أربعة سيدات أجنبيات تركن بلادهن للعيش في مصر

الأربعاء ١٠ يناير ٢٠١٨

اللي يشرب من النيل لازم يرجع له تاني ~   مقولة مصرية

26731125_1663890363649651_1408889301244982941_n.jpgمصر هي مهد الحضارات. تألقت حضارتها القديمة منذ الآف السنين واستمرت شامخة علي مر العصور، شمسها الدافئة وثقافاتها المتنوعة و آثارها الخالدة وسحر صحاريها و خضرة ريفها و جمال نيلها الهم الفنانين و الكتاب و الشعراء من كل انحاء العام، وللكثيرين منهم أصبحت مصر هي وطنهم الاختياري.

هؤلاء الأربعة سيدات تركن بلادهن للعيش في مصر

ليليان هانت تراشر (١٨٨٧ – ١٩٦١)
مؤسسة اول ملجأ للأيتام فى مصر

Lillian-Thrasher

ولدت ليليان فى مدينة چاكسونڤيل فى ولاية فلوريدا الامريكية. وصلت أسيوط في عام ١٩١٠ للخدمة في الكنيسة بها. وانشأت الملجأ بعدها بعام واحد. وجاء ذلك بالصدفة بعد ان قابلت سيدة عجوز ماتت ابنتها تاركة لها حفيدة رضيعة لترعاها، وكانت الطفلة هزيلة ومريضة، ولان الجدة كانت وحيدة وغير قادرة على رعاية الطفلة، فكرت في التخلص منها بإلقائها في النيل. أخذت ليليان الطفلة لترعاها وأطلقت عليها اسم فريدة. ومن هنا ولدت فكرة الملجأ. بحلول عام ١٩١٨ كان الملجأ يرعى ٥٠ طفل وثمانية ارامل.

عملت ليليان فى الملجأ لمدة ٥٠ عاما حتى وفاتها فى عام ١٩٦١. وفى خلال حياتها قدم ملجأ ليليان للأيتام الرعاية لأكثر من ١٢٠٠ من الاطفال الأيتام. توفيت ماما ليليان – كما أطلق عليها الأهالي- في عام ١٩٦١، ودفنت فى أسيوط. ملجأ ليليان هاتشر لازال قائما حتى الْيَوْمَ.

مارجو ڤيون ( ١٩٠٧- ٢٠٠٣)
فنانة تشكيلية

19894824_1455561731204936_7147549032547031495_n

مارجو ڤيون ولدت فى مصر لأب سويسرى وام نمساوية،  واختارت مصر لتكون وطنها. كان والدها تاجر كثير السفر الا انه استقر فى مصر بعد ان قابل زوجته (والدة مارجو) والتى كانت تعيش هى أيضا فى مصر.

بعد زواج والديها استقرت الاسرة فى العباسية ثم انتقلت الى المعادى عندما كانت مارجو فى السابعة عشرة من عمرها. عندما بلغت سن الثالثة والعشرين (٢٣) من عمرها، سافرت الى فرنسا لتتعلم الرسم. وبالرغم من أسفارها المتعددة حول العالم الا انها قضت حياتها كلها بمصر. عاشت و امتهنت الفن فى مصر لمدة تقترب من مائة عام، رسمت خلالها الآف من اللوحات باستخدام الألوان المائية ، و التى عبرت عن حياة الناس فى القرى المحيطة بالمعادى و الصحراء و النيل و النوبة و الدلتا .

كان إنتاجها الفنى غزير، و أقامت ٧٨ معرضا فى مصر و أوروبا بدءا من عام ١٩٢٨. وآخر معرض لها أقيم فى الجامعة الامريكية فى القاهرة عام ٣..٢، احتفالا بعيد ميلادها السادس و التسعين ٩٦. تمتلك دور نشر الجامعة الامريكية اكثر من ٥٠٠٠ (خمسة آلاف) من لوحاتها. كذلك أقامت الجامعة معرضا دائما لوحاتها فى مقر الجامعة بوسط البلد

إيڤيلين پوريه
مؤسسة مدرسة الفخار فى قرية تونس بالفيوم

19029738_1425040654257044_1275436650894009457_n

كثير من الناس لا يعرفون أن ثقافة الفخار المزدهرة في قرية تونس بالفيوم مستوحاه من سيدة سويسرية – إيفلين بوريه. بعد دراسة الفنون الزخرفية في جنيف، جاءت السيدة بوريه إلى مصر في عام ١٩٦٠ مع زوجها مايكل پاستور و بنوا بيتا وورشه لتصنيع الفخار. اولادها أنجلو و ماريا درسوا فى المدارس فى الفيوم.

حيث تعاونت مع السيد رمسيس ويصا واصف في ورشات عمل الفخار للأطفال الذين يعيشون في الريف وكذلك ورش عمل أخرى في صعيد مصر. هذه التجارب المختلفة دفعتها إلى إنشاء مدرسة فخار في قرية تونس بالفيوم وعلى مر السنين ساهمت هذه المدرسة بشكل كبير في تنمية المجتمع هناك.

تقول السيدة بوريه “بعض طلاب المدرسة قاموا بتأسيس ورش فخار مستقلة توفر مصدر دخل لهم و تجذب عددا كبيرا من الزوار، شهرة قرية تونس ادت الى عمل العديد من المبادرات وأدت إلى افتتاح فنادق وبيوت ضيافة جديدة، الخ.” اضافت السيدة بوريه أن مدرسة الفخار سمحت للفتيات أن يكون لهم دخل شخصي بسبب ابداعاتهم و لكن بعض الفتيات تتخلي عن ما تعلموه في المدرسة بعد الزواج. تأمل السيدة بوريه أن المزيد من النساء يحافظون على عشقهم للحرفة، كوسيلة لتطوير مواهبهم وتعزيز دخلهم لأسرهم.

.ابداع ومجهود السيدة بوريه يزدهر يوما بعد يوم في قرية تونس بالفيوم. أصبحت القرية مشهورة الان بفخارها. اليوم تبلغ إيفيلين السبعينات من عمرها ولا زالت تعيش مع زوجها فى الفيوم و تقوم بالتدريس والاشراف بنفسها على مدرسة الفخار

سوزان طه حسين (سوزان بيرسو)
زوجة الاديب طه حسين

13801641211سوزان بيرسو هى فتاة فرنسية كاثوليكية ، كانت تطمح فى ان تصبح مدرسة و لكنها تعطلت دراستها نتيجة القصف الذى تعرضت له باريس اثناء الحرب العالمية الاولى، فرحلت مع عائلتها الى مدينة مونبيليه. و فى عام ١٩١٥ استطاعت الحصول على عمل و هو القراءة لشاب مسلم كفيف هو طه حسين و الذى كان يدرس فى نفس المدينة. كان طه حسين نابغة، استطاع فى خلال خمسة سنوات من الحصول على البكالوريوس و الدراسات العليا و نال الدكتوراة فى فلسفة ابن خلدون. و كذلك درس و اجاد اللاتينية و اليونانية.

اطلق طه حسين على سوزان لقب “صوته العذب” و قال لاحقا فى مذكراته انه داومه احساس لدى لقاءه بها اول مرة بانها ستصبح سيدة حياته، و بالفعل فكرا بالزواج و لكنه طلبه للزواج منها لاقى معارضة شديدة من اهلها، فكيف تتزوج ابنتهم من شاب فقير عربى كفيف مسلم. و لكن بعد ان التقاه خاله سوزان و الذى كان قسا فى الكنيسة، اعجب به اعجابا شديدا و وافقت عائلتها على زواجها منه.

زوجة الأديب المصري جاءت معه إلى القاهرة عام ١٩١٩ ورافقتها ابنتهما الأولى أمينة ابنة الـ ١٦ شهرًا، ثم أنجبت منه طفلاً آخرًا أسمياه مؤنس. ورافقته فى رحلتهما الزوجية خلال ٥٦ عامًا وحتى وفاته عام ١٩٧٣ . وقد بقيت سوزان في مصر حتى بعد رحيل زوجها، ولم تغادر البلاد مطلقًا حتى توفيت عام ١٩٨٩ عن عمر يناهز ٩٤ عامًا.

 إذا أعجبتك هذه المقالة، أشترك في المجلة لتصلك مقالاتنا في بريدك الالكتروني **

1 comments

أضف تعليق