رحلة إبداع إمرأة فريدة

السبت ٤ فبراير ٢٠١٧
كتبت مي علام

15078574_1232674313437927_8610588565815561627_n
في عام ٢٠٠٧، تركت مهندسة الكمبيوتر، تيريزا خليل ضوضاء القاهرة وهوائها الملوث، لتبدأ حياة جديدة في شرم الشيخ. السفر للعيش بمفردها لم يكن شيء متعارف عليه او مقبول لامرأة في عمرها، ولكن تيريزا التي تحيا حياة يقودها شغفها للإبداع، فقد اتبعت الطريق الذي تؤمن به

الحياة في شرم الشيخ لم تكن سهلة بالنسبة لامرأة غير مرتبطة حيث أن سكان المدينة كثيرا ما كانوا ينتقدونها فور علمهم بانها تعيش بمفردها. ولكنها بالرغم من ذلك افتتحت شركتها الخاصة للإعلان والطباعة. وعلى مدار أربعة سنوات نجحت في تصوير “شارمر”، أول فيلم وثائقي لها. والذي لاقى استحسان المشاهدين والنقاد، وكان سبب اساسي في حصولها على منحة لدراسة ماجيستير في صناعة الافلام التسجيلية في أوروبا.

15094339_1232674320104593_9154175128305275024_n
وبعد رحلة طويلة من الدراسة والعمل والترحال في ارجاء اوروبا، تعيش تيريزا الان في مقاطعة زغرب، بكرواتيا مع زوجها، حيث تدير موقع الكتروني عن حياة المغتربين في كرواتيا. وفي خلال مشوار حياتها، قامت تريزا بتأليف ثلاثة كتب: الحب اون لاين، الابحار على الكنبة وجاءت ورحلت. كتاب الحب اونلاين هو كتاب يدون رحلتها لإيجاد توأم روحها من خلال مواقع التعارف الاجتماعية.

بعد رحلتها العملية هذه، لا تزال تيريزا تنتج الافلام الوثائقية وتستخدم الكتابة والفنون الابداعية للاتصال بالحياة والناس في العالم اجمع.

نساء مصر: كيف أثرت دراستك لعلوم الكمبيوتر والبرمجة على رؤيتك للحياة؟ كيف نمى هذا حسك للابتكار؟

تيريزا خليل: دراسة علوم الكمبيوتر لم تكن سهلة على الاطلاق، فلقد كانت مليئة بالتحديات، ولكن النجاح بدرجة الشرف أعطاني إحساس رائع بأني يمكنني أن أتخطى أي تحديات. دراسة علوم البرمجة في الوقت الذي أصبح فيه الكمبيوتر شيء محوري في حياتنا ساعدني في التأقلم مع عالم التكنولوجيا والبرمجة منذ مراحله الاولي واستخدام هذا العلم للتواصل مع الفنون، سواء كان هذا في صورة تصميم الجرافيك، كتابة القصص أو تصوير الأفلام الوثائقية. في جميع هذه المجالات كنت أعمل وحدي وكان الكمبيوتر هو الأداة الأساسية في عملية الإنتاج.

نساء مصر: ما هي فكرة “الحب اونلاين” القائم عليها كتابك القادم؟

95a2e514954805-5628b11aeca81تيريزا خليل: كان هناك وقت في حياتي كنت مؤمنة به أنه ليس بإمكاننا البحث عن الحب، لأن الإنسان المناسب سوف يظهر في حياتنا في التوقيت الصحيح، ولكن هذا لم يحدث. لذلك ففي سن الثانية والثلاثين بدأت رحلة البحث عن زوجي المستقبلي، وإحدى الوسائل التي استخدمتها للبحث عنه كانت مواقع التواعد على الانترنت. “الحب اونلاين” هو كتاب يوثق رحلتي للبحث عن توأم روحي، مرورا بكل الرجال الذين قابلتهم بأوروبا ومصر، متمنية أن يكون واحد منهم شريك حياتي المستقبلي.

نساء مصر: هل كان الفيلم الوثائقي الذي صورتيه مبني على الكتاب؟

تيريزا خليل: الفيلم الوثائقي القصير “الحب اونلاين” مبني على موعد رومنسي في بلجيكا. بدأ 15073437_1232674386771253_6366959558496999025_nبرسالة أتتني على موقع مواعدة على الانترنت، ومحاولة تخيل صورة الانسان أرسل هذه الرسالة، ثم مقابلة ذلك الانسان وكيف انتهى ذلك الموعد. “الحب اونلاين” سوف يكون ثالث كتاب للقصص القصيرة بعد “جئت ورحلت” الذي تم نشره من قبل دار الكتب. لقد قمت أيضا بنشر “الإبحار بالكنبة” والذي قمت فيه بتوثيق رحلتي مع صفحات الانترنت للسفر والاستضافة. بالإضافة إلى ذلك، تم نشر الكتاب في صورة تطبيق تليفوني يمزج بين الكلمات والصور والفيديوهات.

maxresdefaultنساء مصر: كيف غير تصوير الأفلام الوثائقية رؤيتك للحياة وللمجتمع المحيطين بك؟ كيف ساهم هذا إيجابيا في حياتك المهنية؟

تيريزا خليل: في الواقع تصوير الأفلام الوثائقية لم يغير رؤيتي للحياة. الأفلام الوثائقية أصبحت فقط منصة جديدة للتعبير عن طريقة رؤيتي للحياة من حولي. في بعض الأحيان الكتابة عن مواضيع معينة لا تكون بمثل قوة توثيقها في الحياة الواقعية.

في الوقت الحالي أصبح تركيزي الأساسي في حياتي المهنية ينصب على صناعة الأفلام الوثائقية و خاصة على المواضيع الانسانية، وعلى صناعة فيلم يمكن تصويره في أي مكان في العالم و في نفس يتواصل معه الناس في كل مكان. انني الأن في عملية تطوير وتمويل فيلم تفاعلي وثائقي تحت عنوان “كتاب قصاصات حياتي”،و هو فيلم وثائقي يهدف الي خلق التسامح و تقبل الاخرين.

أيضا من خلال قناتي على اليوتيوب تحت اسم UniqueTV (التلفاز الفريد من نوعه) أميل الى تحقيق نفس الهدف من خلال عرض مناسبات وفرص وأفكار مختلفة وبديلة وفريدة من نوعها.

نساء مصر: هل تكمل أعمالك في تصميم الجرافيك والتصوير والأفلام الوثائقية بعضهم البعض؟

15027866_1232674233437935_7840640355969623358_nتيريزا خليل: هناك دائما وصلة بين كل الأشياء التي أفعلها. في بعض أفلامي الوثائقية أستخدم الكتابة وتجربتي في الجرافيك والرسوم المتحركة لتنفيذ بعض المشاهد. بالإضافة الى ذلك، انا افضل في صوري الفوتوغرافية ان أقوم بتجميد اللقطة كما لو كانت مأخوذة من داخل فيلم.

 

نساء مصر: بما إنك متعددة الاعمال، هل لديك وقت للحياة الاجتماعية والاستمتاع بجمال الطبيعة والأصدقاء أم هل أن ذلك شيء صعب موازنته مع حياتك المهنية وهواياتك؟

15094390_1233179306720761_5083979529153502669_nتيريزا خليل: جزء من تعدد الأعمال بالنسبة لي هو الحياة الاجتماعية. وجودي في زغرب، عاصمة كرواتيا أعطاني فرصة كبيرة لابتكار مناسبات واحداث اجتماعية تناسبني. في بداية تواجدي في زغرب، كان هناك مناسبات واحداث معدودة للمتحدثين بالإنجليزية، التي كانت ينحصر نشاطها على التقاء الأشخاص ببعض لتبادل الحديث واحتساء المشروبات، بدون فرصة حقيقية للتعرف على بعضهم البعض. لقد بدأت صفحة على الشبكة الالكترونية   www.uniquezagreb.comومن خلالها أقوم بتنظيم لقاءات أكثر حميمية وأحاول أن أعطي للجميع فرصة أن يعبروا عن أنفسهم بها. تلك اللقاءات تركز أكثر على رؤية واكتشاف المدينة بوجهها الثقافي والفني.

كذلك في فترة الصيف أقوم انا وزوجي بالتنزه في الطبيعة كما نقضي الوقت مع حماتي وحمايا. كما أنني أمارس رياضة التاي تشي كطريقة للاستجمام والبقاء بصحة جيدة.

نساء مصر: كيف ساعدتك شركتك الخاصة على تنفيذ مشروعاتك؟ هل تقومين بتمويل أفلامك الوثائقية بنفسك أم أنك تحصلين علي تمويل لإنتاجهم؟

تيريزا خليل: وجود شركتي الخاصة منحني القدرة على التفاوض وممارسة مهاراتي التسويقية التي كانت دوما جزء مهم من مشروعاتي.

حتى الآن انا امول أفلامي الوثائقية ذاتيا، لأن ذلك يعطيني حرية أكثر لاختيار المواضيع والتحكم في وقت الإنتاج وفقا لجدولي الزمني. ولكنني أتمنى أن أجد التمويل لمشروعي الوثائقي المقبل لأنه مشروع ضخم ويحتاج إلى فريق كامل لتنفيذه.

نساء مصر: الكثير من الناس في يومنا هذا هم مدربين معتمدين، يساعدون الناس بتنظيم الوقت ويدربونهم على كيفية إعطاء الأولوية لاحتياجاتهم وموازنة حياتهم الخاصة وحياتهم المهنية. هل فكرتي في اقتحام مجال العمل هذا وأيضا للمساعدة في تمكين السيدات بعرض نصائحك وتجاربك عليهن؟

15027936_1232674426771249_592378892924359963_nتيريزا خليل: كوني صانعة أفلام وثائقية، فأنا أشارك تجاربي الحياتية، واتواصل وأساعد الأخرين من خلال الفيديوهات، وهذا كان السبب وراء تأسيسي لقناة اليوتيوب الأخرى “فكيرة” التي أشارك من خلالها تجارب حياتي اليومية من ضمنها نظام الحياة الصحي، الابتكار والأفكار الصغيرة التي تلهم الاخرين وتساعد في التواصل مع العالم.

نساء مصر: كيف أثرت حياتك في كرواتيا كمغتربة عربية على رؤيتك للحياة؟

تيريزا خليل: قبل أن أعيش في كرواتيا، كنت أعيش في بلدان أوروبية أخرى كإنسانة مغتربة أيضا. الاغتراب تجربة فتحت أعيني على الكثير من الأشياء، قبل قدومي إلى هنا، كانت لدي الكثير من الأفكار عن الغرب، واكتشفت ان الكثير منها كان خاطئ والبعض منها كان متأثر بالأفلام التي نشاهدها، ولكنها غير متصلة بالواقع. لقد بدأت أيضا أن أميز بين أوروبا الشرقية وأوروبا الغربية من حيث الفروقات في التطور.

15037147_1232674266771265_6469316526740992605_nكإنسانة عربية مغتربة لم تواجهني أي مشاكل. دائما يتم الترحيب بي وخصوصا عندما يعرفون أني مصرية، فمعظم الناس التي أقابلها هنا في كرواتيا عندما يكتشفون أنني من مصر ينظرون لي كما لو كنت كليوباترا.

نساء مصر: ما هي نصيحتك للنساء عامة وفي الشرق الأوسط خاصة عن كيفية ملاحقة أحلامهم كما فعلت أنت؟

تيريزا خليل: ركزي على حلمك وحاولي تحقيقه في خطوات صغيرة: أي شيء يمكن أن يجعلك أقرب إلى حلمك هو يستحق المحاولة. كوني شجاعة ولكن بنفس الوقت حكيمة، اجتهدي في صمت إذا كان الصوت المرتفع يمكن أن يجلب لك المشاكل.

ترجمة كارولين جورج

أضف تعليق