الأحد ١١ فبراير ٢٠١٨
بعد رحلة جوية دامت ١٤ ساعة من القاهرة الي العاصمة الصينية بيجين، تلتها رحلة أخري بالقطار مدتها ١٢ ساعة، وصلت فنانة النحت مريم رضوان وشقيقها مصطفي الي مدينة أربين في شمال الصين، للاشتراك في مسابقة أربين الدولية ٢٠١٨ للنحت على الثلج والجليد في دورتها الـ ٣٢، والتي أقيمت في الفترة من ٦ الي ١٣ يناير – الحدث هو الاول من نوعه الذي تشارك فيه مصر.
شارك الفريق المصري المكون من مريم ومصطفي في مسابقتين، الاولي هي نحت الجليد والثانية هي نحت الثلج – وهناك فرق كبير بينهم كما شرحت مريم، “المسابقة الاولي، نحت الجليد، يستخدم فيها الثلج المجمد من النهر وهو شفاف اللون، اما المسابقة الثانية، نحت الثلج، فيستخدم فيها الثلج الذي يتساقط من السماء بعد تجميعه في صناديق خاصة. وهذا لونه ابيض.” وتنافس الفريق المصري مع فرق من ١٤ دولة يتميز مناخها بالبرودة القارسة وفصول شتاء مثلجة، و فنانين النحت بها متمرسون علي عمل التماثيل الثلجية في درجات حرارة اقل من الصفر.
مريم رضوان تخرجت من كلية التربية الفنية عام ٢٠١١، وتحضر لدرجة الماجستير في فن النحت، ومن خلال اطلاعها على أخبار فن النحت العالمي لرسالتها، لفت نظرها فن نحت الثلج، واهتمت لمعرفة المزيد عنه، ” انا بحب ادور واتعلم كل حاجة جديدة ومختلفة.” وعرفت مريم عن المسابقة عن طريق صديق من الصين، فدفعها فضولها للاشتراك بها. “انا كنت حابه جدا أجرب خصوصا ان دي اول مره في حياتي اشوف ثلج واسافر مكان بارد كده.” راسلت مريم اللجنة المنظمة للمسابقة، وبعثت لهم صور من أعمالها، وتم قبلوها ودعوتها للاشتراك في المسابقة. وبسؤالها عن كيفية قبولها في المسابقة بالرغم من عدم وجود تجربة مسبقة لها في مجال نحت الثلج اجابت، “كان شرط القبول في المسابقة هو ان يكون المشارك فنان يمارس النحت، بغض النظر عن الخامات التي يستخدمها في أعماله.”
وبالرغم من برودة الجو الذي بلغت درجة حرارته – ٢٧ درجة مئوية (٢٧ درجة مئوية تحت الصفر)، الا ان الفريق المصري استقبل في اربين استقبالا حارا، وكان هناك اهتمام اعلامي كبير بالمشاركة المصرية، لأنه معروف ان مصر بلد مناخها حار، لذا كان وجود ومشاركة فنانين مصريين جاءوا للتسابق في هذه الأجواء المثلجة، أمرا مثيرا للاهتمام، خاصة ان الفريق لم يتدرب مسبقا لنحت العمل المشارك به لعدم وجود ثلوج في مصر من الاساس.
في المسابقة الاولي، نحت الجليد ice sculpture كان عنوان العمل الذي أمضت مريم في نحته يومان ونصف بمساعدة شقيقها مصطفي، هو ،Abstract ، عملت مريم وسط الجليد لفترات استمرت ١٢ ساعة يوميا، حتى كادت ان تتجمد من برودة الجو، “انا كنت حاسسه انى فى الفريزر.” ومرت عليها لحظات خوف من عدم مقدرتها إكمال العمل من شدة برودة الجو، “كان الجوانتى بيتبل والمياه بتدخل جوه و كانت بتجمد ايديا.” وبالرغم من ذلك فهي سعيدة بهذه التجربة، “الحمد لله قدرنا. المصريين بيفوتوا في أي حاجة.”
ولأنها كانت اول تجربة لمريم في التعامل مع الثلج كخامة للنحت، فهي كانت أيضا اول مرة لها تستخدم أدوات نحت الثلج، لعدم وجودها في مصر، مما صعب مهمتها في البداية بعض الشيء حتى تعودت على استخدامهم. وعن تجربتها في نحت الثلج تعترف بان نحته أكثر سهولة من نحت الأحجار ولكن “ليه طريقة معاملة خاصة، لأنه بيتكسر بسهوله، وعلشان كده له تقنيات مختلفة ماتنفعش تستخدم في الحجر.”
في مسابقة نحت الجليد حصل الفريق المصري علي جائزة شرفية لمشاركته في المسابقة، وتقول مريم، “المنافسة كانت كبيرة جدا لأنهم فنانين كبار ومن بلاد اصلا كلها ثلج وبقالهم مثلا ١٠ او ١٥ سنة بينحتوا على الثلج. ومتعودين على كل ده، وادواتهم جاهزة، انا كنت لسه بكتشف كل حاجه هناك، حتى الملابس كانت مساعداهم جدا.”
أما المسابقة الثانية، وهي نحت الثلج، فكانت بالشراكة مع فنانين نحت من بولندا. في هذه المسابقة استخدم الفريق، المكون من ٤ أفراد، في عملهم الثلج الأبيض المتساقط من السماء والمجمع في صناديق خاصة لاستخدامه في المسابقة، وعن المقارنة بين المسابقتين قالت مريم، “المسابقة الثانية كانت أسهل كثير لان الثلج الأبيض أكثر صلابة من الثلج الشفاف مما كان يسهل عملية تشكيله.”
استمرت مسابقة نحت الثلج snow sculpture لمدة ثلاثة أيام و نصف، ، وقام الفريق المصري – البولندي المشترك بنحت عمل مستوحى من الاساطير اليونانية بقياس ٣ x ٣ x ٤ متر وبعنوان Minotaur and Theseus ثيسيوس و مينوتور، وقد حصل العمل علي جائزة الـ Excellence Award جائزة التميز
عدد الأعمال التي تم نحتها من الثلج والتي تزين شوارع أربين بلغت ٣٦٨، لفنانين من ١٤ دولة، وستظل هذه الاعمال قائمة حتي نهاية فبراير عندما ترتفع حرارة الجو الي بعض درجات فوق الصفر المئوي، كافية لإذابتها، ولن يتبقي منها سوي الصور و الذكريات، حتي العالم القادم عندما يحضر فنانين جدد يشاركون في مسابقة جديدة. وتأمل مريم ان تشارك مرة أخري في هذا الحدث، والذي قالت انها سعدت جدا بخوضها هذه التجربة، وستستعد لها بشكل أفضل في المسابقات القادمة، في الصين او في أي مكان أخر، فهي تطمح بالاشتراك في المزيد من المسابقات، لان من احد احلامها ان يكون لها عمل نحتي فى كل دول العالم، وحتي لو اذابته الحرارة، فان اسمها سيظل مقيدا في ملفات المسابقات.
** إذا أعجبتك هذه المقالة، أشترك في المجلة لتصلك مقالاتنا في بريدك الالكتروني