رحلة أم من العتمة إلى النور: كيف لأمهات الأطفال الناجين من السرطان من تحويل آلامهن إلى قوة

الخميس ٢١ مارس ٢٠١٩                 ـــ  كتبت دينا المهدي

55590232_792787561092088_5336412164229955584_n

رضوى موسى- يوسف، كاتبة وأم لثلاثة أطفال (زين وملك وآية)، تعيش في الولايات المتحدة مع زوجها وأولادها، وتدير حاليًّا شركة استثمار عقاري مع زوجها تامر يوسف.

في فبراير 2013 تعرضت حياة رضوى وعائلتها لحدث كبير عندما تم تشخيص ابنها الأكبر زين بالسرطان العصبي (المرحلة الرابعة). وبدأ رحلة علاج قلبت حياة أسرتها رأسًا على عقب؛ سجلت رضوي تجربتها هي واسرتها مع رحلة علاج زين في كتاب بعنوان زين: حكاية عتمة ونور، والتي يكشف عن كيف قررت أسرة تحويل كل السلبية إلى إيجابية والإقبال على الحياة رغم قسوة الواقع. يعد الكتاب من أكثر الكتب مبيعًا في مصر والشرق الأوسط، وحاز على أعلى التقييمات من القراء لنشره الطاقة الإيجابية والسعادة. فهو حكاية التغيير الذي نأمل أن نراه في العالم رغم أصعب التحديات.

كان لنا معها هذا اللقاء

متى بدأ شغفك بالكتابة؟ هل كان حلمك أن تصبحي كاتبة؟
أعتقد منذ أن تعلمت أن أمسك القلم الرصاص، لطالما كان لدي شغف بالكتابة. ما زلت أحتفظ بجميع مجلاتي ودواويني الشعرية وقصصي القصيرة التي كتبتها وأنا طفلة صغيرة. ودائمًا ما كنت أحلم أن أصبح كاتبة! حتى إنني فكرت في ممارسة مهنة الصحافة ودراستها في الجامعة في مرحلة ما، ولكن نظرًا لشغفي بتعلم إدارة الأعمال وأن أسلوبي في الكتابة واقعي (غير روائي) يعكس واقع الحياة، فقد عرفت أنني سأبدأ مشواري في الكتابة بشكل مختلف.

بدأت نشر مقالاتي والعمل في العديد من المجلات منذ الصغر. بدأت بصفتي طفلة صغيرة في مجلة في مصر تسمى “تين ستاف”(Teen Stuff)، وبعد أن تزوجت نشرت مقالات في مجلة “عزيزي الضيف” (Dear Guest)، وأخيرًا في عام 2017، أطلقت مدونتي (رضوى موسى-يوسف) التي كانت تعرف في الأصل باسم “مدونة روديز”. لطالما كان لدي شغف بالكلمة المكتوبة، فهي تحمل سحرًا خاصًا يلمس القلوب.

54521675_1740092036090951_8706348684125667328_nبعد قراءة تقييمات القراء لكتاب “زين: حكاية عتمة ونور”، صرح العديد منهم أن الكتاب غيّر مجرى حياتهم وطريقة تعاملهم مع مشكلاتهم. أخبرينا بالمزيد عن كتابك الأول؟ لماذا قررت مشاركة قصتك الآن؟ ما الرسالة التي توجهينها إلى القراء من خلال كتابك؟
عندما قررت أن أكتب الكتاب، كان ذلك بسبب تجربتي الشخصية مع ابني الأكبر زين عندما أصيب بمرض سرطان. تلك التجربة العصيبة—أو إن صح التعبير التجارب المؤلمة—غيرتني تمامًا! فإن كنت ظننت أنني امرأة قوية في يوم من الأيام، فهذه التجربة أخذت القوة والاستقلال إلى مستوى مختلف كُليًا! لقد تعلمت الكثير، وأصبحت قصتنا بفضل الله بصيصًا من الأمل لكثيرين، ولا أخص بالقول هؤلاء المصابون بالسرطان فقط بل هؤلاء الذين يواجهون تحديًا بوجه عام. وبالتالي، شعرت بالمسئولية الاجتماعية بأن علي أن أشارك الرسالة مع العالم. يقدم الكتاب كثيرًا من الدروس والقصص الحياتية الحقيقية، قد يظن المرء أنها قصة حزينة عن مريض بالسرطان، لكنه في الواقع يتعامل مع تجربة حقيقية ويكشف الطريقة التي يجب أن نتعامل بها مع الحياة بشكل عام… بكل قوة وسخرية. إنها رحلة مبهجة مع التفاصيل التي تجعلك تضحك وتبكي وتلمس قلبك أثناء قراءتها. لقد أخرجت ما في قلبي وأريد أن  يرى الناس النور بعد كل عتمة، والابتسامات وسط المصاعب، وجمال الحياة بشكل عام. قد لا نملك خيارًا فيما تحمله الحياة لنا، ولكن بالتأكيد نملك خيارًا في كيفية التعامل معها.

كيف تعاملت ملك؛ أخت زين، مع مرضه، وكيف دعمت أخاها ووالديها أثناء علاجه؟
كانت ملك ولا تزال نجمة لامعة! قررنا من اليوم الأول كسب ثقتهم بأن نشركهم في كل شيء. مع ملك، شاركناها حقيقة الموقف والتفاصيل التي تناسب طفلة في سنها. كانت دائمًا بجانب أخيها، وطالما كانت تدعمه وتلعب معه. وفي كل مرة يعود فيها من عملية جراحية أو من زيارة بالمستشفى كانت تعد له بوسترًا. وقد شجعنا هذا التعزيز الإيجابي لأنه له دور كبير في رفع معنوياته. ملك مرت بلحظات صعبة، لكنها الآن متحدثة عامة تناصر أشقاء الأطفال المصابين بالسرطان. لقد تبرعت مؤخرًا بشعرها لإنشاء شعر مستعار للأطفال الذين يخضعون لعلاج السرطان.

كم استغرقت من الوقت لكتابة كتابك ونشره؟ هل كنت تخططين لكتابته باللغة العربية؟ أخبرينا المزيد عن الإهداء بكتابك؟
استغرق الأمر مني خمس سنوات ونصف. اضطررت إلى تعليقه عدة مرات بسبب حالة زين التي كانت تتغير على مر السنين. في البداية كتبته باللغة الإنجليزية بهدف نشره في الولايات المتحدة حيث أقيم. ولكن بعد التواصل مع الدار المصرية اللبنانية في مصر وتدارك الحاجة إلى تغيير بعض المحظورات في الحديث عن التعامل مع التجارب المؤلمة وخاصة السرطان، فقد قررت أن أنشر الكتاب باللغة العربية أولاً. لذا قمت بترجمته وإعادة صياغته بنفسي مما استغرق مني عامًا آخر من العمل.

كونك أمًّا عاملة لثلاثة أطفال، كيف استطعت أن توفقي بين دورك كأم وزوجة ومؤلفة؟
إدارة الوقت هي المفتاح! فالحياة لن تصبح أسهل أو أقل ارهاقًا. وعلى أية حال، فهي تتحرك بسرعة وثبات يوميًّا. قد يبدو تخصيص وقت لنفسي أمرًا مستحيلاً، ولكنه مهم جدًّا! ولا أقصد بذلك قضاء يوم في منتجع صحي بدون الأطفال – رغم أن ذلك قد يكون شيئًا مذهلاً – ولكن يمكن أن تقضي بعض الوقت هادئًا لمدة 30 دقيقة يوميًّا ليساعد على صفاء ذهنك والتأمل. أعدي قائمة مهامك ولا تتخلي عنها. في حالتي، قمت بتكريس ساعة كل صباح للكتابة قبل أن يستيقظ الأطفال أو فور ذهابهم إلى المدرسة قبل أن أبدأ يومي. كما أخطط مسبقًا للأعمال المنزلية، والوجبات والواجبات المدرسية، وكذلك لعملي الخاص. في بعض الأحيان تطرأ المشكلات فلا نسير على خطة زمنية، ولكن ترتيب الأمور وتنظيمها مرة أخرى هو المفتاح!

54521840_340259669927698_8188525041550360576_n

أخبرينا المزيد عن حياتك العائلية قبل وبعد تشخيص زين؟ وكيف تصفين رحلتك في الحياة؟
تعرضت إلى صدمة كبيرة في بداية حياتي وهو ما ذكرته أيضًا في الكتاب عندما فقدت أمي وأنا صغيرة جدًّا. هذه التجربة شكلتني وجعلتني الشخص الذي أصبحت عليه الآن. وأعتقد أنني اخترت الاتجاه الإيجابي القوي للحياة في وقت مبكر. لقد كرهت أن أكون الطفلة الصغيرة التي يشفق عليها بسبب فقد أمها وشققت طريقي في الحياة بشغف نحو كل ما أحلم به. بعد أن أصبحت أمًّا، أخذت الحياة منحنىً مختلفًا تمامًا وخاصة بعد إصابة زين بالسرطان. اختلفت الحياة كما أعرفها كأم وزوجة قبل وبعد السرطان. لقد شعرت بالامتنان كلما نظرت إلى الوراء لأتأمل كل الأوقات التي كان ممكن أن أنهار فيها بسهولة ولا أنهض بعدها أبدًا، لكن بفضل الله وبدعم من عائلتي وأصدقائي تمكنت من الوقوف مرة أخرى على قدمي وتحويل السلبية إلى ايجابية. واجهت كل هذه التحديات وحوّلتها إلى تجربة لإلهام ومساعدة الآخرين.

كيف تقبلتِ فكرة أن مرض ابنك المزمن مشكلة مستمرة في حياتك؟
المسألة تتعلق بأسلوب التفكير. لكن القول دائمًا أسهل من تنفيذه! في البداية، توقفت حياتنا تمامًا وكافحنا بشدة لنحظى ببعض اللحظات الطبيعية في الفترات الفاصلة بين علاجات السرطان. لكن ونحن نمضي قدمًا في رحلتنا، قررنا السيطرة على الأمور وتغييرها قليلاً. كانت تلك اللحظة التي أدركت فيها وقلت بصوت عالٍ أنه بغض النظر عن حالته الصحية، سأظل دائمًا أمًّا لمريض سرطان. ربما لم يعد المرض نشطًا مرة أخرى – لا سمح الله – ولكن العواقب والآثار الجانبية التي تظهر بعد السرطان على المدى الطويل لم تعد موجودة. في تلك اللحظة قررت أن هذا يكفي (لقد اكتفينا من هذا)! نحن نعيش كل يوم ونموت مرة واحدة! سأعيش كل يوم لأحدد أهدافًا، وأستمتع باللحظة، وبكل النعم التي أنعم الله عليَّ بها، وأسخر من كل الصعاب وأقبل لحظات الضعف التي تمر بنا. إنها رحلة ولقد قبلت حلوها ومرها.

أصعب التحديات التي قد تواجهها أية امرأة هي تربية طفل مصاب بمرض مزمن أثناء مواصلة الحياة الوظيفية. كيف تمكنت من ذلك خلال الأوقات العصيبة التي مريت بها؟
لا أعتقد أن كونك أمًّا يعني التخلي عن حلمك! كان هدفي الشخصي هو أن أكون كاتبة لها أعمال منشورة، فكوني أمًّا عَظَّم هذا الهدف وأشعرني بنوع مختلف من المسئولية. فطالما كنت أردد لنفسي أن عملي يجب أن يغيّر مجرى حياة القراء. وتصادف أن يحكي كتابي الأول قصة تغيير الحياة.

أعتقد أننا قدوة لأطفالنا ونعلمهم كيف يواكبون سير الحياة. ستكون هناك دائمًا قائمة من المسئوليات والعقبات، ومع ذلك علينا أن نخصص وقتًا لتحقيق أحلامنا مهما طال الوقت أو كثرت هموم الحياة. لم يكن الأمر سهلاً في حالتي، واستغرق الأمر وقتًا طويلاً! لكن المفتاح كان الإصرار وتحديد الأهداف هو سر النجاح، لا مفر من السقوط أثناء السعي نحو أهدافنا، ولكن استجماع قوتنا كل مرة هو كل ما يهم ويجعلنا أقوى.
 
الكتابة هي شكل من أشكال العلاج التعبيري الذي يخفف من الصدمات النفسية. هل الكتابة تساعدك على التنفيس عن ألمك النفسي؟
قطعًا! بدأت في كتابة هذا الكتاب أولاً في شكل خواطر قبل أن ألخصه وأصيغه في صورة كتاب. إنه يساعد بالتأكيد على التنفيس عن كل هذه المشاعر المختلطة. فكتمان تلك المشاعر لن يكون مُفيدًا أبدًا!

برأيك، هل يحتاج الأطفال المصابون بالسرطان والآباء إلى علاج نفسي لمساعدتهم على مواجهة هذا التحدي؟
هناك وصمة عار حول اللجوء إلى العلاج النفسي، البعض يعتقد أن الشخص الذي يسعى إليه يجب أن يكون فقد عقله، بينما في الواقع التحدث مع طبيب نفسي أو أخصائي نفسي يساعدنا بشكل كبير في أغلب الأوقات لوضع الأمور في إطارها الصحيح وتنظيم أفكارنا، خاصة عندما يتعلق الأمر بعائلة بها أطفال مصابون بالسرطان. تقديم الرعاية عمل شاق! ويثقل كاهلك ويؤثر علينا سلبًا، ونحن تلقائيًّا نضع أطفالنا دائمًا في المرتبة الأولى. لا يوجد عيب أو حرج أن نسأل أو نطلب مساعدة أخصائي نفسي إذا استدعى الأمر. لم نشعر بالحاجة إلى مساعدة ٱخْتِصَاصِيِّينَ مستمرة، لكن زوجي وأنا نعلم أنفسنا باستمرار كيفية تحسين مهارات تربية أولادنا، من خلال القراءة وسؤال ٱخْتِصَاصِيِّينَ عند اللزوم. أيضًا، التواصل هو المفتاح! أحد أهم الأشياء هو أن يتحدث الآباء بصراحة عن الموضوع،وبأن يسمح كل منهما للآخر بالتنفيس عن مشاعره وكذلك قضاء وقت منفردين معًا مع الأطفال.

54197814_250462919069431_2254328737673773056_nزين هو الطفل  المعجزة صاحب الابتسامة الجميلة ومصدر إلهام للعديد من الأطفال والأمهات. كيف طوَّر قوته الداخلية؟ كيف تصفين نظرته للحياة؟
هذا هو زين دائمًا ما كان ذلكالطفل الهادئ السعيد. أشعر أنه بسبب الطريقة التي قمنا بتمكينه من مرضه، ظل يتمتع بنظرة إيجابية ويستمتع بوقته فقط. وخصوصًا أنه فقد كثيرًا من طفولته مما يجعله يقدر كل اللحظات “الطبيعية” التي تمر به أكثر.

كيف تمكنت من شرح المرض والعلاج لطفل في هذا العمر؟ وكيف تلقى زين خبر عودة السرطان من جديد؟
تم تشخيص حالة زين لأول مرة وهو في الخامسة والنصف من عمره، حاولنا أن ننتقي كلمات بسيطة لوصف جسامة مرضه. ومع بداية رحلة العلاج​، حرصنا على إخباره كل شيء، خاصة الحقائق التي تتضمن الآلام الجسدية مع تأكيدنا له أننا سنظل دائمًا بجانبه وندعمه. فاللحظة التي نكذب فيها على أطفالنا أو نستهين بمشاعرهم أو بالوقائع التي يعيشونها، هي اللحظة التي نفقد فيها ثقتهم، وبالتالي يشعرون بالرغبة في الاستسلام. الأمر كان أكثر صعوبة عليه عندما عاود السرطان الظهور مرتين وهو في سن أكبر، وكان أكثر تماسكًا وإدراكًا للموقف آنذاك. بصرف النظر عن التحدث إليه، واحتواء مشاعره واحترامها، ودعمه والتخطيط المستمر أن يتواجد في بيئات أو تجمعات إيجابية وسعيدة، أو أن يخرج في نزهات بسيطة للحفاظ على استقرار الحياة وسلاستها. لا يمكننا أن نفعل كثيرًا سوى الدعاء له أن يمر بهذه المرحلة مرور الكرام وأن يعود إلى طبيعته مجددًا، كما نفعل نحن الكبار. الأطفال مثابرون! ونتعلم منهم ألا نستسلم.

يدور كتابك حول لحظات الأمل واليأس. كيف غيرت تجربتك مع زين حياتك؟
نحن نضخم معنى كل شيء في وقت الأزمات لدرجة أننا نرى الأشياء بشكل أكثر جسامة، فعندما نوشك على فقدان أبنائنا ونرى الموت يقترب، لا شيء يبقى على حاله أبدًا ..لا ترجع المشاعر والمعاني كالسابق أبدًا. أذكر عندما طلبوا مني أن آخذ زين إلى المنزل ثلاث مرات في ثلاث مناسبات مختلفة، فأقل ما يقال على تجربة أن أوشك على فقدان طفلي وأن أراه يتألم بشدة أنها غيرت مجرى حياتي. لهذا يأتي الأمل ليبهجنا ويلهمنا تمامًا ويأتي اليأس لنستكين ونخضع لحقيقة واحدة – وهي أن كل شيء يتغير ويمر. ومن هنا اخترت عنوان كتابي (عتمة ونور).

فنحن نملك الخيار إما أن نعيش في حالة يأس ولا نرى الأمل مهما أظهر نفسه لنا بشتى الطرق، أو أن نتمسك بالأمل خاصةً عندما تقسو علينا الحياة وتشتد. وأنا اخترت الخيار الثاني.

ما  أكثر الجوانب المجزية عندما تكونين أمًا لطفل مصاب بمرض مزمن؟
يعلمك أن تكون متواجدًا وحاضرًا! يعلمك أنه لا يوجد وقت نضيعه على أشياء سخيفة ولا يوجد مكان في حياتنا للأشخاص السامة أو السلبية. هذه التجربة جعلت عندي القدرة على التحمل وعلمتني آليات التأقلم بطرق لم تخطر ببالي أبدًا من قبل! على سبيل المثال، إذا كان بإمكاني المواءمةبين جلسة العلاج الكيميائي بعد إجراء عملية جراحية كبيرة أثناء القيادة إلى المستشفى ذهابًا وإيابًا مع طفلين أحدهما مريض بالسرطان، عندئذ يجب أن أعتبر الجمع بين عملي وتحضير شنط الغداء لأطفالي وجدول التمرينات الرياضية ومتابعة دروس المدرسة نعمة وليس مصدرًا للتوتر.

ما أعظم لحظات مرت بك مع زين؟
كثير من اللحظات! اللحظات التي بذل فيها قصارى جهده لتخطي المحن، واللحظات التي علّمني فيها دروسًا غيّرت حياتي دون أن يدري، واللحظات التي انهرت فيها ورأيت الأمل في عينيه… لقد ذكرتها جميعًا وأكثر من ذلك بكثير في كتابي. لحظات كهذه تضفي للحياة معنىً. وآمل أن يرى القراء تلك الرسائل وأن يطبقوها في حياتهم اليومية.

ماذا يريد زين أن يصبح عندما يكبر؟
زين يحلم أن يكون عالمًا يخترع الطعام لمحاربة السرطان ومكافحته بدلاً من العلاج الكيميائي والإشعاعي السام. من خلال رحلته مع هذا العلاج، دائمًا ما يتمنى أن يكون هناك علاج أقل قسوة على الجسم مثل العلاج الذي خضع له.

ما  أهداف منظمة “ارسم بسمة”؟ هل تخططين لمد أنشطتها إلى مصر؟
“ارسم بسمة” هي مؤسسة غير ربحية شرفت بالمشاركة في تأسيسها في كاليفورنيا؛ حيث أعيش حاليًّا، تهدف المؤسسة إلى نشر السعادة ومساعدة الأطفال المصابين بالسرطان بأن يشعروا بأنهم “طبيعيون” وأخذهم بعيدًا عن واقع السرطان، وذلك خلال إضفاء الطابع الشخصي على الخبرات والهدايا لمساعدة الأشخاص الذين يخضعون للعلاج على الحفاظ على نظرة إيجابية للحياة. نعتقد أن الابتسامة تقطع شوطًا طويلاً! لكن من الصعب إدارة المؤسسة نظرًا لأنني لا أعيش في البلد، لكنني دائمًا ما أشجع إطلاق أية مبادرات مستوحاة من منظمة “ارسم بسمة” تحت أسمائها الخاصة.

ما النصيحة التي تودين أن تشاركيها مع أسر الأطفال المصابين بالسرطان؟ كيف تمكنت من التغلب على التحديات والمخاوف التي يواجهها جميع آباء الأطفال المصابين بالسرطان؟
تلك التجربة ليست سهلة بالمرة! عليهم أن يتقبلوا الأمر وألا يخشوا شيئًا وأن يتركوا كل شيء بيد الله. خوفنا لا هوادة فيه، فنحن نزداد قوة عندما نتعايش مع الألم ونعثر على السعادة وسط كل هذه الأوجاع. عليكم أن تسألوا كثيرًا وأن تثقفوا أنفسكم بنفسكم، وأن تهيئوا لأطفالكم بيئة سعيدة وإيجابية، وأن تواجهوا التحديات بشجاعة. فالعالم يجب أن يتماشى معكم وليس العكس! كونكم آباء مريض بالسرطان هو أصعب وظيفة، فأنت بحاجة إلى نفسك وتحتاجان بعضكما لاستكمال رحلة الحياة.
 
54519312_407942123104671_3427607214737588224_nمن أعظم سند وسط الفوضى والخوف؟
زوجي! الشخص الذي يعيش معي دقيقة بدقيقة والثانية تلو الأخرى. قررنا أن نتحد معًا منذ اليوم الأول وأن نتحدث معًا عن تلك المحنة. كنا دائمًا نخصص وقتًا للتواصل الفعّال. كما تكاتف مجتمعنا معنا أيضًا عندما وجدونا منفتحين للتحدث عن هذا الأمر. في بعض الأحيان، البعض يرغب في المساعدة لكنهم لا يعرفون كيف. فالأمر يتطلب مشاركة الجميع! وكبشر، علينا أن نساند بعضنا دومًا.

بعد حصولك من موقع فيسبوك على لقب “سفيرة لوسائل التواصل الاجتماعي في منطقة الشرق الأوسط”، ما حملاتك المستقبلية التي تخططين لإطلاقها في مصر والشرق الأوسط لزيادة الوعي بسرطان الأطفال؟
إنه لشرف كبير أن أحصل على هذا اللقب خلال زيارتي الأخيرة لمصر؛ لأنني أعتقد أنه في الوقت الذي أصبحت فيه وسائل التواصل الاجتماعي لها تأثير هائل في عالمنا، عليناأن نستخدمها بحكمة وإيجابية. فقد ساعدتني هذه المنصة في الوصول إلى الملايين ونشر الرسالة بصوت عالٍ وواضح، وأعتزم الاستمرار في القيام بهذا الدور، مع جعله حقيقيًّا وفعًالاً.

لقد أطلقت حملتي الأولى مع منصة “ميجا خير” المتاحة عبر مواقع التواصل الاجتماعي وهي معنية بالأعمال الخيرية في مصر. أعلنت خلالها عن شراكتنا عن التبرع بنسبة من مبيعات كتابي الجديد لعلاج سرطان الأطفال في مصر، كما أشارك في العديد من المشروعات الأخرى للمساعدة في نشر المحتوى الإيجابي. وأنا في سعي مستمر لإقامة شراكات فعّالة ومثمرة من أجل الصالح العام.

لقد خلقنا الله لغرض ورسالة محددة. في ضوء رحلتك الصعبة والملهمة، ما مهمتك في الحياة؟
دوري كواحدة من النشطاء والدعاة لسرطان الأطفال تطور من دوري كأم مهمتها نشر السعادة والطاقة الإيجابية إلى كل من قابلتهم. أعتقد أن الجمع بين شغفي بمساعدة الآخرين والكتابة منحني هدفًا أكبر في الحياة. فالعيش كل يوم مع نشر محتوى إبداعي وبنّاء هي رسالة مستمرة لسنوات وسنوات؛ آمله أن تلهم أطفالي للتمسك بأحلامهم وعيش حياتهم بهـدف.
 
ما الرسالة التي تحبين أن توجهيها لأسرتك، وإلى جميع الأطفال المصابين بالسرطان وأولياء أمورهم؟
شكرًا لكم! شكرًا لكونكم مصدر إلهام لي، شكرًا لكم على دفعي للأمام ودعمكم لي في كل ما أقوم به! أحب أن أطلق على أطفالي أصدقائي المقربين وزوجي شريكي في الجريمة – لم تكن رحلة سهلة بالتأكيد، والله يعلم ما تخبئه لنا الحياة في المستقبل.

لكنني ممتنة لكل لحظة ولوجود أسرتي لجعل حياتي ورسالتي ذات معنى. وإلى جميع العائلات الأخرى المصابة بالسرطان، تحياتي لكم… أحييكم على شجاعتكم وقوتكم ومثابرتكم. لا تستسلموا أبدًا، وتمسكوا ببعضكم وخصوصًا في العتمة والأوقات العصيبة. فإيماننا يختبر فقط في الأوقات الصعبة، لذا كونوا دائمًا مستعدين للاختبار! الرحلة ليست سهلة بالمرة ولكنها ستغيركم إلى الأبد. وسيكون على عاتقكم أن تجعلوا هذا التغيير نحو الأفضل. أتوجه لكم بكل الحب والتقدير والاحترام لكم جميعًا… فأنتم رائعون.

ما  خططك المستقبلية على المستويين الشخصي والمهني؟
تم بيع كتابي بفضل الله، وإصدار الطبعة الثانية منه وأصبح من الكتب الأكثر مبيعًا في معرض القاهرة للكتاب وحاليًّا في الشرق الأوسط. وأهدف الآن إلى الشراكة مع ناشر بالولايات المتحدة أو المملكة المتحدة لإصدار النسخة الإنجليزية من الكتاب وبدء التخطيط لكتابي التالي. الآن بعد أن بدأت مشواري المهني، أنا متحمسة جدًّا لمواصلة الكتابة بهدف نشر المحتوى الإبداعي والإيجابي.

زوروا صفحة رضوي موسي-يوسف علي فيس بوك هنا

**إذا أعجبتك هذه المقالة، أشترك في المجلة لتصلك مقالاتنا في بريدك الالكتروني  

1 comments

أضف تعليق