٩ ديسمبر ٢٠٢٤
سارة عدلى

نعيش الآن فى عالم قد اصبح بالتكنولوجيا الحديثة كقرية صغيرة بلا حدود حيث العالم الافتراضى الذى صار يلعب دور هام ل غنى عنه فى شتى المجالات : سياسة ،اقتصاد ،صحة تعليم، ثقافة.. إلخ . و أصبح لكل امرأة حق إنسانى متسع فقد صار لها مساحات متعددة و ساحات واسعة للتعبير عن آرائها ،شخصيتها هويتها، ثقافتها ، واهتماماتها ولكن ليست كل قصة للمرأة العصرية تدوم بسعادة، خاصا أن هناك بعض الأشخاص الغير أسوياء والمبتزين يترصدون للمرأة على الإنترنت و الهواتف الخلوية كما في الواقع تماما. ففي عصر الأقمار الصناعية و التكنولوجيا الرقمية، أصبح العنف الرقمي ظاهرة متزايدة تؤثر على الكثير من النساء فى مصر و معظم دول العالم.
وكشف استطلاع رأي أجرته هيئة بلان الدولية والذى نشرته وزارة التضامن الاجتماعي المصرية عبر موقعها الإلكتروني، عن أن نحو ٥٠ % من الفتيات أفدن بتعرضهن للتحرش الإلكتروني (أحد أشكال العنف الرقمي) بكثافة أعلى من التحرش بالشارع، كما أفاد أن نحو ٥٨ % من الإناث في مصر تعرضن للتحرش الإلكتروني.
ويكمن تعريف العنف الرقمى فى أنه “ارتكاب أى عمل من أعمال العنف ضد المرأة يتم ارتكابها باستخدام الهواتف المحمولة، أو الإنترنت، أو الرسائل النصية، أو البريد الإلكتروني، أو وسائل التواصل الاجتماعي“.
وقد بلورت هيئة الأمم المتحدة للمرأة أشكال العنف الرقمي المُوجه ضد النساء فى ستة أنماط رئيسية :
١- نمط الاختراق : حيث يتم إساءة استخدام الأدوات التكنولوجية للوصول بصورة غير شرعية و غير قانونية إلى الأنظمة أو الحسابات الخاصة بالمرأة لغرض الحصول على المعلومات الشخصية عنها أو تغيير أو تعديل المعلومات الخاصة بها، أو الافتراء وتشويه سمعة الضحية المستهدفة.
٢- نمط الانتحال : حيث يتم إساءة استخدام التكنولوجيا لحمل هوية المرأة الضحية أو شخص آخر من أجل الوصول إلى معلومات خاصة أو إحراج الضحية أو إلحاق العار بها، أو التواصل معها أو إنشاء وثائق هوية وهمية .
٣- نمط التتبع : حيث يتم إساءة استخدام التكنولوجيا لمطاردة ورصد أنشطة المرأة الضحية وسلوكياتها، إما فى وقت حدوثها أو التى وقعت فى وقتٍ سابق.
٤- نمط التحرش: حيث يتم إساءة استخدام التكنولوجيا للاتصال المستمر والإزعاج والتهديد أو تخويف المرأة الضحية، على أن يكون هذا السلوك متكررًا ومستمرًا وليس حادثًا واحدًا، وذلك عن طريق المكالمات المستمرة أو الرسائل النصية أو البريد الصوتى أو الإلكترونى.
٥- نمط التوظيف: حيث يتم إساءة استخدام التكنولوجيا لجذب الضحايا من النساء المحتملين فى حالات العنف، على سبيل المثال وظائف احتيالية وإعلانات سواء على مواقع التواصل أو مواقع فرص العمل.
٦- نمط توزيع مواد مزعجة: حيث إساءة استخدام التكنولوجيا لمعالجة وتوزيع مواد تشهيرية وغير قانونية متعلقة بالمرأة الضحية.
وبعد استعراض تلك الأنماط البذيئة، اقول لكى أنتى أقوى من هذا العنف الرقمى إذا قمتى بعدة خطوات شجاعة فستكونى بمأمن عن كل أنماط هذا العنف .
فعند تعرضك لأي شكل من أشكال العنف الرقمي، يجب اتخاذ خطوات جريئة وفعالة لحماية نفسك ومواجهة المعتدين. و إليك أقوى وأهم الخطوات التي يجب أن تتخذها فى الحال:
١. جمعى الأدلة: احفظي جميع الرسائل، البريد الإلكتروني، ولقطات الشاشة التي تثبت العنف الرقمي و كل رقم مجهول يزعجك ويهددك . هذه الأدلة ستكون ضرورية في حال قررتِ اتخاذ إجراءات قانونية.
٢. اعلمى السلطات: اتصلي بالجهات المختصة في بلدك، مثل الشرطة أو الهيئات المعنية بالعنف الإلكتروني، لتقديم شكوى رسمية.يمكنك معرفة بالتحديد ما هى تلك السلطات المختصة فى بلدك عبر بحثك بكلمات مفتاحية على الإنترنت مثل : مباحث أمن الإنترنت – بلاغ عن ابتذاذ
٣. اطلبى الدعم: تواصلي مع أفراد عائلتك الأوفياء و الأصدقاء الثقة المخلصين للحصول على الدعم العاطفي والمعنوي. يمكن أن يكون التحدث عن تجربتك مع الأشخاص الذين يثقون بك وتثقين فيهم مفيدًا للغاية.
٤. تواصلى مع المنظمات غير الحكومية: ابحثي فى بلدك عبر الإنترنت عن منظمات غير حكومية تقدم الدعم والمساعدة للنساء اللواتي يتعرضن للعنف الرقمي. هذه المنظمات تأسست لكى تقدم الدعم القانونى والمشورة والنفسية خصيصا لكى.
٥. قومى بتأمين الحسابات الشخصية: قومي بتغيير كلمات المرور الخاصة بحساباتك على مواقع التواصل الاجتماعي والبريد الإلكتروني، وهاتفك الخلوى و فى سرية تامة استخدمي إجراءات الحماية الفعالة مثل التحقق بخطوتين و قومى بين الحين والآخر بتحديث كلمات مرور سرية معقدة طويلة صعبة الاختراق وتفعيل اختيار خصوصية أعلى لحسباتك الشخصية عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
٦. كونى أكثر وعى وتثقيف : اطلعي على حقوقك الشخصية وكيفية حماية نفسك على الإنترنت والهاتف الخلوى من خلال قراءة المقالات والمشاركة في الورش والندوات التوعوية القيمة المفيدة.
٧. تحدثى علنًا: إذا كنتِ تمتلكين قدر كافى من التعافى و اصبحتى مجددا تشعرين بالأمان، يمكنك التحدث علنًا عن تجربتك لتوعية نساء أخريات وحثهم على اتخاذ إجراءات وقائية لحمايتهم من هذا العنف العبثى.
٨. استمرى فى الرعاية الذاتية لذاتك: احرصي على الاعتناء بنفسك روحيا و نفسيًا وجسديًا. الصلاة و التمرن، التأمل، والقيام بأنشطة تستمتعين بها يمكن يساعد كثيرا في التخطى و تخفيف التوتر والقلق من جراء تجربة هذا العنف الرقمى.
وختاما عزيزتى المرأة الرجاء إذا مررت بشكل من أشكال العنف الرقمى فلا تخافي من طلب المساعدة فالدعم العائلي والنفسي يمكن أن يكون له تأثير كبير في التعافى من تجربتك مع العنف الرقمى.
كوني أكثر حذر عند مشاركة معلومات الشخصية على الإنترنت عبر مواقع التواصل الاجتماعى ، صورك و وثائقك الشخصية و تحركاتك و عرض خصوصيات حياتك .وكونى على علم مسبقا بالقوانين والإجراءات الخاصة و المنظمات والحملات التى تدعمها بلدك مثل المجلس القومى للمرأة فى مصر، حملة “ماتسكتيش” ، وحملة “اتكلمى” ، وأيضا حملة “السكة أمان” التى تمكن المرأة من التصدي للعنف وخاصة الرقمي، كما توفي مبادرة سيدات مصر الدعم لضحايا العنف الرقمي.
وفى النهاية تذكرى دوما عزيزتى “هى” أن القوة الحقيقية لكى تكمن في الإصرار و الشجاعة على مواجهة التحديات والدفاع عن حقوقك و باكتساب مزيد الوعي و مزيد من المعرفة يمكن أن يحول أي تجربة صعبة إلى فرصة للنمو والتطور.
سارة أشرف عدلى
مدرب تنمية بشرية – ماجستير Nlp المعهد الهولندي .
