الشيف عبير كامل ورثت جينات شغفها بالطهي من والدها

الجمعة ٣١ مارس

17619365_1320174164743705_2069159614_nبينما كانت البنات لا يزلن يلعبن بالعرائس، كانت عبير كامل تلهو بأدوات المطبخ، الذي سمح لها والدها بدخوله منذ أن كان عمرها ثمانية سنوات، لتساعده أيام الاجازة وفي عطلاتها المدرسية.

والد عبير كان رئيس الطهاة في مطبخ نادى الجلاء للقوات المسلحة وكان يقوم بمساعدته فريق عمل كبير، حيث كان يقام في هذا النادي الحفلات الرئاسية.  بالطبع لم يكن يسمح لعبير بالتواجد في المكان العسكري، ولكنها كانت تساعده في التحضير للحفلات الخاصة للدبلوماسيين والمشاهير الذين كانوا يطلبونه خصيصا لذلك. وقد ولد حب عبير للطهي وفنونه منذ هذه السن الصغيرة والتي لا تري مبرر منطقي لهذا الولع به سوي أنها “ورثت هذه الجينات” من والدها، والذي أدرك موهبتها وآمن بها فشجعها على التواجد معه في المطبخ بالرغم من إدراكه بمدي خطورة تواجد الأطفال في هذا المكان، والذي لو كان عليها لفضلت قضاء وقتها بالكامل به عن ذهابها للمدرسة. وتقول عبير: “في الايام الدراسية كان جسدي فقط هو الذي يذهب الي المدرسة، أما عقلي وقلبي فكانا في المطبخ.”

ومع رحلتها عبر السنين داخل أروقة المطابخ وبتوجيهات من والدها، امتلكت الخبرات الكافية للتفوق في هذا المجال. وبعد حصولها على الثانوية العامة، لم تري ان دخولها كليه سياحة وفنادق سوف يضيف اليها المزيد عما تعلمته بالفعل من الخبرات التي اكتسبتها من التعليم في “أكاديمية بابا”. أكملت تعليمها كما املاه عليها مكتب التنسيق.

17670558_1320120541415734_395259742_o

وفي هذه الاثناء بدأ الحلم بالعمل في الميديا يراودها بأن يكون لها برنامج للطهي، وبعد سنوات طوال من العمل المتواصل والإصرار، بالفعل تحقق هذا الحلم عام ٢٠٠٦، وظهرت في اول برنامج لها في وقت لم تكن فيه القنوات الفضائية مكدسة بهذا الكم الهائل من برامج الطهي. وفي مسيرة امتدت لعشرة سنوات منذ إطلاقها أول برنامج لها، قدمت الشيف عبير العديد من البرامج في ستة قنوات مختلفة، والتي كان أخرها هو برنامج ” طعم البيوت ” على القناة الأولى، والتي من خلالها أيضا تشارك المشاهدين قصة حبها للمطبخ، هذا بالإضافة لتقديمها بعض البرامج الاذاعية.

17668691_1320144711413317_1926646640_o

في عام ٢٠٠٩، فازت عبير بلقب Best Female Chef من جمعية الطهاة المصريين 2009 وكنت أول شيف تحصل على اللقب بالرغم من عدم ممارسته للمهنة الفنادق، وتفوقت على كل المتسابقات من فنادق الخمسة نجوم.

أصيبت عبير بورم في الغدة النخامية في عام ٢٠١٣، والذي تطَلب عملية جراحية في المخ لإزالته، وابتعدت على أثرها فترة عن عملها الاعلامي وبرامج الطهي والذي هو عشقها وشغفها الاول في الحياة.

17619412_1320175088076946_1972947341_nمرت العملية بنجاح ولكن تطلب العلاج بعدها فترة طويلة، ابتعدت فيها تماما عن الطهي، و بينما هي في هذه الفترة الصعبة و التي نصحها فيها الأطباء بالراحة التامة، تواصل معها فريق عمل برنامج مسابقة  The Taste” “ أحلي طعم، على قناة النهار، للاشتراك في المسابقة لاختيار الفائز بلقب أحلي طعم، من ضمن ٣٦ متسابق، على مستوى العالم العربي.

بالرغم من أهمية هذه الفرصة في حياتها إلا انها رفضتها تماما في البداية، ” الموضوع بالنسبة لي مختلف، كنت بمر بفترة صعبة جدا صحيا، وكل الدكاترة منعاني من أي انفعال او توتر، وعلاج كورتيزون مغير وزني الطبيعي اللي كل الناس متعودة تشوفني عليه، وطبعا رفضت لكل الأسباب دي، لكن كل اللي يعرفوني شجعوني بشدة، أصحابي وعائلتي او في مجال الإعلام.”

 وفي تحد مع نفسها، ضاربة بنصائح الأطباء عرض الحائط قبلت الشيف عبير الاشتراك في المسابقة، وبالفعل فازت في المسابقة والتي استمر تصويرها عده أسابيع، كانت تتواجد خلالها في الاستوديو للتصوير في بعض الأحيان فترات تصل الي عشرين ساعة يوميا، وحصلت الشيف عبير علي اللقب.

تصف عبير أجواء المسابقة قائلة، ” ولكي أن تتخيلي جو مسابقة زي دي بيكون ازاى، لكن الغريب إن أول ما كنا بنبدأ التصوير كنت بالاقي نفسى نسيت المرض، وأصبحت عبير اللي أنا يعرفها بكل حبها وحيويتها لمهنتها بتطبخ وتغنى. لدرجة إنى أنا نفسي مكنتش مصدقة أداءي وقت عرض البرنامج،  ودة كان يتكرر كل يوم وقت التصوير، كنت بتحول لإنسانة كلها اصرار على تحقيق اللقب، وحسيت فعلا إن المرأة قادرة على قهر ظروف كتير. “

17622867_1320122114748910_2006053080_o

ومع وفاة والدها عام ٢٠٠٦، شعرت عبير بانها فقدت سندها في الحياة، واهتزت الأرض الصلبة التي كانت تقف عليها، فقررت ان لا تكتفي بمواجهه الحياة فقط بالخبرة التي اكتسبتها منه، ولكن أيضا ان تصقل هذه الخبرة بدراسة اكاديمية تكون بمثابة “سلاح” لها في حياتها العملية.

ومع افتتاح أكاديمية فنون الطهي في القاهرة عام ٢٠١١، التحقت بها عبير، وتخرجت في أول دفعة لها، “ووقتها حسيت إنى أستحق لقب “شيف ” موهبة وعلم.  أنا بقابل بنات كتيره مش عازة تكمل دراستها بيقولوا ما هي اخرتها جواز، الشهادة تعلمنا اية. ودة خطأ كبير طبعا لان العلم في جميع المجالات أقوى ولما بيكون في موهبة بيكون الإبداع. “

 13394192_1045901168837674_8883001382399070563_nبعد أن أنهت دراستها في أكاديمية فنون الطهي، حاولت العمل في الفنادق ولكنها صدمت بأن الفنادق لا زالت مجتمع ذكوري مغلق من الصعب على النساء اختراقه، ففضلت أن تسير في خطي والدها بتجهيز بوفيهات الحفلات الخاصة، الي جانب برامجها التليفزيونية.

بالرغم من العروض الكثيرة للشراكة في المطاعم او للخوض في عمل الكاترينج، الا آن الشيف عبير ترفض ذلك تماما، ” مطعم يعنى مسؤولية وحسابات وفلوس وبكدة يبقى مش فن تحول فقط لأكل عيش. أنا ورثت من والدي ان الطهى بالنسبة لنا موهبة وفن، زي باقي الفنون، عازف الموسيقي له آلاته، و الرسام له ريشته و الوانه، و كذلك الشيف له ادواته، و علشان كده في شيف و في شيف فنان. “

من احب الحفلات الي نفسها، هي الحفلات الخاصة بالأطفال، لانها تستمتع بقضاء الوقت معهم، و تنصح الشيف عبير الامهات بضرورة تواجد أولادهم معهم في المطبخ متي سنح لهم العمر بذلك حتي يحب الأطفال المطبخ و الطهي منذ صغرهم.

17571222_1320160414745080_498849393_o

الشيف عبير لديها الكثير من الطموحات من خلال مشاركة رحلتها مع مشاهديها من خلال شاشات التليفزيون، وكذلك تأمل في تنظيم ورش عمل ودورات تعليمية لفنون الطهي للكبار وللأطفال، متي توفرت لها المادة لذلك، ولكنها كلها أحلام مؤجلة. فبالرغم من انقضاء ثلاثة أعوام منذ إجرائها عملية إزالة الورم بالمخ، الا انها لازالت تعاني من بعض آثاره، مما يستدعيها الي عمل جراحة إشعاعية تحضر لها للقضاء على باقي الورم.

“بالرغم من عدم شفائي تماما من جراء العملية الجراحية، الا إني أداوم علي العمل لان مهنتي هي كل حياتي، الطهي هو عشقي و هو الحاجة الوحيدة اللي بتخليني احس اني عايشة.”

تطمح عبير بعد “ما العملية تعدي علي خير”، بان تقدم برنامج أحلامها  والذي تجمع فيه بين وصفات الاكل المصري و بين تعريف بالحضارة و العادات و التقاليد المصرية، و يكون ” مترجم علشان كل العالم يفهم مصر “

مع خالص أمنياتنا للشيف عبير بالشفاء التام

 

 

أضف تعليق