ألد أعداء المرأة هي المرأة نفسها

الجمعة ١٢ يوليو ٢٠١٩                كتبت أليكساندرا كينياس،   ترجمة : دينا المهدي

Women_stepping_on_women-3
الصورة نقلا عن New York Post 

لا تزال ظاهرة كره المرأة، التي كانت تُمارس منذ آلاف السنين في المجتمعات الذكورية، منتشرة حتى وقتنا هذا في مصر وفي مناطق أخرى حول العالم؛ حيث يُنظر إلى المرأة نظرة دونية وتُعامل على هذا النحو. ففي مصر؛ البلد التي يهيمن عليها الذكور، تُشكل ظاهرة معاداة المرأة الأساسً الذي يُبني عليها قمعها، ويتوارثها جيل تلو الآخر، وتظهر هذه المعاداة ليس فقط في سلوكيات الرجال ضد المرأة، بل أيضًا في رد فعل المجتمع بجميع مستوياته تجاه هذه السلوكيات. تُصدم العديد من النساء من دعم بعض النساء لسلوكيات الرجال وتبريرها، على الرغم من أنهن أول ضحايا لانتهاك حقوقهن – بشتى الصور – سواء كانت انتهاكات لفظية أو جسدية أو عاطفية، وما إلى ذلك، وغالبًا ما يتعرضن شخصيًّا لهذه الانتهاكات من قبل الأقارب المقربين من الذكور.

ولأنه قد تم ترسيخ فكرة أن كره النساء هي سمة من السمات الذكورية يمارسها الرجال من أجل الهيمنة، لذا فإن الكثيرين لا يدركون أن النساء تمارسها أيضًا ضد جنسهن، وحتى ضد مصلحتهن. هناك العديد من الأسباب التي تدفع النساء إلى ممارسة كره النساء والدفاع عن إذعان المرأة وخضوعها. وفي المجتمعات التي لا تزال المرأة تقاتل فيها من أجل حقوقها، تعيق هذه السلوكيات والممارسات دون تقدمها. إنه لأمر مخزٍ ومقلق عندما تصبح المرأة ضحية لأحكام وظلم النساء الأخريات.

فالمرأة التي تنشأ في المجتمعات الذكورية حيث تنتشر كراهية المرأة، يجرى لها غسيل مخّ في سن مبكر مفاداه بأن تفوق الرجل على المرأة هو مصدر التمكين لها. في هذه المجتمعات تنشأ المرأة على فكرة الانصياع والإرضاء وبذل الجهد في العلاقة؛ فعليها الاهتمام أكثر باحتياجات الرجال؛ وتجنب المواجهات، وأن تصبح تابعة وخاضعة في العلاقة – وليس شريكًا على قدم المساواة. علاوة على ذلك، تتربى الفتيات في هذه المجتمعات في سن مبكر على كره أجسادهن وغرائزهن. يكبرن وهن مُعتقدات أن أجساد النساء هي أصل كل الشرور. نتيجة لذلك، وبغض النظر عن الظروف، فإنهن يعتقدن أن النساء اللائي يتعرضن للمضايقة أو التحرش أو حتى الاغتصاب هن المذنبات. ويلومن الضحايا على إثارة رغبات الرجال الجنسية. ليس ذلك فحسب، بل هن يدافعن أيضًا عن هؤلاء الرجال، وبالتالي، هذا النمط السلوكي من شأنه أن يديم ظاهرة التحرش بالنساء لأنه من وجهة نظرهن، المعتدي أو المتحرش لا يخطئ أبدًا، بل هن أيضا يبررن سلوكيات الرجال بأعذار مفادها أن تلك النساء يرتدين ملابس غير لائقة أو يتصرفن بطريقة غير أخلاقية أو أي مبرر آخر لتبرئة المعتدي.

تعاني النساء الخاضعات لكره النساء من العبودية النفسية، وهي حالة أصبحت معروفة باسم متلازمة إستكهولم؛ حيث يقف الضحايا مع المعتدي أو الظالم. وكلما كانت هؤلاء النساء، اللاتي نشأن على الطاعة والإرضاء، معتمدات على الرجال اجتماعيًّا وماليًّا، يصبح الانحياز مع من يسيء لهن غريزة للبقاء. فحياتهن، مثلهن مثل العبيد، تعتمد على من يسيئون معاملتهم؛ حيث يشعرن بالامتنان لهم، حتى لو كن ضحايا لهم مباشرة.

في الواقع، النساء اللواتي يدعمن المتحرشين هن ضحايا، ويصلن إلى حالة من الاستسلام وتقبل التحرش، وتبرير سلوكيات المتحرشين. ويصبحن راضيات عن الوضع الراهن. في دفاعهن عن المتحرشين، يهاجمن بقوة النساء الأخريات اللاتي يقفن ضد المتحرِّشين أو يحاولن مساعدتهن على التحرر من هذا السجنالنفسي. وبدلًا من تقدير الجهود التي من شأنها أن تحسن من وضعهن، يدعمن خضوعهن للرجال واضطهادهن من قبلهم. ففي عقولهن الواهمة، يعتقدن أن العلاج لإعادة التوازن الاجتماعي يكمن في خضوعهن وليس في التمرد ضد من يضطهدونهم. في عقولهن المضطربة، هن يؤمنون أنه إذا تصرفت المرأة فقط كما يرغب الرجل، ستعيش حياة أكثر سعادة. كل هذه التبريرات هي آليات سلبية للتكيف مع الاضطهاد.

لسوء الحظ، فإن تصحيح هذا الوضع بعيد المنال ولن يمكن تحقيقه في المستقبل القريب؛ لأن غسيل المخ الذي تعرضن له منذ وقت مبكر في حياتهن أصبح متجذر بعمق في قيمهن الجوهرية التي تؤثر في سلوكياتهن ومواقفهن، ناهيك عن أن تلك النساء مسئولات أيضًا عن تربية الأجيال القادمة من النساء. وبينما تستمر البنات في اتباع نفس النهج الذي تتبعه أمهاتهن الكارهات للمرأة، لا ينبغي لأحد أن يتساءل عن سبب استمرار المرأة في كونها ألد أعداء نفسها.

إذا أعجبتك هذه المقالة، أشترك في المجلة لتصلك مقالاتنا في بريدك الالكتروني **

1 comments

أضف تعليق