التسويق الذكي لرائدات الأعمال: من القيمة إلى الريادة

١٢ أغسطس ٢٠٢٥

بقلم: أ.د جيهان رجب
أستاذ التسويق بجامعة عين شمس

Photo by RDNE

في عالم الأعمال الذي يتسم بالتغير السريع والمنافسة الشرسة، تصبح رائدة الأعمال الناجحة هي التي تدرك أن التسويق ليس مجرد وسيلة لزيادة المبيعات، بل هو الإطار الاستراتيجي الذي يحدد مكانتها في السوق ويصنع صورتها الذهنية لدى العملاء. تبدأ الرحلة بفهم القيمة الحقيقية التي تقدمينها، وهي ليست مجرد ميزة في المنتج أو الخدمة، بل حل ملموس لمشكلة يعاني منها جمهورك أو إضافة نوعية تغير حياتهم نحو الأفضل. على سبيل المثال، رائدة أعمال في مجال مستحضرات التجميل الطبيعية قد تقدم قيمة تتمثل في منتجات آمنة خالية من المواد الكيميائية لحماية البشرة، مما يلبي حاجة شريحة كبيرة من النساء الباحثات عن الجمال والصحة في آن واحد. هذه القيمة هي جوهر رسالتك التسويقية وهي التي تبني الثقة من اللحظة الأولى.

Photo by Yan Krukau

عندما تحددين هذه القيمة بوضوح، يصبح من السهل صياغة عناصر التسويق الأربعة في إطار يخدم أهدافك. المنتج يجب أن يجسد وعودك ويلبي توقعات العملاء أو يتجاوزها، فالجودة والتصميم وتجربة الاستخدام كلها مكونات تصنع الانطباع الأول. مثال ذلك مصممة أزياء تقدم تصاميم عملية وأنيقة للسيدات العاملات، بحيث تجمع بين الراحة والمظهر الاحترافي. أما السعر، فهو ليس رقما عشوائيا بل انعكاس لمكانتك في السوق وقيمة ما تقدمينه، وهو أيضا أداة للتأثير في التصورات الذهنية للعميل. على سبيل المثال، صاحبة مشروع حلويات فاخرة قد تضع سعرا أعلى من السوق لتعكس جودة المكونات الحصرية وطريقة التحضير اليدوية.

المكان هو نقطة الالتقاء بينك وبين جمهورك، سواء كان متجرك الفعلي أو قنواتك الرقمية أو شبكة شركائك، وكلما اقتربت من عملائك وسهلت عليهم الوصول إليك، زادت فرصك في كسب ولائهم. مثلا، رائدة أعمال في بيع منتجات يدوية قد تعتمد على معارض محلية ومنصات إلكترونية للوصول إلى جمهور أوسع. الترويج هو صوتك في السوق، ويشمل كل أشكال الاتصال التي تحكي بها قصتك وتبرز شخصيتك وتوضح لماذا أنت مختلفة عن غيرك، من الإعلانات إلى التسويق بالمحتوى وبناء المجتمعات حول علامتك. مثال ذلك صاحبة متجر أونلاين للديكور المنزلي التي تستخدم فيديوهات قصيرة على تيك توك لعرض أفكار تزيين مبتكرة وميزانية محدودة، مما يخلق ارتباطا عاطفيا مع الجمهور.

Photo by Yury Kim

أما بناء العلامة التجارية فهو أكثر من مجرد اختيار اسم أو تصميم شعار، إنه خلق هوية متكاملة تعبر عن شخصيتك وقيمك وطريقة عملك، بحيث يربطك العملاء تلقائيا بمعان إيجابية وقيمة حقيقية في أذهانهم. مثلا، رائدة أعمال في مجال القهوة المختصة قد تبني علامتها حول مفهوم الاستدامة ودعم المزارعين المحليين، مما يجعل العملاء يشعرون أنهم يساهمون في قضية أكبر عند شراء منتجاتها. العلامة القوية هي التي تمنحك حضورا ثابتا في سوق متغير وتجعل عملاءك يختارونك حتى في وجود بدائل أرخص أو أكثر انتشارا.

لتحقيق الميزة التنافسية، عليك أن تحددي ما الذي لا يمكن لمنافسيك تقليده بسهولة، سواء كان ذلك ابتكارا مستمرا، جودة استثنائية، خدمة عملاء تتجاوز التوقعات، أو حتى أسلوبك الفريد في بناء العلاقات مع العملاء. مثال ذلك صاحبة مشروع تنظيم فعاليات تضيف لمستها الخاصة في تصميم التجارب المبهرة للحضور، بحيث يتحدث عنها الجميع لأسابيع بعد انتهاء الحدث. الميزة التنافسية ليست حدثا عابرا بل عملية مستمرة تتطلب متابعة اتجاهات السوق وفهم تحولات احتياجات العملاء وإعادة صياغة عروضك باستمرار لتبقي في المقدمة. وعندما تجتمع القيمة الواضحة مع عناصر التسويق الأربعة المتكاملة، وتدعم بعلامة قوية وميزة تنافسية مستدامة، فإن مشروعك لا يصبح قادرا على المنافسة فقط، بل مؤهلا للريادة والتأثير وصناعة الفارق في حياة الناس.

أضف تعليق