قطار الامومة المار سريعاً.. تمهل

الاثنين ٢٥ ديسمبر ٢٠١٧
كتبت – إيمان يحيي

la-oe-mettler-natural-motherhood-breastfeeding-attachment-parenting-20171117

يقولون ان الأنثى التي تتجاوز سن معين دون ان تتزوج قد فاتها قطار الزواج، وهذا مبدأ طالما كنت ابغضه واتجنب من يفكر بمثل هذه الطريقة.

لطالما كنت ناجحة وسعيدة بنجاحي ولم تشغلني الفكرة وتابعت حياتي ودراستي، وتزوجت في اخر العشرينات من رجل احبه واحترمه بعد سنوات من الخطبة كنا نبني فيها مستقبلنا معا.

وكنت اقول لنفسي لا يهم ان التحق بقطار الزواج لمجرد الفكرة، ولابد ان يكون ثمة قطارات اخري في انتظاري يمكنني اللحاق بها وقتما أحب مع مَن اريد. ولكن إذا كان الزواج حقا لا يشترط بسن معين فان الامومة على النقيض، قطارها لا ينتظر أحد، ولا يمكن اللحاق بغيره إذا فات.

تتضارب الدراسات العلمية في هذا الشأن. تقول إحدى الدراسات ان السن المناسب للإنجاب هو ما بين الـ٢٥ الي الـ٣٠، وتقول اخري ان الام الثلاثينية هي الاسعد. ولكن علي ارض الواقع فإننا – النساء الآتي تزوجن في أواخر العشرين والثلاثين – نعاني من ضغوط مجتمعية ونفسية لا يستوعبها أحد، ولا نتحدث عنها كثيرا.

في مجتمعنا العربي لا يهم كم يبدو شكلك وكم تحملين من الشهادات وكم اللغات التي تحدثينها، مادامت اصابعك لا تلتف حولها دبلة زفاف، ولا تحملين طفلا في أحشائك أو بين ذراعيك.

قابلتني صديقة من ايام الدراسة في السوق ونظرت الي بطني المنتفخ آنذاك وقالت: “ايه ده بسرعة كدة! اوعي تكوني حامل.”  عقدت العزم بعد هذا اللقاء ان أفقد وزني الزائد حتى أتفادى مثل هذه المواقف، وقد فعلت.

وهناك طبيبة النساء التي قالت لي لابد ان أسرع في الانجاب حتى لا يتكرر الورم الرحمي الذي استأصلته، وعرفت بعد ذلك ان لا اساس علمي لهذا الكلام.

وهناك الكثير من المواقف المشابهة التي كنت امر بها بيني وبين نفسي لا اعيرها اي اهتمام.  ولكن ما هز اعماقي هو نظرة أقرب الناس الي؛ امي، عندما واجهتني بعمري وبفرصي القليلة في الانجاب وإتهمتني بعدم المسئولية وحذرتني من الندم على فرص الانجاب التي اضيعها من بين يدي.

امي العزيزة انا لست كما تظنين.. ظننت ان من حقي ان أرتب حياتي كيفما اردت.. اشتاق الي الامومة أكثر مما تظنين واعرف عواقب الانجاب المتأخر أكثر مما تعرفين، ولكنك لا تعلمين عما يدور في رأسي كل ليلة. ان كل ما يشغل بالي هذه الايام هو طفلي المستقبلي والذي لا اعلم متي سيأتي. هل سأصبح أماً صالحة؟ هل سيحبني ام سيلومني على انجابه في ظروف صعبة لا تليق به؟ هل سيكون سعيدا؟ هل سيعيش بأمان في هذا العالم المخيف؟

اراقب وجهي في المرآة واعد شعراتي البيضاء ووجهي الذي بدأ يشيخ. والتفت الي الحائط المعلق عليه شهاداتي التي امضيت فيها عمرا وابكي كلما سمعت آية سورة مريم: قَالَ كَذَٰلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ.

ولكن أشعر بأن هناك ثمة خدش في روحي، خدش لا يراه غيري ويكبر بداخلي ويهمس في اذني: قطار الامومة لا ينتظر أحدا.

استيقظت هذا الصباح وعزمت ان اكتب هذه الكلمات لك يا امي ولكل امرأة تمر بمثل ظروفي.

الامومة ليست ان تنتفخ بطنك وتنجبين طفلا ترعينه وحسب. الامومة جزء من حياتك وفترة يجب ان تمري بها وانت سعيدة بكل لحظة بها.

كوني سعيدة وقوية لأجلك ولأجل طفلك

حبي طفلك المستقبلي ورتبي كل شيء قبل ان يأتي وكوني مستعدة تماما له، وكوني جريئة في مواجهة مجتمع لا يرحم الضعفاء.

تكلمي مع شريك حياتك في الامر بوضوح واشركيه في معاناتك اليومية. واطلبي منه ان يعينك ويدعمك ويكون ظهرك في مواجهة المتنمرين والشامتين واللائمين.

تعلمي ان تحتضني نفسك وتدلليها قبل ان تتعلمي كيف تحملين طفلك وتدلليه، وكوني مستعدة لأجله كأنك تستعدين لاهم حدث في حياتك

واخيرا كلمة الي قطار الامومة المار سريعا”.. تمهل يا عزيزي فثمة اناث ينتظرنك على محطتهن فلا تتركهن.

 

21414736_10159458030865045_5133060990978665272_oد. إيمان يحيي
طبيبة وحاصلة علي ماجيستير الامراض الباطنة جامعة الاسكندرية

 

 إذا أعجبتك هذه المقالة، أشترك في المجلة لتصلك مقالاتنا في بريدك الالكتروني **

أضف تعليق