لقاء مع السفيرة نميرة نجم، أول امرأة تتولي منصب المستشار القانوني للاتحاد الافريقي

الخميس ٢٦ أبريل ٢٠١٨           كتبت – مي علام

23559421_1393129894119308_7512826891375270085_n

رغم التحديات التي لا حصر لها التي تواجهها المرأة في مصر، نجحت الكثيرات منهن في كسر القوالب النمطية الاجتماعية والجندرية، وخضن في العديد من المجالات المهنية التي هيمن عليها الرجال حتى وقت قريب، وحصلن على التقدير الوطني والدولي. هن يشغلن مناصب مؤثرة ومرموقة في جميع أنحاء العالم وأصبحن نموذجا تقتدي بهن الأجيال الجديدة.

السفيرة د. نميرة نجم هي أحد نماذج هذه السيدات المصريات. سيادة السفيرة والحاصلة على درجة الدكتوراه في القانون الدولي من جامعة لندن، هي أول امرأة تتولى منصب المستشار القانوني للاتحاد الأفريقي. وتوليها لهذا المنصب يعد انجازا كبيرا ليس فقط للمرأة المصرية، بل للمرأة الافريقية، ولجميع السيدات في أنحاء العالم.

30703892_1543848652380764_4155445760130809856_nقبل اختيارها لمنصب المستشار القانوني للاتحاد الافريقي، ترأست السفيرة نميرة نجم البعثة الدبلوماسية في رواندا، وكذلك عملت كرئيس وحدة مكافحة الفساد بوزارة الخارجية المصرية، والمستشار القانوني للبعثة المصرية لدى الأمم المتحدة في نيويورك.

تعيش في أديس أبابا، حيث مقر الاتحاد الافريقي، مع زوجها الكاتب والصحفي المستقل، السيد خالد طاهر.

سيدات من مصر: ما هو أكثر ما يعجبك في عملك؟
السفيرة نميرة نجم: كنت أحب كثيرا تمثيل مصر كدبلوماسية في المنتديات العالمية المختلفة، والآن أصبحت أعمل لدي ٥٥ دولة. بدأت مسيرتي المهنية بالعمل في القانون الدولي، وتمكنت عبر السنين من التفاوض في العديد من الشؤون والوثائق القانونية الدولية بالنيابة عن بلدي، والآن من المثير أن تسنح لي الفرصة للقيام بذلك عن القارة الأفريقية بأكملها، وأحب أن أمثل القارة بشكل جيد.

س م: من خبرتك كسفيرة لرواندا، كيف يمكن لمصر من ان تعزز روابطها الدبلوماسية بشكل أكبر مع الدول الافريقية؟
ن ن: مصر لديها كل الإمكانيات لتوسيع تعاونها مع الدول الأفريقية في العديد من المجالات. ولتعزيز التعاون مع إفريقيا، يتعين على مصر التواصل مع هذه الدول في شكل تعاون تجاري واستثماري في القارة. على سبيل المثال، مصر لديها العديد من الامكانيات التي يمكن أن تفيد العديد من الدول الأفريقية، في مجال الطب خاصة، وطب الأورام وطب الأطفال والأشعة، والقضاء على الملاريا، والتعدين، والتعليم، والصناعة؛ لكن يتعين عليها أن تبني استراتيجية للشراكة تقوم على المساواة والتعاون.

29468671_1515493608549602_4051477220508565504_n

س م: بالمقارنة بين حجم البلدين، نجد ان حجم صادرات مصر الي رواندا تمثل نصف حجم صادرات رواندا الي مصر. ماذا تعتقدين سبب ذلك؟
ن ن: السبب في ذلك هو أن الأسعار المصرية تنافسية، ورواندا أسواقها مفتوحة لاستقبال الصادرات المصرية، وليتم التبادل التجاري المتوازن، يتعين على التجار المصريين معرفة ما تقدمه رواندا من أجل تعريفه وتقديمه بالأسواق المصرية. وكذلك الكثير من المنتجات المصرية ليست معروفة في رواندا، مثل الأثاث والسجاد والمنسوجات. ولهذا السبب، عندما كنت في رواندا، قمت بنشر مقالات تدعو إلى تعيين وزير أو وزير دولة للاستثمارات في أفريقيا. 

س م: هل كانت رواندا مترددة او غير راغبة في تعزيز العلاقات مع مصر نتيجة عدم الاستقرار السياسي للبلاد بعد ثورة ٢٠١١؟
ن ن: القضايا السياسية موجودة دائماً، لكن فقدان الحماس تجاه مصر بدأ قبل عام ٢٠١١. لم تكن الثورة هي السبب وراء البطء في تنمية العلاقات بين الدول. ولكن السبب الرئيسي لذلك كان تجاهل مصر المتواصل للبلدان الأفريقية في السنوات القليلة التي سبقت عام٢٠١١، فالبلدان التي كانت قد خرجت توا من الصراعات الداخلية، كانت تتطلع الي مصر لتنميتها، لكن مصر تجاهلت ذلك، لذا حولت هذه الدول انتباهها نحو أولئك الذين سيساعدونهم في بناء دولها.

29541783_1521266641305632_4198144153460739690_n

س م: ماذا عملتي لتغيير ذلك وزيادة تعزيز العلاقات بين البلدين؟
ن ن: كأول سفيرة تتولي رئاسة البعثة الدبلوماسية المصرية لرواندا، في ظل الحكومة الجديدة في مصر، تمكنت من إقناع الحكومة في رواندا بأن مصر تحت قيادة الرئيس السيسي مستعدة جديا للتعاون مع جميع الدول الأفريقية. إظهار الرغبة في التعاون، من خلال محاولة لجذب المستثمرين المصريين إلى رواندا، يساعد كثيرا في إنجاح هذه الجهود. أنا أؤمن أن السفراء يمهدون الطريق لبقية المؤسسات والقطاع الخاص للعمل من أجل ضمان الاستدامة في العلاقات السياسية.

س م: كونك سيدة تعمل في المجال الدبلوماسي، ما هي التحديات التي واجهتيها في حياتك المهنية؟
ن ن: هذا دائما سؤال صعب. العقلية والتعصب الذكوري كان دائما هو التحدي الرئيسي. نحن ما زلنا نعيش في ثقافة لازالت تناقش وتشككك في مقدرة النساء على العمل والنجاح، فقط بسبب كونهن نساء.

 33691-image002خلال مسيرتي المهنية، عملت مع قادة داعمين، وأخرين ممن لم يؤمنوا بقدرة النساء على العمل. وفي بعض الأحيان يكون لدى الزملاء من الذكور تضامن خفي، عندما يواجه أحدهم مشكلة مع زميلة له في العمل، يتكاتفون جميعا ضدها.

في بعض الأحيان، تتعرض السيدات للغيرة المهنية، خاصة إذا كانت شابة عازبة وناجحة. وبالرغم أن دخل العديد من النساء يذهب إلى إعالة أسرهن، فإن الزملاء الذكور لا يفهمون ذلك. هم يرون فقط أن لديهم عائلات تحتاج لدعمهم، مع تجاهل المسؤوليات المالية لزميلاتهم.

س م: ما هي اللحظة / اللحظات في حياتك المهنية التي شعرت فيها أن جهودك وعملك الشاق قد توج بالنجاح؟
ن ن: كانت هناك عدة مواقف شعرت خلالها بذلك، عندما بُعثت إلى نيويورك اعتمادا على جدارتي وتخصصي. أيضا، عندما أشاد بي وزير خارجية رواندا في حضور الرئيس ووزير الخارجية المصري. كذلك عندما عرضت أول طلب قدمه الاتحاد الأفريقي أمام محكمة العدل الدولية بخصوص النزاع بشأن أرخبيل تشاغوس، شعرت حينها أن الليالي الطويلة التي قضيتها للتحضير والاستعداد له كانت تستحق كل هذا العناء.

س م: ما هي المفاهيم الخاطئة لدى الناس حول عملك؟
ن ن: سأبدأ بالقول إن معظم الناس يعتقدون أن عملنا كدبلوماسيين هو أكثر متعة وترف وليس عمل جاد حقيقي. عادة ما يرون بريق العمل ولا يرون صعوباته. للأسف، في مصر، الناس لا ترى الدبلوماسيون في الحياة الواقعية لأنهم لا يتعدون ألف شخص يعملون في السلك الدبلوماسي، يشمل ذلك من أول الملحقين الدبلوماسيين إلى السفراء في مصر وخارجها. قبل عملي في رواندا كنت أتقاضي مرتبا شهريا يبلغ ٤٧٠٠، وهو راتب لا يكفي لإعاشة أي أسرة.

22894482_1378177345614563_4498542324462397262_nأتذكر هذه الواقعة خلال الزيارة الرئاسية الأولى إلى رواندا، عندما طلبت من زوجي مساعدتي في التغطية الإعلامية للحدث. السفارة في رواندا لديها فريق عمل صغير العدد. تلقينا دعما من الوزارة ولكنه لم يكفي لان الوفد كان عدده كبير، وكنا مسؤولين عن الترتيبات المختلفة، ومع عدم وجود شخص متخصص للتغطية الإعلامية في السفارة، وافق زوجي على القيام بهذه المهمة بدون مقابل. ومع ذلك، بعد القمة، ادعت بعض من وسائل الإعلام إنني دفعت له من أموال السفارة للقيام بهذه المهمة. هم ليسوا على دراية بأنني ليس لدي هذه السلطة، ولاالاعتمادات المالية لذلك.

هناك اعتقاد خاطئ آخر حول وظيفتنا وهو أنه يمكن لأي شخص القيام بها. ينسى الناس أنه من أجل الانضمام إلى السلك الدبلوماسي، فإننا نؤدي الكثير من الامتحانات، ونحصل على الكثير من التدريبات، ونقوم بتجميع الخبرات على مدار السنين حتى نصل إلى مرتبة السفير. ومع ذلك تجد أن الكثير من الناس يقولون بأن بإمكانهم القيام بهذا العمل أفضل منا. الحقيقة ان عدد الدبلوماسيين قليل جدًا في المجتمع، ولذلك لا يعرف الناس الكثير عن حياة الدبلوماسيين سوي ما تصوره لهم وسائل الاعلام عنهم.

س م: في مجالات التنمية والتعليم، ما هي الأفكار والمشاريع الجديدة التي تقترحون أن الدول الأفريقية يمكن أن تتبناها للتقدم في هذه المجالات؟ وأين تقف مصر مقارنة بالدول الأفريقية الأخرى؟

Namira-Negm-Ambassador-of-the-Arab-Republic-of-Egypt

ن ن: التعليم المتخصص، وخاصة التدريبالمهني، تحتاج القارة بأكملها إليه. فيما يتعلق بالتنمية، تبذل مصر قصارى جهدها، وكما نرى في الأربعة اشهرالاخيرة، هناك زيادة كبيرة في الاستثمار الأجنبي المباشر. ومع ذلك، عندما يتعلق الأمر بالتعليم، أعتقد أن هناك الكثير الذي يتعين علينا القيام به لتغيير طريقة تحصيل العلم: نحن بحاجة إلى بناء جيل قادر على التفكير النقدي ولديه المزيد من التبادلات مع المؤسسات التعليمية الأفريقية البارزة.

س م: كيف يعزز منصبك الحركة النسائية ودور المرأة في الساحة السياسية؟
ن ن: حسنًا، في الاتحاد الأفريقي، هناك هدف لتحقيق التكافؤ بين الجنسين. أنا أول امرأة تتولى مسؤولية مكتب المستشار القانوني. هذه الوظيفة هيمن عليها الرجال منذ إنشاء منظمة الوحدة الأفريقية. أعتقد، إذا تمكنت من أن أكون نموذجا يحتذى به، سأكون قد حققت الهدف ا في دعوة المزيد من السيدات إلى العمل الجاد، والذي من خلاله سيجنين نتائج ونجاحات كبيرة.

33775-pr_-_the_office_of_the_legal_counsel_finalized_the_agreement_between_african_union_and_tunisia_to_host_african_institute_for_statistics-2

س م: ما هي النصيحة التي تودين تقديمها للشابات اللواتي يفكرن في العمل في السلك الدبلوماسي؟
ن ن: ثقوا في أنفسكم وقدراتكم. لا تتجنبوا محاربة العالم للوصول إلى أهدافكم. كونوا مستعدًات للتضحية وعدم التخلي أبدًا عما تحبون من أجل ما يريده الآخرون أو يتوقعونه منك: “النور في داخلك، دعيه يسطع”

جميع حقوق الصورمحفوظة لصفحة السفيرة د. نميرة نجم علي الفيس بوك و للاتحاد الافريقي

تابعو أخبار السفيرة د. نمير نجم علي صفحتها علي فيس بوك هنا

** إذا أعجبتك هذه المقالة، أشترك في المجلة لتصلك مقالاتنا في بريدك الالكتروني

أضف تعليق