لقاء حصري مع كاتبة السيناريو مريم نعوم

السبت ٤ أبريل ٢٠٢٠                 كتبت – أليكساندرا كينياس

2018112013225459A3في شهر رمضان، ومنذ عام ٢٠١٣، تأسر كاتبة السيناريو الأكثر شهرة مريم نعوم الجمهور بحبكاتها الدرامية، في مجال لا يحقق فيه الأعمال النسوية نجاحا كبيرا. مسلسلاتها مليئة بالشخصيات النسائية المعقدة، شخصيات واقعية لم يسبق من قيل تصويرهن في أعمال درامية.

في عام ٢٠٢٠، مريم ناعوم تجتمع في عمل جديد من المخرجة كاملة أبو ذكري، وهو فيلم تحت المظلة عن مجموعة القصص القصيرة للأديب العالمي نجيب محفوظ، وينتظر ان يكون هذا الفيلم من أضخم الإنتاجات السينمائية العربية، خاصة أن الرواية تضم ٥ قصص منفصلة، إضافة إلى القصة الرئيسية “تحت المظلة.  مريم هي أيضا مؤسسة ورشة سرد للكتابة الدرامية، والتي بالإضافة الي كتابتاها المنفردة، تعمل من خلال الورشة علي الإشراف علي أعمال أخري للعديد من كتاب السيناريو الأخرى.
فيلم المظلة هو الفيلم الثالث لمريم بعد فيلم واحد صفر وفيلم بين بحرين (كتابة ورشة سرد)، بالإضافة الي ذلك، عرض لها عشر مسلسلات، بعضها كتبته بمفردها، والبعض الأخر من خلال ورشة سرد.

. – كان لنا معها هذا اللقاء

سيدات مصر: في رأيك ما الذي يشكل تحديًا أكثر؛ كتابة سيناريوهات بالكامل، أم المشاركة في الكتابة أم المعالجة الدرامية لأعمال الأدبية وتحويلها إلى أفلام أو مسلسلات؟
مريم نعوم: لكل نوعية التحدي الخاص بها. فكتابة العمل كاملاً بشكل منفرد يتطلب وقتاً مضاعفاً في بحث ودراسة الموضوع ثم كتابته، وهذا الوقت لا يتوفر بالضرورة في لجميع الأعمال، مما يحرم المؤلف أحياناً من فرصة كتابة عدة مسودات للتجويد. بينما الكتابة من خلال الورشة تتميز بإمكانية تقسيم الأدوار على أعضاء فريق الكتابة، مما يعطي فرصة كتابة عدة مسودات، ولكن في هذه الحالة يوجد تحدي مراجعة كل كلمة تمت كتابتها والتأكد من وجود هارموني بين جميع الكتاب، وأن حوار الشخصيات (أسلوب كلامها) لا يختلف ما بين كتاب وآخر. أما تحويل النص الأدبي، فهو تحد ثالث، لأنه يتطلب قراءة واعية للنص، وفهم حقيقي لوجهة نظر المؤلف للحفاظ على روح النص الأدبي، كما أنه يتطلب الكثير من الإضافة والحذف والتطوير لأن النص الأدبي كوسيط يختلف كل الاختلاف عن الأفلام والمسلسلات التي تعتمد على الصراعات الخارجية أكثر بكثير من الصراعات الداخلية التي يعتمد عليها الأدب.

س م: إذا قارنا بين كتابة سيناريوهات الأفلام والمسلسلات من وجهة نظرك أيهما يعطيك مجالا أكثر في الحرية ولماذا؟
م ن: إذا كنا نتحدث عن الحرية من وجهة نظر رقابية، فالأفلام بها قدر أكبر من الحرية. أما إذا كنا نتحدث عن الحرية الدرامية، فأرى أن المسلسلات بها ميزة كبيرة وهي القدرة على تطوير الشخصيات ومتابعة رحلتهم على فترة زمنية أطول، مما يجعل المتفرج يتعلق بشخصيات المسلسل أكثر من شخصيات الأفلام.

س م: هل يوجد أعمال أخرى تكتبينها حاليًا؟
م ن: في شركة سرد (الورشة) نعمل على عدة مسلسلات، بعضها تم التعاقد عليه بالفعل، والبعض الأخر في مرحلة التطوير لعرضه على شركات الإنتاج والمنصات الرقمية. أما أنا بشكل فردي فأعمل على فيلم “تحت المظلة”.

س م: ما هو مصدر الإلهام لك أثناء كتابة سيناريوهاتك؟
م ن: المجتمع من حولي. أغلب أعمالي تتناول مجتمعنا بكل طبقاته وصراعاتها. حتى الأعمال الأدبية التي قمت بمعالجتها، كانت المعالجة تصب في نفس الاتجاه. محاولات مختلفة لتشريح المجتمع من أجل فهمه وعكس صورته بصورة تحث المتفرج على إعادة التفكير في المسلمات، وخلق جدلاً مجتمعياً حولها.

mariam-webس م: هل فكرتِ في كتابة الروايات أيضًا؟
م ن: لا، لم أفكر أبداً، ولا أظن أنني أمتلك ملكة الكتابة الأدبية، فهي تتطلب موهبة خاصة لست متأكدة من أنني أمتلكها.

س م: تعاونت كثيرًا مع المخرجة كاملة أبو ذكري، ثم كانت هناك فترة راحة بينكما، ثم تتعاونان مرة أخرى؟ ما الذي يبقي التعاون بينكما مستمرًا؟
م ن: أعتقد أنها الكيمياء كما يسميها الكثيرين. لدينا قدر كبير من التفاهم الفني الذي يجعلنا نكرر التجارب تجربة بعد الأخرى.

س م: هل فكرتِ في العمل في مجال الإخراج أو الإنتاج؟
م ن: لا، لم أفكر على الإطلاق، الكتابة هي أكثر ما أحب، وأسعى دائماً لتعلم المزيد من أجل الارتقاء بمستوى ما أكتبه أو ما يتم كتابته في شركة “سرد”.

س م: ما الذي جذبك لكتابة سيناريوهات الأفلام؟
م ن: أحب مشاهدة الأفلام والقراءة منذ الصغر، وكنت أبحث عن الأفلام من كل النوعيات والجنسيات وأشاهدها بشغف كبير. وبالتالي عندما وصلت لسن الدراسة الجامعية، اكتشفت أن ما كنت أظنه هواية بجوار الدراسة، هو ما أريد أن أحترف العمل به. فتركت دراستي وتقدمت إلى معهد السينما لدراسة السيناريو.

س م: هل كتبت أية أعمال قبل سيناريو فيلم واحد صفر؟
م ن: كتبت عدة أفلام قصيرة، ومسلسلات للأطفال، وعملت بإعداد النسخ العربية من أعمال ديزني.

س م: في صغرك، ما هي الأفلام أو الروايات التي ألهمت شغفك الإبداعي؟
م ن: يصعب الرد على هذا السؤل، قرأت المئات من الكتب، وشاهدت المئات من الأفلام في مرحلتي المراهقة والجامعة. مكتبة والدي كانت ضخمة وعامرة بكل أنواع الكتب، فبدأت بقراءة كلاسيكيات الأدب المصري والعالمي منذ سن مبكرة للغاية، وصولاً لقراءة كل ما تقع يدي عليه. ولكنني أتذكر الفيلمين اللذان كانا السبب في حسم أمري وترك دراستي الجامعية في باريس والعودة لمصر لدراسة السينما. وهما فيلم “يا مهلبية يا” للمخرج شريف عرفة، والذي شاهدته حين عرض في باريس. وفيلم “أندرجراوند” للمخرج إمير كوستوريتسا.

maxresdefault-258س م: في ظل سوق الأفلام المحدود اليوم، بالنسبة لكاتب سيناريو الجدد والغير معروفين، ما هي أفضل طريقة للترويج لأعمالهم؟
م ن: للأسف الموضوع يزداد صعوبة يوماً بعد يوم، من ناحية بسبب قلة عدد الأفلام التي يتم انتاجها عن ذي قبل، ومن الناحية الأخرى بسبب تزايد عدد الكتاب لأن تعلم حرفة الكتابة لم يعد مقتصراً على خريجي معهد السينما أو غيرهم من الدارسين. وبالتالي يتطلب الأمر قدراً من التوفيق في وصول الكاتب الموهوب للمخرج أو المنتج المناسب.

س م: هل لديك نصيحة لكتاب السيناريو الشباب؟
م ن: السعي الجاد لدراسة حرفية كتابة السيناريو، السيناريو ليس فقط موهبة، بل له أسس يجب تعلمها من أجل الحصول على فرصة حقيقية وسط الكم الهائل ممن يريدون الكتابة. حتى هذه اللحظة مازلت أسعى للتعلم، فهي عملية لا تنتهي، حتى السيناريست المحترف يجب أن يطور من نفسه باستمرار كي يتمكن من مواكبة العالم من حوله.

س م: فيلم واحد صفر كان فيلم يدور حول شخصيات، ما هو أفضل وسيلة تساعد كاتب السيناريو على بناء شخصيات درامية باحترافيه؟
م ن: التركيز مع التفاصيل من حوله، رسم أي شخصية درامية يتطلب وعي بالعالم من حولنا للحصول على المصداقية. القراءة في علم النفس أو على الأقل سؤال متخصص، فالبعد النفسي للشخصيات هام للغاية، فهو الذي يخلق دوافعها ويحركها. التفكير في تاريخ الشخصية من أجل بناء حاضرها الذي سنراه في العمل. وغيرها من التفاصيل، لذلك أقول باستمرار أن الدراسة والقراءة في حرفية الكتابة هامة للغاية.

س م: أثناء كتابة السيناريو، ما الذي يشكل تحديًا بالنسبة لكِ: الحبكة أم الشخصيات أم الحوار؟
م ن: هذا يتوقف على نوعية العمل، ولكن بالخبرة تقلل التحديات تدريجيآً، خاصة فيما يخص الشخصيات والحوار، ويظل التحدي دائماً هو إيجاد حبكة جذابة ومدهشة للمتفرج. ولكن بشكل شخصي كل أعمالي معتمدة على الشخصيات أكثر من الحبكة، وهي الطريقة التي تعتمد عليها أغلب المسلسلات في العالم Character driven

1_8_4س م: كم عدد المسودات التي تكتبيها قبل الانتهاء من النسخة النهائية؟
م ن: هذا يتوقف على الوقت المتاح، طالما لدي الوقت سأعمل على التجويد حتى لحظة التصوير حين يسحبون مني السيناريو مثل سحب ورقة الامتحان من الطالب. في فيلم واحد صفر كتب ٨ مسودات، وفي المسلسلات في الأغلب لا أمتلك الوقت لكتابة سوى ٣ مسودات على الأكثر.

س م: كيف تتغلبين على قفلة الكاتب – Writer’s Block؟
م ن: اتوقف عن كتابة العمل الذي لدي فيه بلوك، وأنتقل لعمل ثان في مرحلة سهلة وأعمل به قليلاً حتى أشعر بأنني استعدت صفاء ذهني تجاه العمل الأساسي.

س م: برأيك، كيف أثرت مهرجانات سينما المرأة؛ أسوان والمرأة والقاهرة على السيدات العاملات في المجال السينمائي؟
م ن: هذه النوعية من المهرجانات موجودة حول العالم وفي بلدان عربية أيضاً، وأعتقد أنها ستعطي فرصة للكثير من السينمائيات لعرض أعمالهن، كما ستعطي فرصة لعرض أفلام تتناول موضوعات عن المرأة قد لا تجد فرصة العرض في مهرجانات أخرى.

س م: فيما يخص المرأة، ما الأهداف التي ترغبين في تحقيقها أو الموضوعات التي تودين التركيز عليها في صناعة السينما؟
م ن: نعمل في “سرد” على عدة موضوعات تتناول حكايات نسائية، ولكننا نعمل بتأني لأن كل من تلك الموضوعات يحتاج للكثير من البحث والدراسة قبل البدء في الكتابة.

س م: من وجهة نظرك، ما هو الصعوبات التي تواجهها المرأة في مجال صناعة السينما في مصر؟
م ن: مجال السينما والتلفزيون مجال صعب في كل مكان في العالم، وتتضاعف صعوباته في مصر. وهي صعوبات تواجه جميع العاملين سواء رجال أو سيدات. فعلى الجميع تحمل العمل الشاق لساعات طويلة للغاية، والضغوط النفسية، والتنافسية الشديدة وغير الشريفة في أحيان كثيرة.

ولكن ما يزيد الصعوبات على السيدات تحديداً هو أننا في مجتمع ذكوري، وبالتالي مجال مثل مجالنا يحتاج لمحاربات!!

** إذا أعجبتك هذه المقالة، أشترك في المجلة لتصلك مقالاتنا في بريدك الالكتروني

أضف تعليق