الاربعاء ١٤ يونيو ٢٠١٧
كتبت أليكساندرا كينياس
لآلاف السنين، سطعت أشعة الشمس الذهبية الدافئة على الحضارة المصرية العظيمة التي ازدهرت على ضفاف نهر النيل. وقد تفوق المصريون في الطب والفلك والعمارة والزراعة والعلوم، ولكن أكثر ما تميزت به الحضارة الفرعونية عن باقي الحضارات القديمة هو احترامها للمرأة والاعتزاز بها وبمكانتها في المجتمع. تمتعت المرأة المصرية القديمة بمزيد من الحقوق وبمنزلة أفضل من أقرانها في البلاد المجاورة، كما تمتعت أيضا بحقوق أكثر من الحقوق التي تتمتع بها حفيداتها في المجتمع المصري اليوم. بالتأكيد كان للمجتمع المصري القديم الكثير من العيوب، ولكن لم يكن هناك تمييز على الإطلاق بين الجنسين، بل كان التميز طبقي. وليس من قبيل المصادفة أن الحضارة المصرية القديمة ازدهرت بسبب وضع ومكانة المرأة بها، فلا يتمتع مجتمع بالازدهار دون منح المرأة به حقوقها وحريتها.
كان من المألوف للملاحين، الذين يبحرون بقواربهم على صفحة النيل، رؤية النساء المصريات يعملن في الحقول، أو يغسلن الملابس، أو يسبحن في النيل أو يتنزهن على ضفافه وقت غروب الشمس، بعد يوم عمل طويل، يستمتعن بنسيم الصيف، وهن يرتدين كامل زينتهن. ولم يكن للمرأة أي قيود على حرياتهن. ولم تتمتع المرأة فقط بالحرية الاجتماعية، ولكنها كانت علي قدم المساواة مع الرجل، حيث ان الثروات والمزايا والحقوق والواجبات كانت تقسم بالتساوي بين الرجال والنساء في مصر القديمة.
ترك المصريون القدماء أدلة كافية في شكل وثائق ومراسلات قانونية تظهر أن الرجال والنساء داخل كل طبقة اجتماعية كانوا علي قدم المساواة أمام القانون. وكانت يمكن للنساء امتلاك وبيع العقارات والأراضي والعبيد والجواري، ويقترضن المال ويوقعن العقود ويطلبن الطلاق ويشهدن أمام المحاكم، وكان الميراث يقسم بالتساوي بين الإناث والاولاد.
اعتز المصريون القدماء بنسائهم وأطفالهم وكانت الأسرة هي مصدرا لسعادتهم. ومع ذلك، لم تخضع المرأة لسطوة وهيمنة آبائها وإخوتها الذكور قبل الزواج ولا لتحكم أزواجهن بعده. ولم تجبر المرأة على الزواج. وحافظت المرأة على استقلالها بعد الزواج. ولم يكن دور الزوج مطلقا هو أن يصبح وليا لها، لأن المرأة كانت تحافظ على استقلالها المالي. وكان يمكن للزوج إدارة أصول زوجته، إذا وافقت هي على منحه هذه السلطة.
وفي حالة فشل الزواج، كان للمرأة الحق والحرية في طلب الطلاق وإنهاء الزواج بإرادتها. وعند الطلاق، كانت تستعيد ممتلكاتها بالإضافة الي حصولها على نصيبها من ممتلكات الزوجية، أو ما يعرف اليوم بتسوية الطلاق. وبمجرد إتمام الطلاق، كان لها الحرية في العودة إلى منزل والدها للعيش، او العيش لوحدها إذا اختارت هي ذلك. لم يكن الطلاق وصمة عار لها، وكان من المألوف أن تتزوج المرأة المطلقة مرة ثانية. لم يكن ممنوع إقامة علاقات بين الجنسين قبل الزواج، ولكن بعد الزواج، لم تكن الخيانة الزوجية مسموح بها. وكان الملوك فقط هم المسوح لهم بتعدد الزوجات.
وكانت للنساء في مصر القديمة أدوارا بارزة في السياسة ووظائف هامة. تم تعيين السيدة نيبيت كوزيرة في الدولة القديمة. على مدى التاريخ المصري، حكمت عدة ملكات في مصر القديمة، منهم الملكة ميريت نت، والملكة نت إقريت، والملكة سبك نفرو، والملكة حتشبسوت، والملكة تاوسرت. لا يوجد تفاصيل لأسباب أو ظروف اعتلائهن حكم البلاد، ولا توجد أيضا أي وثائق تشير ان رعايا هؤلاء الملكات اعترضن على حكمهن لكونهم نساء. وهناك بعض الأدلة التي تشير إلى أن الملكة نفرتيتي كانت تشارك الحكم مع زوجها الملك أخناتون. وكان من المعتاد في مصر أن تقوم الزوجة بتمثيل زوجها إذا كان علي سفر، وتتولى مسؤولية أعماله حتى يعود. وكذلك كان يتم تشجيع النساء الغير عاملات من الطبقة الاجتماعية العالية بالعمل في المعابد ككاهنات لبعض الآلهة.
مثل أغلب الحضارات القديمة، كانت نسبة الأمية في المجتمع المصري القديم مرتفعة، ولكن فرص التعليم التي كانت متوفرة كانت متساوية للفتيات مثلها للأولاد. وكانت الإلهة سيشات هي آلهة الكتابة، ولم تكن هي الإلهة الوحيدة، فمن أصل الثلاثين إله في مصر القديمة كان هناك اثني عشر إلهة سيدة.
وبعد سبعة آلاف عام منذ ظهور الحضارة المصرية القديمة، تواجه النساء في مصر اليوم الكثير من التحديات، وهن لا يزلن يكافحن للحصول على بعض الحقوق التي منحت لنساء مصر القديمة. وبالرغم من كل الصعوبات التي تواجه المرأة المصرية اليوم، إلا ان الشمس سوف تشرق مرة أخرى وسوف يستعدن كل حقوقهن. عليهم فقط السعي والعمل الجاد للحصول عليها.
إذا أعجبتك هذه المقالة، أشترك في المجلة لتصلك مقالاتنا في بريدك الالكتروني **