو ليس حرية و خروج وانطلاق وسفر، بل هو التزام وتفرغ ومسؤلية كبيرة، و لكننا نشأنا علي الايمان بانه اما الزواج او نحن بدونه لاشئ ، فهوالزواج او الفشل ، الزواج او العزلة ، الزواج او الاسر، الزواج او الاكتئاب المطلق.و بالطبع نجد أيضا  الزواج او السعادة ، الزواج او النجاح ، الزواج او الاشباع الذاتي و تحقيق الاحلام الشخصية.

الزواج ليس خانة يجب ان تقومين بملئها و لكنه مجرد وسيلة للحياة يختار ان  يعيش الكثيرون فيها. و لذلك ، و من أجل بناتكم وقادتنا في المستقبل، أرجوكم لا تقنعوهم بان الزواج هو وسيلة للهروب من قيود الحياة التي يحيوها، لأن ذلك ليس بالضرورة صحيحا. لا تعلموا بناتكم انهم يجب ان يقاتلن لايجاد شريك حياتهم فقط من أجل حصولهن على الحرية للعيش بالطريقة التي يريدونها .علموا أولادكم ان الزواج شئ مقدس و صعب و هو انه شيء ليس من المسلم به انه بالضرورة يصلح للجميع.

المقال منقول من spiralmag.net  : لقراءة النص الاصلي للمقال اضغط هنا

ترجمة النص الي العربية: علياء خشبة

أضف تعليق