نساء بلادي ومتلازمة المحتال

الخميس ٢١ ديسمبر ٢٠١٧
كتبت – د. إيمان يحيي

متلازمة-المحتال

 – “لقد اتممت هذا العمل بنجاح.  حتى الآن كان الحظ  حليفي”.
– “لقد نجحت في الاختبار لان الاستاذ كان رحيم بي واعطاني الدرجة كاملة”.
– “لا انا لم افعل اي شيء غير معتاد. فقط اتبعت خطوات اعداد هذه الوجبة”.
– “لماذا يتم تكريمي على هذا المشروع؟ انا اشعر بالذنب لأني لم اجتهد بالقدر الكافي لاستحق هذا التكريم”.
– “لولا ان عدد المتقدمين للوظيفة كان صغير لما حصلت عليها ابدا”.

هل شعرتي بهذه الاحاسيس من قبل؟ احساس ان تنسبي كل نجاح او انجاز في حياتك للظروف او للحظ، وان تغرقي في الاحساس الدائم بعدم استحقاق النجاح الذي حصلتي عليه؟

 إذا كانت إجابتك بنعم، حسنا فانت تعانين من متلازمة المحتال او Imposter syndrome

imposter

وانت لست وحدك يا عزيزتي. في عام١٩٧٠ لاحظت استاذة علم النفس بولين كلانس ان الكثير من الطالبات يشعرن ـ رغم اجتهادهن- ان اجتيازهن للاختبارات ليس سوي وليد الصدفة او الحظ، وبل بالعكس كن دائمي القلق والخوف من ان “ينكشف امرهن ” او يطردن من الجامعة!

وهذه الملاحظة العجيبة دفعت د. كلانس الي دراسة هذا السلوك واستنتجت ما يعرف الان بـ ” متلازمة المحتال”، وهو مصطلح يطلق على الشخص الذي يشعر بانه غير جدير لما هو عليه من نجاح، و يشعر دائما بتأنيب الضمير كلما حصل علي تكريم او اطراء.

ولكن هل تنحصر هذه المتلازمة على النساء؟ بالطبع لا ولكن الاحصاءات اثبتت ان نسبة الرجال المصابون بها اقل كثيرا من نسبة النساء.

ويعزي هذا لان النساء دائما ما تواجه تحديات أكبر في المجال العملي والعلمي وحتى على المستوي الشخصي، فالإحساس بعدم الاستحقاق ينبت من الفكرة العامة الماخوذة عن المرأة بانها اقل تركيزا و نجاحا من الرجل، وطبعا في بلادنا العربية لطالما سمعنا مقولة ” ليس للنساء سوي الزواج ” او ” النساء مكانها المطبخ “، من الرجال في عائلاتنا او في محيط الاصدقاء وزملاء العمل و حتي امهاتنا و جداتنا و نساء العائلة.

وحتي بعض النساء نجدهن لا يؤمن بنجاح و مقدرة بنات جنسهم، فالسيدة التي تعاني من شكوك من حولها في مقدرتها و نجاحها، – نجدها هي نفسها تختار ان يعالجها طبيب او يشرف علي قضيتها محام لاعتقادها ان الطبيبة والمحامية لابد ان تكون اقل كفاءة من نظيرها الرجل.

20170421_MayBlogImages_ImposterSyndrome

وعلى مدي سنوات عمرنا يتركز هذا الشعور في داخلنا وينعكس علينا في الحياة على هيئة متلازمة المحتال، اي اننا نشعر اننا كالمحتال الذي يقنع الاخرين ببراعته في انجاز الامور بالرغم من فشله فيها.

ولكن على الجانب المشرق، فان لمتلازمة المحتال ايجابيات كثيرة ومنها ان الشخص يحاول دائما ان يطور من نفسه ويجتهد حتى يتخلص من هذا الشعور وهذا ما يدفعه لمزيد من النجاح والانجاز، بالرغم مما قد يسببه له هذا من تحديات ينتج عنها ضغط عصبي وتوتر.

فعلينا جميعا كنساء في مجتمعنا العربي الا نكن عدوات أنفسنا، وان نغير من النظرة الدونية لاي عمل نقوم به، وان نعلم تماما ان كل ما ننجزه في حياتنا نابع من ايام كفاح وتعب وسهر وكد وعمل جاد، لأنه ببساطة في هذا العصر لا مكان للمحتالين.

يا نساء بلادي، يجب ان يكون إيمانك بنفسك وبمقدرتك نابع من القلب أولا قبل أن تنتظرين ان يؤمن بك العالم من حولك.

21414736_10159458030865045_5133060990978665272_oد. إيمان يحيي
طبيبة وحاصلة علي ماجيستير الامراض الباطنة جامعة الاسكندرية

 

 إذا أعجبتك هذه المقالة، أشترك في المجلة لتصلك مقالاتنا في بريدك الالكتروني **

أضف تعليق