كيف تربين إبنك ليصبح مناصرا للمرأة؟

السبت ٤ مارس ٢٠١٧             كتبت : نادين الفقى

girlwithtoycarsjpgفي سن السادسة من عمري، شعرت بعدم الانتماء، وكأنني شخص خارج عن المألوف. لم أكن أرتدي الفساتين ولم أكن أشتري أحدث عرائس باربي. كنت أول طفلة في العائلة وكنت دائما أتمنى أن يكون لي أخ أو ابن عمة او ابن خالة أكبر مني سنا لنلعب سويا بالسيارات والألعاب العلمية. ولكوني وحيدة، شعرت كأني دخيلة كلما حاولت الاختلاط بالفتيات في سني، فلم أكن أحب حفلات الشاي او أميرات ديزني، وكنت أفضل صحبة الأولاد ولعب كرة القدم معهم.

الأولاد كانوا أكثر بهجة آنذاك، و كنا نلعب بالكرة  ونلعب الأستغماية طوال اليوم. كانوا دائما يقدرون ويتقبلون وجودي معهم. كنت أطول وأسرع من معظمهم وكنت مختلفة عن كل البنات، فكانوا يظنون في ذلك الوقت أنني أقوي فتاة يعرفونها وأكثرهم إثارة للاهتمام. في هذا السن، يبدأ الأطفال في إدراك الأدوار النمطية، اللون الوردي في مقابل اللون الأزرق، الأميرات ضد الدمي المقتبسة شخصياتها من أفلام العنف والاكشن، العرائس ضد السيارات. وبالرغم من ذلك، البعض من هؤلاء الاولاد كان غير متأثر بتلك الافكار. أتذكر ذلك الصبي الذي جلب معه لعبة طقم المطبخ الخاص به ليريها للأخرين ويحكي لهم عنها.

vign1وبعد عشر سنوات، وفي عمر السادسة عشر، كان في مدرستي أربعة أولاد في أشد الحاجة لإيجاد لاعب خامس ينضم لفريقهم لكرة القدم. سألتهم إذا كان بإمكاني اللعب معهم، ووافقوا لأنهم كانوا مضطرين الي قبولي. كانت هذه أول مباراة كرة قدم لي في مدرستي الجديدة، وكنت أنا الفتاة الوحيدة في ملعب كرة القدم وأحرزت هدفا. ولكن هدفي هذا لم يقبل او يحتفي به. الفريق المنافس اعتبرها شبه كارثة قومية. كيف يمكن “لفتاة” ان تحرز هدفا ضد حارس مرمى صبي. يا للعجب! كان فريقي أيضا في حالة صدمة. كيف فعلت ذلك؟ كيف استطاعت “الفتاة” الضعيفة الغير قادرة على احراز هدفا في ملعب به تسعة صبيان؟ صبي واحد فقط من التسعة صبيان في هذا الملعب حياني وسألني إذا كنت العب كمحترفة. أجبته بالنفي، فأقترح على أن أنضم إلى أحد الفرق، وعرض على أن لعب معهم في مباريات أخري. صبي واحد فقط. ماذا حدث خلال العشرة سنوات هذه؟

burp

في البداية، يمتلئ الصبيان بالبراءة، والصفاء والسذاجة، ولكن بعد ذلك فإن المجتمع والاعلام يداهموهم بالأدوار النمطية، والانحياز النوعي لجنسهم وعدم المساواة، وبدون أن يشعروا يصبحون مخلوقات مليئة بالهيمنة الذكورية يؤيدون العنف وعدم المساواة.  المساواة، وذلك بسبب انهم تم برمجتهم منذ سن صغيرة على النظر الي الفتيات نظرة وضيعة.

feminist1وعلى الجانب المشرق، كان هناك هذا الصبي الذي شجعني. ما هو الفرق بينه وبين الاخرين؟ أنا أؤمن بأن الفرق يكمن في كيفية نشأته. إذا قام الاهل بتربية أبنائهم ليصبحوا مناصرين لحقوق المرأة، فسوف يصبح لدينا مجتمع النسوية به ليست مقصورة على النساء ولكنها تشمل الرجال أيضا. النسوية ليست معناها ان تصبح السيدة عنيفة كارهه للرجال ومحاولة التشبه بهم، بل هي المساواة النوعية (الجندرية) والايمان بأن الرجال والنساء يجب أن يكون لديهم القدر المساوي من الحقوق والفرص.

للأسف، معظم الأهالي لا يرغبون في تربية أولادهم ليصبحوا مناصرين لحقوق المرأة. البعض منهم يظن بأنه أن تكون نسوي معناها كبت الذكورة. البعض الاخر يعتقد أنه هناك ثمة شيء خاطئ في كيفية توزيع الأدوار النوعية والصور النمطية في المجتمع. وهناك من ليست لديه الشجاعة للخروج عن المألوف، والسباحة عكس التيار والقيام بأفعال يعتبرها المجتمع غير طبيعية. ولأننا نعيش في مجتمع لايزال يعتبر فيه ميلاد صبي أفضل من أن ميلاد فتاة، فإنه من الصعب تحدي الأمر الواقع ومحاوله تغييره. في بعض الأحيان نجد أن السيدات المتزوجات من الرجال الغير نسويين يملن الي الامتثال بالعادات والتقاليد القديمة، وبالتالي يعتبرن انه من غير الحكمة ان يتحدين الوضع المألوف. البعض الأخر من النساء يعتقدن أنه من الصعب خوض ذلك الطريق نحو التغير، غير مدركات ان العملية بسيطة جدا إذا بدأن بتعليم الاولاد مبادئ المساواة في المنزل.

tp-feminist-instagram-12

حتى إذا كان الاب لا يساعد في اعمال المنزل، فهو ليس مبرر لعدم تعليم الابن كيف يحضر لنفسه الطعام وكيف يغسل الأطباق. يجب أن يتعلم أن الأعمال المنزلية ليست محصورة على نوع معين دون الاخر. عندما يدخل غرفة الجلوس بالمنزل ويفتح التلفاز أخبريه أن ليس كل شيء يراه أو يسمعه حقيقي أو صحيح. علميه أن يفكر. علميه ان ينتقد الاعلام في رؤيته للمرأة. أخبريه عن سيرينا وليامز وعن ماري كوري وعن كل امرأة أخرى اعطتنا الكثير. قبل أول يوم دراسي له أخبريه ان البكاء لا ينتقص منه، وأنه يجب عليه أن مصادقة البنات. قبل الخروج للعب خارج المنزل أعرضي عليه أن يلعب مع الفتيات، حتى يتعلم أنهم متساويات له.

bfde4af51df10be144dcd639644378d8جهزي لابنك بيتا مضادا لرصاصات عدم المساواة وكراهية النساء. اجعلي منزلك هو المكان الذي يبني فيه ابنك الدرع الحامي له من الذكورية. بهذا الدرع سوف يتدخل ليحمى امرأة تتعرض للتحرش، لن يصبح ضحية للبرمجة المجتمعية، سوف يكون فخورا إذا كانت رفيقته اكثر نجاحا منه، سوف يساعد زوجته بأعمال المنزل، لن يكبت ابنته بالقواعد و الحظر التي تنطبق عليها هي فقط و ليس على أبناءه الصبيان. هكذا سوف يصبح ابنك نسوي وسوف يصبح انساني. أتمنى اليوم الذي تحرز فيه ابنتي هدفا وان يصفق لها الاولاد ويهتفون. وأتمنى اننا في يوم من الايام نعيد النظر الى كلمات جلوريا ستاينهايم التي قالت “لقد بدأنا نربي بناتنا كما نربي أولادنا،” لتصبح المقولة ” لقد بدأنا نربي أولادنا كما نربي بناتنا” … ولكن قليلون هم من لديهم الشجاعة لتربة أولادهم الصبيان كما يربون بناتهم… فأرجوك، ابدئي بتربية أولادك الصبيان كما تربي بناتك.

قامت بتحرير المقال لمياء السنوسي
ترجمة النص من الانجليزية كاروبين جورج

** إذا أعجبتك هذه المقالة، أشترك في المجلة لتصلك مقالاتنا في بريدك الالكتروني 

تم نقل الصور بهذا المقال من الانترنت. كل حقوق الطبع و النشر محفوظة لأصحاب هذه الصور**

 

أضف تعليق