هل تشكل أصول عائلتي هويتي؟

الأربعاء ٤ يوليو ٢٠١٨                 كتبت ندي رضا الخربوطلي –  و ترجمة نورا جاد

img_6874
ندي مع عائلتها

هو جاء من تركيا، وهي جاءت من فلسطين. هو جاء للعمل وهي جاءت هربا من الحرب.  وبعد جيلين، ولدت أنا في مصر. منحتني عائلتي الكثير عبر السنين، ولكن لا شيء سيقارن أبدا بنشأتي في بيئة متعددة الثقافات.

22127247_1553530454668305_1049926363_n
ندي خربوطلي

وعلي مر السنين، كنت دائما أتسائل: الي أى بلد انتمى؟ هل أعتبر نفسي تركية؛ لقب عائلتي بالتأكيد يوحي بذلك. أو لعلني أنا فلسطينية بالاكثر لأن معظم عائلتي تعيش هناك. ربما يجب أن تكون مصر هي الفائزة هنا، فهي وطني الذي عشت به منذ لحظة ميلادي. هذه التساؤلات المستمرة جعلت من الصعب على أن أعرف انتمائى الي ثقافة واحدة دون الأخري.

زارت والدتي فلسطين ١١ مرة. قصصها وذكرياتها هناك حُفروا في ذاكرتي لسردها إياهم لي مرات لا يحصي عددها. بالإضافة لذلك، فأنا نشأت على أتباع العادات والتقاليد الفلسطينية. والدي أيضا يملئني بأمل العودة يوما ما الى قرية هاربوت بتركيا، وهي القرية التي تعود أصول عائلتي لها. اسم عائلتي “خربوطلي” هو اسم فريد. و من العجيب انني قابلت شخص منذ عدة سنوات يحمل نفس الاسم. وتطورت صداقتنا مع مرور الوقت، ولكننا الى يومنا هذا، لا نعرف صلة قرابتنا. من المؤكد اننى أريد البحث عن ولقاء الكثير من عائلة خربوطلي. إن هذا علي رأس قائمة الأشياء التي ارغب في القيام بها في حياتي.

img_6871
والدة ندي في القدس

أما بالنسبة لمصر، فحبي لهذا البلد لا ينتهي. جوهري مصري؛ شعبها، وشوارعها، وخفةالظل، والدفء والفخر الذي أشعر بهما كوني جزءا منها لا يقارن بأي شيء أخر. تاريخنا وحده لا يقارن بأخر.

img_6876
ندي مع والدتها

وقد ظل سؤال الي أي دولة أنتمي بلا إجابة حتى شهور قليلة ماضية، عندما طرقت فكرة في ذهني وجعلتني أتساءل، لماذا أقيد انتمائي الي بلد واحد؟ من الممكن أن انتمى الي الثلاثة بلاد. بل لماذا أحصر نفسي في ثلاثة بلاد وأنا بإمكاني الارتباط بالعالم أجمع. من المنظور الوراثي، فأنا مصرية فلسطينية تركية. ولكن ماذا لو أني أحببت الطعام اليوناني أو الحلوى الفرنسية أو غرمت بمشاهدة الأفلام الهندية. الاحتمالات الكثيرة تجعلني أفكر الي أي البلدان الأخرى التي قد انتمى. لا يجب تحديد هويتي الى ثقافة واحدة فقط. دائما أفكر في انى أحب أن أختلط بثقافات متعددة، مع تقدم العمر، وأتبناهم ليصبحوا جزءا من ثقافتي. تلك الفكرة تجعلني أكثر حرصا على اكتشاف وقبول التنوع الثري للثقافات في العالم.

img_6864
ندي مع والدها وجدتها

بالطبع تراث عائلتي يشعرني بالانتماء لهم – شعور رائع عندما أحس إنني جزءا من شيء أكبر من نفسي. ولكنني بإمكاني أن أنتمي أيضا لشيء أكبر: العالم بأكمله. الاحساس بكوني مواطنة عالمية له جاذبية خاصة. بهذه الطريقة لا أحصر نفسي مع فئة معينة. فمثلا، دعنا نقول إن مهاراتي في الرقص تركية، طريقة طهي للطعام مصرية، وروحي فلسطينية، ولكن بوجه عام، أرائي عالمية.

img_6869-e1512537775107
ندي مع والدها

ما عن هويتي، فأنا لا أحتاج أن أعرف نفسي عن طريق تراث عائلتي فقط لأن هناك أشياء كثيرة أخرى ساعدتني في بناء شخصيتي. ولذا أنا أفضل أن أعرف نفسي ببلدي. وبالتالي عندما يطلب مني الناس أن أعرف نفسي أخبرهم بجنسيتي، وكأن ذلك كفيل بأن يصف كل شيء عنى. وكما أن السن مجرد رقم فإن البلد مجرد مكان تنتمي اليه وتحبه بالصدفة لا بالاختيار. ولذا، وعلى الرغم من أن أصول عائلتي شكلت جزءًا كبيرًا من شخصيتي، إلا أنها لم تصنعني كلي.

انا لدى مطلق الحرية في أن أعُرف نفسي كيفما شئت؛ أعرف نفسي من خلال خبراتي الحياتية ومعتقداتي واهتماماتي. فأنا لست مجرد عادات وتقاليد أو حدود أو سلوك اجتماعي أو تاريخ أو لغة. أنا أكثر من ذلك بكثير.

جميع حقوق الصور محفوظة لندي رضا خربوطلي

لقراءة المقال باللغة الانجليزية إضغط هنا

***إذا أعجبتك هذه المقالة، أشترك في المجلة لتصلك مقالاتنا في بريدك الالكتروني

أضف تعليق