في ذكري مئوية ميلاد ليلى مراد: مرسال الغرام بين الماضي و الحاضر

السبت ١٧ فبراير ٢٠١٨
كتبت – رضوي حسني

522

يُوافق اليوم ١٧ فبراير ٢٠١٨، الذكرى المئوية لميلاد «ليلى مراد» عاشقة الماء و الهواء، و احدى أبرز نجمات الفن المصري. هي تلك النجمة اللامعة التي جمعت بين الغناء والتمثيل فاتقنتهما، لتضع نفسها في مكانة عالية محلقة في سماء الفن، لم و لن يستطع أحد تجاوزها مهما طالت سنين غيابها ، فهي الغائبة الحاضرة بفنها العظيم.

كانت حياة ليلي مراد حافلة بالكثير من الأحداث و كذلك الجدل وخاصة السياسي، والذي قد يكون السبب المباشر في إعتزالها الفن في سن ٣٧ و هي في أوج شهرتها و توهجها الفني.

5263429

ولدت «ليليان ابراهيم زكي موردخاي» و التي عُرفت فيما بعد باسم «ليلى مراد»، في ١٧ فبراير عام ١٩١٨ لعائلة يهودية من اصل مصري. والدها  الملحن و المطرب المصري «زكي مراد» كان منشدا في المعبد اليهودي، ووالدتها «جميلة سالومون» وهي يهودية من عرق بولندي،  وشقيقها الأصغر هو الموسيقار و الفنان المعروف «منير مراد» .

تخرجت «ليلى مراد» من مدرسة راهبات نوتردام  ديزابوتر للبنات، والتي كانت قد التحقت بالقسم المجاني بها نظراً لما عانته هي وأسرتها من أحوال مادية صعبة، على أثر سافر والدها في رحلة طويلة ناشداً الفن خارج البلاد، لتنقطع عنهم أخباره لسنوات، في المدرسة اشتركت في كورال الكنيسة و لفت جمال صوتها الراهبات. في سن الرابعة عشرة عملت كخياطة  لتساعد عائلتها في نفقات أخواتها الستة،

_86803_l4تتلمذت موسيقياً على يد الملحن «داوود حسني»، ووالدها «زكي مراد» – بعد عودته من رحلته الي أمريكا. و بدأت في سن الـ ١٤ في تقديم الحفلات الغنائية الخاصة ثم العامة. وفي سن الـ ١٦، بعد عامين من اول ظهور لها،  قدمت أولى أغنياتها في الإذاعة المصرية عام ١٩٣٤، وكانت موشح «يا غزالاً زان عينه الكحل». لاقت «ليلي مراد» نجاحاً جماهيرياً لافتا، بدأت بعده في تسجيل اسطوانات غنائية بصوتها.

و بفضل شهرتها الغنائية، إختارها المخرج «محمد كريم» عام ١٩٣٧، لتمثل أول أفلامها السينمائية «يحيا الحب» أمام موسيقار الأجيال «محمد عبد الوهاب»، وأعجب بأدائها و غنائها عميد المسرح العربي «يوسف وهبي»، فرشحها لدور البطولة أمامه في فيلم «ليلة ممطرة»، لتتوالي عليها الأدوار السينمائية بعد ذلك. وهي الفنانة الوحيدة التي حمل عدد من أفلامها اسمها الحقيقي «ليلى». و كانت «ليلى مراد» هي النجمة المصرية الأعلى أجراً في عقد الأربعينات،  حيث كانت تتقاضي مبلغ ١٥ الف جنيها مصريا عن دورا في الفيلم، في زمن كانت قيمة الجنية المصري تبلغ ٤ دولارات.

18تزوجت «ليلى مراد» ثلاث مرات؛ المرة الأولى من الفنان «أنور وجدي» أثناء تصويرهما لفيلم «ليلى بنت الفقراء» عام ١٩٤٥، و استمر زواجهما ٧ سنوات حتى انفصلا زوجيا وفنيا في عام ١٩٥٣، بعد ان قدما سويا ما يزيد عن ١٠ أفلام من اشهر أفلام الثنائيات الرومانسية المصرية في الاربعينات واوائل الخمسينات، منها فيلم «قلبي دليلي».

بعد طلاقها من «أنور وجدي»، تزوجت «ليلي مراد» من «وجيه أباظة» الذي كان عضواً في حركة الضباط الأحرار، ويرجع نسبه إلى احدى العائلات المصرية المعروفة، ولم تستمر زيجتمها طويلا لاعتراض عائلته، وتم الطلاق بعد إنجابها إبنها أشرف. و أخر أزواجها هو المخرج «فطين عبد الوهاب»، والذي أنجبت منه إبنها «زكي»، و الذي أصبح فيما بعد الفنان والمخرج المعروف «زكي فطين عبد الوهاب»، ولم تنجح هذه الزيجة أيضا،  و إنفصلا بعد زواج دام ١١ عاما.

_76689_murad26-4-09

وقد واجت «ليلى مراد» أكبر محنها خلال مسيرتها الفنية عندما أتهمت بخيانتها لمصر و دعمها لدولة إسرائيل، بعد أن نشرت إحدي المجلات السورية  بعد العدوان الثلاثي علي مصر بأنها تعمل جاسوسة تعمل لحساب دولة إسرائيل وتبرعها لها بمبلغ ٥٠،٠٠٠ جنيه، وكانت النتيجة ان قاطعت البلاد العربية أغنياتها وافلامها، وقد تم تبرئة ليلي مراد من هذه التهمة، و قيل بعدها أن أنور وجدي هو مروج لهذه الاشاعة نكاية منه لطلبها الطلاق. بعد هذا الحادث إعتزلت الفن تماما وانزوت بعيدا عن الأضواء، بعد أن كانت قد أدت أخر أدوارها في فيلم «الحبيب المجهول» أمام «حسين صدقي» علم ١٩٥٥ و هي في الـ ٣٧ من عمرها.

590لقبت «ليلى مراد» بعدة ألقاب نابعة من عطائها الفني كلقب «صوت الحب»  ولقبها الأشهر كان «قيثارة الغناء العربي». وعلى الرغم من مرور ٨٦ عاماً على فيلم «شاطئ الغرام»، إلا أن الصخرة التي غنت فوقها أغنيتها الشهيرة “بحب اتنين سوا” والكائنة أمام شاطئ البحر في مرسى مطروح، ما زالت إلى يومنا هذا ملتقى للعشاق.

قدمت «ليلى مراد» ٢٧ فيلماً كلاسيكياً، وأكثر من ١٠٠٠ أغنية، نجحت من خلالها في رسم صورة راقية في أذهاننا عن المرأة المصرية في أربعينات و خمسينات القرن الماضي.  وكذلك أثرت العالم الغنائي بعدد هائل من الأغاني الرومانسية.

رحلت صوت الحب «ليلى مراد» عن عالمنا في يوم ٢١ نوفمبر من عام  ١٩٩٥، تاركة لجمهورها إرثاً فنياً خالداً على مر السنين، و صوتاً لا يُنسى و لا تُخطئه آذان العاشقين. – فحقاً أنتِ يا «ليلى» مرسال الغرام

 

23666605_978100439008106_116312332_n

رضوى حسني خريجة كلية العلوم قسم الكيمياء و باحثة مبتدئة في مجال الكيمياء الحيوية و الهندسة الوراثية  تهتم رضوي بكتابة المقالات الاجتماعية التي تتناول قضايا المرأة المصرية و العربية و تدعم حقوقها، كذلك تهوي كتابة القصص الروائية.

** إذا أعجبتك هذه المقالة، أشترك في المجلة لتصلك مقالاتنا في بريدك الالكتروني 

أضف تعليق