٥ سبتمبر ٢٠٢٤
حاورتها الكاتبة ميساء جيوسي
تتعدد اذرع الدبلوماسية المصرية وتتشعب فهي دبلوماسية عريقة تحاور بأدوات متميزة سواء عن طريق الانتشار الواسع في مجال الآثار وما يتم عرضه في المتاحف العالمية من قطع تتصل بالحضارة الفرعونية الثريةـ او من خلال السينما المصرية وانتشارها إقليميا ودوليا وحصول ممثلين مصريين على مكانة عالمية نذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر عمر الشريف، مرورا بالمبدعين في الغناء الذين يتركون بصمة إقليمية وعالمية ومنهم السوبرانو المتألقة فرح الديباني التي ترنمت على أوتارها باريس بأنوارها في أكثر من مناسبة هامة وحصدت من الجوائز العالمية الكثير. والقائمة تطول بين فن وغناء ورياضة وعلوم وآثار. في هذا المقال نحاول إلقاء الضوء على الاولمبياد الحالية والتي تشهدها باريس ونضيئ على المشاركة المصرية الفاعلة فيها من خلال حوار نجريه مع حرم السفير المصري في فرنسا السيدة مهيتاب مرزوق.
- لمسنا حرص حضرتك منذ اليوم الأول على استقبال اللاعبين بشكل شخصي رفقة سعادة السفيرعلاء يوسف، كيف كان شعور حضرتك والبعثة المصرية تصل لحضور هذه الفعاليات؟
دعينا نبدأ من أكثر لحظة تركت في نفسي فخرا وثقة بقدرة الشباب المصري على المنافسة والتميز وهي لحظة عزف النشيد الوطني المصري وتتويد البطل المميز أحمد الجندي بالميدالية الذهبية وتحطيمه الرقم العالمي، وفي ذات اللحظة كنت أتابع تتويج البطلة سارة سمير وهي تتوج بالميدالية الفضية في صورة مبهجة من الإحتفاء بالانجازات المصرية في المجال الرياضي. حقيقة كان لدي مشاعر مختلطة كلها تدور في فلك الفخر والبهجة والتباهي في هذا المهرجان الرياضي الكبير وأنا أرى مجموعة كبيرة من الشباب والشابات الواعدين يحملون علم مصر في محفل كبير وحدث هام كهذا. آخذين بعين الإعتبار بأن التأهل للأولمبياد بحد ذاته ليس بالأمر السهل على الإطلاق فهناك متطلبات ومعايير معينة تجعل من الأمر تحديا كبيرا ومجرد تواجدنا فيه وتمثيل مصر هو مدعاة للفخر. خاصة بأن الكثير من المشاركين هم من فئة الشباب الواعد وأغلبية البعثة المصرية هي من الشباب وهم في نظري المستقبل وهم من نعقد عليهم الآمال في الدورات الأولمبية القادمة.
- تابعنا حرصكم على حضور عدد من المباريات، فهل لك أن تخبرينا بنوعية المنافسات التي قمتي بحضورها وأي منها كان لها وقع مختلف في نفسك؟
حضرت الكثير من الفعاليات ما أمكنني ذلك، أذكر على وجه التحديد “الخماسي” بكل مراحله كان لدينا منافسين من الذكور ومنافستين من الإناث وحرصت على حضور المراحل كافة وهي لعبة تفرض تحديا كبيرا على المشاركين، لاحظت بأن المشاركات من الإناث هم في سن صغيرة جدا فمثلا ملك إسماعيل بلغت المرحلة النهائية في رياضة الخماسي وتبلغ من العمر 19 عام، كذلك اللاعبة ملك توفيق في رياضة الغطس وتبلغ من العمر 16 عام وعلياء صالح عشرين عام في الجمباز الإيقاعي. افهذا ترك في نفسي أثرا طيبا ونظرة متفائلة لمستقبل الرياضة في مصر. فريق كرة اليد أيضا أبلى بلاء حسنا، حيث كان الجمهور الفرنسي يشجع أداءه خاصة وأننا تعادلنا مع الفريق الفرنسي، وحصلنا على إحترام الجمهور المحب لهذه الرياضة. فمن المهم الاهتمام بهذه المواهب ورعايتها. قمت بحضور بعض الرياضات المائية كذلك مباراة فريق بنات كرة يد الشاطئ أبلى بلاءا حسنا بغض النظرعن أننا لم نحرز نتائج متقدمة. فمواصفات المشاركة والوصول للاولمبياد ليست بالأمر السهل. حرصت على حضور اكبر عدد ممكن من الفعاليات وفي كثير من الأحيان كنت احرص على حضور منافسات بشكل شخصي بينما أتابع ما لا يمكنني التواجد فيه عبر تطبيق يتيح لي متابعة كل المنافسات التي تشارك بها مصر.
هل ترين الرياضة كوسيلة وأداة دبلوماسية ناعمة للتقريب بين الشعوب وجسر الهوة بين الثقافات المختلفة؟
الرياضة ليست فقط أداة دبلوماسية بل أداة تواصل شديدة الأهمية خصوصا وأن مصر نافست في ألعاب ومباريات وكانت هي الدولة العربية والإفريقية الوحيدة الممثلة فيها، ومنها الجمباز الإيقاعي، الغطس، الخماسي، ورياضة كرة اليد الشاطئية والسباحة التوقيعية الشيش وغيرها. وهذا يظهر مدى إهتمام الدولة المصرية بالرياضة بكافة أشكالها الفردي منها والجماعي. والعديد من هذه الرياضات هي رياضات تنم عن رقي وتطلب مجهودا كبيرا ومضنيا. على سبيل المثال السباحة الإيقاعية حيث تواجدت مصر في المنافسات جنبا إلى جنب وعشرة دول أخرى هي من أقوى الدول في هذا المجال. وكانت الدولة العربية والإفريقية الوحيدة المشاركة في هذه الرياضة.
دعيني اذكر لكي بأني تأثرت كثيرا جدا حينما قام المذيع في الاستاد خلال فعاليات الجمباز الإيقاعي بوصف اللاعبات المصريات قائلا “the grace and attitude of the Egyptian gymnasts “ في وصفة للرقي والسلوك الخاص بلاعبات مصر. وهذا بحد ذاته رسالة واضحة تبين مدى الإحترام والتقدير الذي يكنه الجمهور الفرنسي للاعبات الفريق المصري. كان معظم الحضور من الفرنسيين في المدرجات بسبب تواجد فرنسا في كافة الألعاب ولكن المفارقة بأن الجماهير الفرنسية وغيرها من الجماهير كانت تحتفي بالأداء المصري في مباريات مختلفة لا سيما كرة طائرة الشاطئ التي يعلمون مدى تميز مصر بها، حيث كانو ينادوا اللاعبين بأسمائهم. فالرياضة بلاشك أداة دبلوماسية مهمة جدا جدا وأداة تواصل وهي تروج بشكل غير مباشر للسياحة في مصر.
- كيف تقيمين المشاركة النسوية المصرية في هذه الأولمبياد ولا سيما أننا شهدنا تميز العديد من اللاعبات المصريات؟
كنت فخورة وسعيدة جدا وأنا أرى أعداد كبيرة من المشاركات المصريات في البعثة المصرية وهن صغيرات في السن. وهن في المقام الأول متأهللات عن إفريقيا وفزن في مباريات وتحديات سابقة. نافسن في العديد من الرياضات والغطس ورفع الأثقال والشيش والخماسي وكرة الطائرة الشاطئية والسباحة التوقيعية.
- كلمة من حضرتك للرياضيين المصريين سواء الذين حالفهم الحظ بتسجيل ارقام أو لمن لم يحالفهم الحظ؟
أود أن أقول لك بأن مجرد الوصول للاولمبياد تعني بأنهم أبطال سواء ذكور أم إناث. فهذا تحدي ليس بالسهل وهم ينافسون لاعبين متدربين ومتمرسين كل ف تخصصه من حول العالم، أقول لهم بأن المستقبل أمامهم لأنهم جميعا في سن صغيرة. ادعوهم لعدم التوقف وإستمرار العمل نحو تحقيق أرقام افضل وكل هذا يبدأ من التقبل. وانصحهم بالتركيز على التمرينات العقلية مع المختصين الذين يتعاملون معه.
- ما هي المعيقات التي يواجهها الرياضيون المصريون والتي تحد من حصولهم على ميداليات ذهبية في المنافسات الدولية واهمها الاولمبياد؟
على الصعيد التقني ليس لدي الخبرة الكافية للخوض في التفاصيل لكن دعيني اشارككي انطباعي المهم عن طريقة تعامل وسائل الإعلام الفرنسية مع اللاعبين الفرنسيين الذين لم يتمكنوا من إحراز مراتب متقدمة لدولتهم، كانت وسائل الإعلا ولا زالت تحتفي بهم وبمجرد وصولهم للاولمبياد ومشاركتهم. حتى الجمهور الفرنسي كان يحيي اللاعبين الفرنسيين في حال عدم حصولهم على الفوز، كان مجرد احترام لوصولهم لهذا المكان. اعتقد بأن الإعلام يلعب دورا هاما في إعلاء أهمية هؤلاء اللاعبين خاصة الشباب الواعد الذين ليس لدينا الكثير من المعلومات عنهم وعن الألعاب التي يمارسونها. من المهم تحفيزهم عبر منصات الإعلام. كل اللاعبين هنا معروفين لدى الجمهور الفرنسي لأن الإعلام يرعى ويدعم اللاعبين.


