لقاء مع الروائية والكاتبة د. رشا سمير

الأربعاء ٢٦ يونيو ٢٠١٩                         أجرت اللقاء – دينا المهدي

65255498_460278154547026_4771985029821628416_n

طبيبة الأسنان رشا سمير هي أيضا عضو باتحاد كتاب مصر، والمسئولة عن إدارة صالون إحسان عبد القدوس الثقافي. صدرت لها ستة مجموعات قصصية هي «حواديت عرافة» و«معبد الحب» و«حب خلف المشربية» و«يعني إيه راجل؟» الجزء الأول  والثاني و«دويتو» كذلك صدر لها ثلاثة روايات هي  «بنات في حكايات» والتي دخلت قائمة الأفضل خمسون رواية لعام ٢٠١٢، و«جواري العشق» والتي اشترتها قناةالـ mbcلتحويلها إلى دراما تلفزيونية وأخيرا «سألقاك هناك».

علي مدي الخمسة عشر عاما الماضية كتبت مقالات صحفية أسبوعية في العديد من الصحف والمجلات المصرية، بدأتها في مجلة صباح الخير ثم جريدة نهضة مصر وصوت الأمة وجريدة الوطن، ووصولا إلىجريدة الفجر المصرية الاسبوعية، والتي تكتب فيها أسبوعيا، منذ عشر سنوات،  مقال رأي سياسي بالتناوب مع القصة القصيرة والنقد الأدبي . كذلك تظهر كضيفة أسبوعية في برنامج «نشرة أخبار القاهرة والناس» للتعليق علي المشهد السياسي، وغيرها من البرامج.

53814283_342141353176080_1887549160639430656_n.jpgسيدات مصر: كيف تحبين أن تقدمي نفسك للقراء؟

رشا سمير: أقدم نفسي لهم كروائية مصرية، بدأت حياتي الأدبية منذ أن كنت في الخامسة عشر من عمري، أعشق القراءة وتربيت على حب الإطلاع وأقلام الروائيين الكبار..بدأت خطواتي الأدبية بكتابة الخواطر أو ما أسميه اللوحات الأدبية، ومنها إلى القصة القصيرة وأخيرا إنتقلت إلى الرواية بخُطى ثابتة.

أقدم نفسي أيضا كطبيبة أسنان، حاصلة على الماجيستير من جامعة القاهرة ولازلت أحافظ على ممارسة المهنة التي أحببتها.  و أقدم نفسي أيضا ككاتبة صحفية، دخلت إلى عالم الصحافة عن طريق المصادفة، فكان لي الحظ بأن أعمل مع رؤساء تحرير لهم باع طويل في الصحافة، شجعوني وأعطوني دفعة لإثبات نفسي ككاتبة مقال رأي..

أقدم نفسي أيضا كإمرأة وإنسانة كان لها حُلم واستطعت بفضل الله تعالى أن أحققه بمثابرة وإجتهاد، وكأم لإبنتين هما كل دنياي وحياتي وهما الدافع لي للنجاح دائما..فرح ونور..فهما بالفعل الفرح والنور لحياتي…

س م: ما سبب تركيزك على المرأة في معظم كتاباتك؟ وما السر وراء كتابتك “يعني إيه راجل؟” في جزءين؟

ر س: الموضوع ليس التركيز على المرأة بقدر ماهو أن المرأة مخلوق يستحق، إنسان تحتل مشاكله معظم الساحات عن جدارة..وإذا كان من يقرأون لي يصنفونني بأننى قلم نسوي فأنا أعتقد أن هذا بسبب عدم وضوح فكرة الكتابة النسوية والكتابة النسائية.. والفرق شتان..

النسوية هي كتابة ما يتصدى لقضايا المرأة ويسلط عليها الضوء ، أما الكتابة النسائية فهي فقط الأعمال التي تكتبها النساء دون الرجال..ولا نغفل أن هناك رجال يصنفون كأقلام نسوية عن جدارة مثل إحسان عبد القدوس ونزار قباني على سبيل المثال وليس الحصر..

أما عن كتاب (يعني إيه راجل؟) فهي محاولة للكتابة التي تتماشى مع روح العصر، فأنا تعودت أو عودت جمهوري أن أكتب الروايات باللغة العربية الفُصحى التي تقع في ٤٠٠ و٥٠٠ صفحة، وعادة ما تكون روايات تاريخية أو روايات بها إسقاط سواء إجتماعي أو سياسي، فكان التحدي في هذه المجموعة القصصية أن أتجه للأدب الساخر، وقد كان ونجحت المجموعة القصصية جدا..وبعد كتابة الجزء الأول في ٢٠١٠ قررت أن قوم بعمل جزء ثاني في ٢٠١٩ يتسق مع مقتضيات العصر وإختلاف المفردات ومدى التحولات التي طرأت على المجتمع مؤخرا وخصوصا على علاقة الرجل بالمرأة.

52598132_2386829504971887_3635345583025160192_nس م:   كيف استطعت أن تطوري من موهبتك لتكتبي بشكل احترافي؟

ر س: أنا لم أدرس الأدب، لأن دراستي علمية ولكني أعشقه منذ نعومة أظافري وفي إعتقادي أن أول الطريق إلى إحتراف الكتابة هو القراءة..القراءة بشكل دائم ويومي ولكافة الأقلام يفتح نافذة على عالم الأدب بمفرداته وصوره وأفكاره المختلفة، كما أن متابعة الأدب العربي والمترجم أيضا إضافة هامة لكل كاتب، لأن الثقافات المختلفة نافذة بشكل أكبر على مختلف الأقلام..هكذا شجعنا من سبقونا وهذه هي نصيحتي لكل من يحاول أن يطرق باب عالم الإبداع..

س م: هل الكتابة الصحفية أثرت على كتاباتك الأدبية؟ أم العكس؟

ر س: الحقيقة أن هناك مفهوم سائد أن الصحافة عادة ما تأثر سلبا على الروائي، ولكن من وجهة نظري أن كلاهما له تأثير على الآخر..فالصحافة تأثيرها وقتي ومرتبط بحدث ما والنجاح هنا يأتي الكاتب عقب نشر مقاله مباشرة عن طريق السوشيال ميديا وهو ما يختلف قليلا عن الرواية التي تحتاج إلى وقت ومجهود أكبر لكي تنتشر وتترك تأثيرا وتحدث نجاحا، كما تحتاج إلى تواصل مع الجمهور وترك مساحة وقتية للتفاعل معه..

من وجهة نظري أن الصحافة قطعا تضيف للروائي لأنها تعرفه بقاعدة أعرض من القراء لم تكن لتعرفه فقط من خلال الكتاب الورقي، كما أنها تمكنه من ممارسة الكتابة بشكل أسبوعي أو يومي مما يقوي مفرداته وأفكاره.

أغلب الروائيون الكبار مثل إحسان عبد القدوس ويوسف إدريس وخيري شلبي كانوا أقلاما صحفية على هامش الإبداع الروائي وحققوا نجاح على الصعيدين معا..

س م: ما أقرب شخصيات أنثوية أو ذكورية – كتبتِ عنها في رواياتك – إلى قلبك؟ ولماذا؟

ر س: الحقيقة هما شخصيتان..والغريب أنهما عكس بعض تماما..

«قمر» أحد ثلاث بطلات رواية – جواري العشق- وهي جارية من العصر المملوكي لكنها جارية قوية تمتلك من الإيباء والكبرياء ما دفعها للتحرر وللبحث عن كيان خاص بها..إمرأة تصدت للظلم وتغلبت بفضل قوتها وإيمانها بنفسها، نموذج للمرأة التي تعي جيدا معنى وقيمة الحرية..عشت بكل جوارحي مع قمر لدرجة جعلتني أكاد أن أقسم أنني لو رأيتها في الشارع سأعرفها أو دعيني أقول أنني كلما أغمضت عيني أثناء كتابة الرواية كنت أراها وأحاورها..

والشخصية الثانية هي «نيلوفر» بطلة رواية – سألقاك هناك- وهي من أقرب رواياتي إلى قلبي بل وأعمقها مضمونا..نيلوفر نشأت كطفلة منكسرة، مظلومة، مهزومة وترعرت كسيدة لا تمتلك سوى الألم ومزيد من الإنكسار..عاشت تحلم بالرجل القوي المنقذ وخابت أمالها على أعتاب رجل مثل الوحش الكاسر أهدر كرامتها..باتت تنتظر العشق حتى تلتقي به..فتعاطفي مع نيلوفر نابع من وجع شديد كان يسكنني كلما كتبت حوار عن لسانها أو مشهد كان القهر فيه حليفها..

قمر ونيلوفر هما بالقطع  أقرب وأجمل شخصيات رواياتي..

53074201_2117921054965554_5800328478272258048_nس م: من خلال أعمالك، تتجسد قضايا المرأة في العالم العربي.. ما الرسالة التي تسعين إلى تقديمها من خلال كتاباتك، وما المبادئ والقيم التي تحرصين على تسليط الضوء عليها؟

ر س: أحرص دائما على تسليط الضوء على قضايا المرأة في عالمنا العربي وما أكثرها، أنا قارئة جيدة لأدب المرأة بكل اللغات وأرى أن الأوجاع واحدة والقضايا متشابهة، وربما هذا هو ما دفعني لأكتب عن قهر المرأة في إيران، من مجرد قراءات في الأدب الإيراني أوحت إلي بالفكرة.. أحاول جاهدة أن تكون رواياتي في إطار رومانسي مشوق يمر بنعومة بين صفحات حكايات من التاريخ ليقدم معلومة جديدة أو قيمة قد تنتقل إلى أجيال آتية يكون لها الفضل في تحريك ساكن أو تقديم صورة تساعدهم على حل مشكلات المجتمع المصري والعربي معا.. أحاول جاهدة أن ابتعد عن الإسفاف والإبتذال والقصص التافهة التي ينتهي منها القارئ بلا معنى أو رسالة، فكل إبداع يجب أن يكون له رسالة حتى لو كان لمجرد الإمتاع.

س م: ومن الكُتاب الذين تأثرت بهم في مسيرتك الأدبية؟

ر س: في بداياتي تأثرت بالطبع بجيل عظيم كان له تأثير على المشهد الثقافي أنذاك وحتى اليوم، وهي ما أسميها أنا بمرحلة العمالقة، مثل إحسان عبد القدوس ويوسف السباعي ونجيب محفوظ وأحمد عبد الحليم عبد الله ونزار قباني ويوسف إدريس وغيرهم من من شكلوا وجداننا الأدبي طويلا..

كثيرون ممن يقرأون لي يقولون أن كتاباتي أقرب إلى كتابات العظيم إحسان عبد القدوس وهذه شهادة كبيرة جدا لأي كاتب، ولو كنت أنا جزء على مليون من أديب عظيم مثله (رحمه الله) لكن هذا وساما على صدري..

س م:   كيف استطعت ان تواظبي على الكتابة الأدبية والصحفية أثناء ممارستك مهنة الطب؟ وكيف أثرت مهنتك كطبيبة أسنان على مسيرتك الأدبية؟

ر س: وقتي اليوم مقسما ما بين طب الأسنان والرواية والصحافة والظهور على شاشات التلفزيون بشكل منتظم وإدارة صالون إحسان عبد القدوس الثقافي والتواجد بالندوات ومعارض الكتاب، مما جعل الوقت يطير من بين أصابعي مثل الدخان، لكن محاولاتي الجادة لتنظيمه والمحافظة على النجاح في جميع المجالات على الرغم من تأثير هذا المجهود النفسي والبدني علي، هو سر نجاحي ووقوفي على أرض صلبة بفضل من لله سبحانه وتعالى وفضل أسرتي وكل من وقف بجانبي داعما لي.

52708446_604593779968356_5241446030678949888_nس م: هل يعد سر نجاح رواياتك كونها مستوحاه من أحداث حقيقية؟

ر س: رواياتي ليست جميعها مستوحاة من أحداث حقيقية، فقط (بنات في حكايات) كانت مستوحاة من نماذج كثيرة صادفتها من المراهقين أثناء وجودي في مدرسة بناتي ومن خلال أصدقائهم، فكان سر نجاح الرواية هو صدق نبضها الذي وصل للقارئ وسكنه لأنه وجد فيه نفسه، أما باقي الروايات فهي جميعا روايات خيالية تاريخية، ربما بها ملمح من بعض الشخصيات الحقيقية التي صادفتها وهذا طبيعي لأن الكاتب يصنع ملامح أبطاله من الواقع الذي يعيشه، ويختزن في خياله نماذج لمن يقابلهم ليستدعيها وقت الكتابة.

س م: الأعمال الأدبية المميزة تخلد بتحويلها الي اعمال درامية، مع أم ضد هذه المقولة؟

ر س: مما لاشك فيه أن تحويل الأعمال الروائية إلى أعمال درامية هي خطوة تُضيف للروائي من حيث الإنتشار لأن مشاهدي التلفزيون والسينما أكبر عددا من قراء الروايات، مما يفسح مجال أكبر أمام الروائي لكي يصل إلى شريحة أكبر من الجمهور..لكنه سلاح ذو حدين، فتجسيد الأعمال الروائية على الشاشة قد يضر بها في بعض الأحيان لأن السيناريو في أغلب الوقت يحتاج إلى تغيير ورؤية مختلفة قد تجعل العمل يبدو مختلفا عن الرواية الأصلية، وبالعودة إلى الكثير من التجارب السابقة نجد أن الأعمال الدرامية جاءت أضعف من الأعمال الأصلية وأنا أعرف الكثير من الروائيين الذين ندموا كثيرا على بيع رواياتهم للدراما، والعكس صحيح لو كان العمل الأدبي في الأصل ضعيفا أو ركيكا، هنا يكون طرحه على الشاشة مكسب للكاتب..لكنها في المُجمل خطوة هامة لأي كاتب يبحث عن المزيد من الإنتشار..فالدراما تدخل البيوت دون إستئذان.

س م: إلى جانب الكتابة، ما الدور الذي تلعبينه كواحدة من المثقفين العرب في الفترة الحالية للتوعية الثقافية بقضايا المرأة ومشكلاتها؟

ر س: أعتقد أن الكاتب دوره لا ينتهي عند الكتابة ، الكاتب دوره نشر الثقافة ومحاولة التواصل مع الأجيال الأصغر من الكُتاب وخلق قدوة حقيقية لأجيال تبحث عن قدوة.. وهو ما أحاول أن أقوم به من خلال مشاركتي في أي دعوات خاصة بطلاب المدارس والجامعات لعقد ندوات والتواصل مع الشباب، كما أنني أحد أعضاء أكثر من نادي للكتاب ممن يشجعون الناس على القراءة ومناقشة الكُتب بصفة شهرية، وأحاول أيضا من خلال تقديمي نقد أدبي أسبوعي أن أتناول الأعمال المكتوبة بأقلام نسائية بشكل أكبر لتعريف القراء بالأقلام النسائية العربية والأوروبية التي عادة لا تنال قسط كبير من الإهتمام..

وأخيرا أنا سعيدة جدا بإدارتي لصالون إحسان عبد القدوس الثقافي ونجاحي في إستضافة شخصيات هامة من خلال طرح مواضيع ثقافية وفنية وأدبية، لأن إقتران إسمي بإسم الروائي الكبير إحسان عبد القدوس من خلال صالون يحمل إسمه وفي وجود نجليه وبإشادة كبيرة من أسرته هي خطوة هامة في حياتي.

65036029_444717212750410_7094087002806550528_nس م:   كونكِ أم عاملة، ما العقبات والتحديات التي واجهتك كامرأة في حياتك الشخصية وحياتك المهنية؟

ر س: تنظيم الوقت كان التحدي الأكبر ومحاولة التوفيق بين عملي طبيبة ودوري كأم ومحاولات الإنتشار وإثبات نفسي كروائية كانت عقبات كثيرة، لكن وبفضل من الله سبحانه وتعالى إستطعت أن أتخطى تلك العقبات وأحقق حمدا لله نجاحا كبيرا وتوازن في حياتي..ربما تأخر نجاحي بسبب إلتزامي بدوري في تربية بناتي ووجودي بجانبهما وقتما كانا أطفالا إلا أن نجاحهما هو نجاحي الأكبر ووجودهما بجانبي ودعمهما لي هو نتيجة علاقة رائعة تربطني بهما.

س م:   الكاتبة رشا سمير، ما جديدك في الفترة القادمة؟

ر س: أكتب رواية جديدة، أتمنى الإنتهاء منها قريبا لأنها إستغرقت حوالي عامان من الكتابة.

س م: في النهاية .. ما كلمتك الأخيرة للقراء بوجه عام وللسيدات في مصر والوطن العربي بوجه خاص؟

ر س: أشكر قرائي في مصر والوطن العربي على دعمهم الدائم لي وعلى كل الحب والتقدير الذي ألاقيه في كل لقاء لي بهم سواء على الصعيد الداخلي أو الحفاوة التي يقابلوني بها في معارض الكُتب العربية.. أما كلمتي للنساء، فأنا أدعوهن للتماسك والنجاح والوقوف معا في وجه كل ما يواجههن من تحديات.. وأقول لهن أننا قادرات على تحقيق أحلامنا مهما حاولت الظروف عرقلتنا، دعونا نتمسك بالحُلم والأمل، دعونا نحلُم ونصنع النجاح.

لمتابعة المزيد من أعمال الكاتبة  د. رشا سمير زوروا صفحتها علي فيس بوك

 إذا أعجبتك هذه المقالة، أشترك في المجلة لتصلك مقالاتنا في بريدك الالكتروني **

 

1 comments

أضف تعليق