لا تخجلين من كفاحك

الجمعة ٢٧ يناير ٢٠١٧
كتبت: نرمين طارق

hairstyles-for-working-women-13

يتكرر يومياً على مواقع التواصل الإجتماعى المنشور الذى يؤكد ان زواج الشاب يحتاج شقة ومصاريف باهظة بينما الفتاة لا تحتاج سوى البحث عن ابن الحلال، على الرغم من ان الفتاة تتعرض من جانبها لضغوط غيرعادية عندما يتأخر سنها فى الزواج، وتجد من تجبرها الأسرة على الذهاب للحفلات بحثاً عن عريس، وترضخ أسرتها لكل متطلبات أم العريس التى تملى شروطها دون النظر لحالة اهلها المادية، حتى لا يذهب العريس لفتاة أكثر ثراء.

نرى البنت تعمل فى نفس الشركة أو المستشفى مع الشباب، وتتقاضى نفس الراتب، ولكنها تتكتم عن الجميع إنها تدخرحتى تستطيع ان تشترى لوازم الزواج. و قلما تجد زوجة تخبر زوجها إنها تستقطع جزء من راتبها الشهرى تلقائياً لسداد أقساط الأجهزة الكهربائية الموجودة فى منزلهم، والتى يعتقد إن والدها هو من دفع ثمنها؟

شاهدت من خلال عملى  كصحفية،  الفتاة التى تدخل جمعيات حتى تتمكن من شراء الثلاجة والسجاجيد، ولكنها تخبر زوجها ان والدها هو من تكفل بجميع لوازم الزواج.

لماذا تخجل الفتاة من كفاحها؟ هل لأن المجتمع لا يحترم الأب الذى لا يتكفل بكل إحتياجات بناته؟ ام خوفاً من زوج  ينتهز احدى المشاجرات على المصروف ليحقر من شأن والدها لعجزه عن التكفل بمصاريف جهازها.

وقالت لى إحدى الفتيات ردا على سؤالى لها عن سبب تكتم الفتيات مشاركتهن فى مصاريف الزواج: “لابد ان يشعر زوجى ان حياتى فى بيت والدى كانت أفضل مادياً حتى لا يشعر إنه صاحب فضل . ومن هو الزوج الذى سيترك زوجته تعمل لسداد أقساط الأجهزة الكهربائية – التى هى مسئولية الأب كما تفرض العادات والتقاليد – بدلا من المشاركة فى مصروف البيت.”

بينما نرى الشاب يفخر بالشقة التى إشتراها بعد سنوات غربة فى الخليج، ويزيد إحترام الجميع لمن تكفل بكل مصاريف زواجه دون مساعدة الأسرة، نجد الفتاة تخجل من الظهور فى صورة البنت التى تعمل حتى تتمكن من إدخار مصاريف الزواج. وقد تدعى بعض الفتيات أمام اهل زوجها ان مرتبها قبل الزواج كان مقتصرا على شراء الملابس والخروج مع الصديقات، حتى تقنع من حولها أنها من اسرة ميسورة الحال و ان خروجها للعمل هو وسيلة للترفيه حتى لا تشعر بالملل والفراغ.

ولان الكثير من الفتيات مازلن يلجأن الى الطريقة التقليدية لايجاد عريس، فيضطررن للتظاهر ان السبب الاساسى لخروجهن للعمل ليس المقابل المادى، حتى لا تضيع منهم الفرصة عندما تبدأ إحدى زميلات العمل فى البحث عن عروسة لاخيها، لان الاولوية دائما للفتاة المسورة الحال.

الأب فى هذه الظروف الإقتصادية الصعبة قد يعجز عن توفير إحتياجات المنزل اليومية من طعام وعلاج، فكيف يطلب منه المجتمع ان يشترى أكواب ملونة وأطباق مزينة ومفروشات لن يتم إستخدامها، ولكنها مطلوبة حتى لا تغضب أم العريس؟

ودائما نطالب الفتيات بالتنازل عن بعض مطالبهن حتى يصبح الزواج سهلاً، ولكن لا احد يغفر لفتاة ذهبت الى بيت زوجها دون غسالة الأطباق او غيرها من الأجهزة التى بامكان الحياة أن تستمر بدونها.

تتعرض الفتاة لضغوط نفسية عديدة إذا تزوجت دون شراء المستلزمات التى يشتريها غيرها وفقاً لصيحات الموضة، وليس وفقاً لإحتياجات المنزل، فالعروسة لا تستخدم طقم الجيلى مثلا، ولكنها تشتريه مثل صديقتها وجارتها، فتصبح ضحية لعادات فرضها المجتمع، وفى نفس الوقت هى لم تحاول تغيير هذه العادات، بل بالعكس، بهذه التصرفات هى توجه رسالة غير مباشرة نصها هو ان إمكانيات أسرتها ليست ضعيفة، بل هى أسرة مرفهة، فى الوقت الذى قد تجد فيه الأم تهمل فى شراء علاجها مقابل طاقم الشربات.

إفخرى بعملك الذى مكنك من شراء لوازم الزواج، وإفخرى بكفاحك الذى جعل والدك يشعر ان زواجك ليس عبأ، فالحياة مشاركة، وعندما يعلم المجتمع ان الفتاة هى من تعمل لتشترى لوازم الزواج فلن يطالبك أحد بشراء ما لا تحتاجين له، ولكن تسترك على كفاحك يجعل الجميع يتصور ان الأب بعد سنوات من العمل نجح فى جمع ثروة تمكنه من شراء جميع مستلزمات زواجك.

الفتاة التى عملت حتى تستطيع ان تشترى لوازم زواجها  أفضل من فتاة جعلت والدها يقترض من البنوك والأقارب، وأفضل من فتاة كانت سبب فى دخول والدتها السجن تحت بند الغارمات. الأب الذى لم يتمكن من شراء المعالق الفضية لم يقصر فى حق ابنته، بل التقصير هو عندما يعجز عن تربية إبنته و تعليمها ليمكنها من الحصول على العمل ومواجهة الحياة.

نرمين طارق حاصلة على ليسانس آداب إنجليزى و تعمل كصحفية و مترجمة.fullscreen-capture-1262017-100549-pm-bmp
تهتم نرمين فى كتاباها بقضايا المجتمع، و تسليط الضوء على قصص كفاح و نجاح الفتيات و خاصة اللاتى يتعرضن لظروف مجتمعية صعبة.

 

أضف تعليق