من داخل مخيمات اللاجئين مع شادن خلاف

الجمعة ١٦ يونيو ٢٠١٧
كتبت مى علام

15401000_1239763992784712_5137667402874636584_nشادن خلاف هي خبيرة شؤون اللاجئين والأمور الإنسانية بالشرق الأوسط وشمال إفريقيا. في دورها الحالي كالمستشار الاكبر للسياسات للمكتب الإقليمي لمفوضية الامم المتحدة لشئون اللاجئين في عمان بالاردن، تعد من االسيدات العربيات الرائدات والاعلي منصبا في مجال صنع السياسات المتعلقة بكارثة النزوح الاوسع في التاريخ الحديث

سفرها عبر البلاد المختلفة بالمنطقة وخبرتها لمدة ١٨ عام تتمثل في عدة مجالات مثل: حماية نساء وأطفال اللاجئين، مراحل البناء والتحول لما بعد النزاعات، تصميم المناصرة واستراتيجيات الاتصال، التصدي للتطرف العنيف، التعاون مع المنظمات الاقليمية، ادارة برامج سفراء النوايا الحسنة، تصميم الاستراتيجيات لسياسات الشراكة مع المجتمع المدني، بالتركيز على التعاون مع الأكاديميين والقطاع الخاص.

كمحاضر مساعد، قامت شادن خلاف بالتدريس بقسم الحقوق، ومركز دراسات اللاجئين والهجرة بكلية الشئون الدولية والسياسة العامة للجامعة الأمريكية بالقاهرة، وتقوم بشكل دوري بعمل مؤتمرات ومحاضرات بمعاهد العالم المختلفة، ونشرت عدة أبحاث عن اوضاع اللاجئين بالمنطقة.

تعد شادن خلاف مناصرة قوية للمساواة بين الجنسين وتمكين المرأة، وتقوم بالعمل على أليات دعم المرأة في مختلف التحديات التي تواجهها في مجال العمل الانساني

AWO

نساء من مصر: ماهي القضايا التي تشغل حيزا كبيرا من اهتمامك مع تنامي اعداد اللاجئين بالشرق الأوسط؟

شادن خليفة: من خلال عملي في مجال قضايا اللاجئين مع الامم المتحدة والأوساط الاكاديمية منذ عام ١٩٨٨، وخاصة في منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا، اقوم دائما بتسليط الضوء على التحديات التي تواجهها المرأة خاصة خلال دورة التهجير. المرأة العربية بوجه عام تواجهها عقبات عديدة في طريق تمكينها الكامل، وهو الامر الذي أصبح أكثر تعقيداً في ظل مجموعة التحديات الفريدة التي تواجهها عند تهجيرها.

FA410797-637C-4F74-963F-755BCCB9FD50-1وكامرأة عربية، فإنني اشعر بثقتهم الفورية، وتوقعاتهم باني سوف أكون مناصرة لهن ومعنية بمصالحهن. اتذكر إحدى اللاجئات وهي تحكي كيف فرت هي وصغارها من القصف الجوي الشديد على منازلهم في منتصف الليل، وكيف دفعتها غريزتها بوضع يديها على رؤوس اطفالها أثناء ركضهم. واستطردت الام قائلةً: “كنت اعلم أن هذا لن يحميهم باي شكل من القنابل، لكن ماذا اقول،  إنني أم وهذا ما تفعله الأمهات”. لكلمها اوجع قلبي، فلا ينبغي أن تتعرض الامهات لمواقف تصبح فيها هي المسؤولة عن حماية أولادها من التعرض للقصف أثناء نومهم. لكن هذا هو الواقع لملايين العائلات في المنطقة وفي مناطق اخري بجميع انحاء العالم.

Zaatari girls

ن م: ما هي التحديات الرئيسية التي تواجه منظمتك وكيف تتعاملين معها؟

ش خ: إن منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا الآن تستضيف أكبر نسبة من اللاجئين في العالم – حيث تقترب النسبة من 40 % – على الرغم من أن الدول العربية تشكل 5% فقط من نسبة عدد سكان العالم. هذه النسبة المرتفعة تذكرنا بأننا نتعامل مع عوامل اجتماعية واقتصادية وجيوسياسية متأصلة في هذه المجتمعات، تولد عدم الاستقرار، وتحتاج الي علاج. نحن نحتاج إلي أن نكون قادرين علي منع مثل هذا التهجير المأساوي ، الذي يجبر  الناس علي التخلي عن كل يعرفونه و يحبونه بحثا عن الأمان. إلا انه علي الرغم من كل هذه الاضطرابات، اظهرت المنطقة  علي مر السنوات القليلة الماضية قوة و تماسك كبيرين، ولذلك فعلينا دراسة العوامل التي حققت نجاحا، والأسباب التي عملت علي استمرارية المجتمعات تحت هذه الظروف، و ذلك لنتمكن من وضع أسس و عوامل للاستقرار.

A6F66B34-5BD1-4EF3-8993-90A3DA063296ن م: كيف لعب تعليمك وأسفارك المتعددة دورا في التأثير على قرار انضمامك للأمم المتحدة؟

ش خ: انضمامي للأمم المتحدة كان دائما هو الخطوة الطبيعية لي بعد نشأتي في ٧ دول، نتيجة لعمل والدي في السلك الدبلوماسي، وتعرفي على العديد من الثقافات المختلفة منذ صغري. كذلك كانت تعمل والدتي في مجال صحة المرأة، و قد غمرني كلا منهما في عالم الخدمة العامة ومن خلالهما تعرفت علي قيمة العمل في القضايا التي ترفع من شأن الافراد. نشأتي هذه كانت افضل ما أعدني لاستقبال هذه الثروة الثقافية ، وفهم و قبول الآخر، وهو ما يشعرك بأنك جزء من العائلة الانسانية الكبيرة.

وأثناء دراستي بالجامعة الامريكية بالقاهرة، إهتميت كثيرا بدراسة و فهم كيفية عمل نظام برنامج الامم المتحدة، وما الذي يمكن أن يفعله كلا منا لإحداث فرق. هذا وقد ساعدتني سنوات وجودي بالجامعة الأمريكية ايضا علي تقدير قيمة العطاء للمجتمع. وبذل كل ما بوسعنا لتمثيل مصر علي افضل وجه، والمساهمة في تطويرها وازدهارها.

4EA5BC70-76AC-49AB-9151-1A4372F8E57F

ن م: ما هي الإسهامات البارزة التي قمت بها لإعانة اللاجئين والمناطق التي تحتاج الي مساعدات إنسانية بالمنطقة؟

ش خ: من المهم لنا كمؤسسة أن يكون لدينا فهم للسياق الذي نعمل من خلاله، وتعديل عملياتنا لتتكيف مع التغيرات الإقليمية. حماية اللاجئين في منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا تتطلب وسائل غير تقليديه، وأنا أعمل علي إيجاد وسائل للتعامل مع هذا الأمر وتطويره بطريقة ملموسة. وبعد التخطيط والاستشارة والعمل الشاق مع فريق متميز من العاملين في المنظمة، نقوم الأن بإطلاق مبادرة  مبتكرة تضم أصوات الجهات الفاعلة بالمجتمع المدني في منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا. هذه المبادرة توفر منصة للدعوة والبحث والابتكار فيما بين المنظمات الوطنية الغير حكومية، والمؤسسات، والأوساط الاكاديمية والإعلام  من جهه، وبين القطاع الخاص من جهه أخري، و ذلك لتمكين الجهات الفاعلة المحلية والإقليمية والسماح لها بالقيام بدور فعال.

IMG_0735

ن م: كيف تتوقعي من المبادرة أن تحدث تغييرا؟

ش خ: تتعامل منطقتنا مع تحركات اللاجئين منذ قرون طويلة، والتراث الثقافي والتاريخي الممتد الذي يوفر الأمان لأولئك الفارين من الخطر راسخ بعمق في الروح الجماعية لنا كعرب. بالرغم من ذلك، فلا يوجد لدينا حتى الآن هياكل اقليمية كافية للتعامل مع مثل هذه الازمات بطرق مستديمة ومتوقعة، تلبي احتياجات المجتمعات المضيفة. هذا وتعد شبكتنا هي المنصة الاولي التي توفر الفرصة للمشاركين من هذه المجتمعات المحلية واصحاب المصالح للعب دور أقوي في التأثير على صناعة السياسة العالمية. والإمكانيات التي ستتاح لنتيجة لذلك ستعود بالفائدة علي الجميع: اللاجئين، المجتمعات المضيفة، الحكومات، المانحين، و المجتمع الدولي ككل.

IMG_0772

ن م: ما هي التحديات التي تواجهك خلال عملك بشكل عام، وكامرأة بشكل خاص؟

ش خ: إن مجال العمل الإنساني من أصعب المجالات، وزملائي العاملين بهذا المجال من أشجع الاشخاص الذين اعرفهم. الاماكن التي نعمل بها، مواجهتنا لأسواء اشكال المعاناة الإنسانية واليأس، إلتزامنا بالحديث نيابة عن هؤلاء الذين لا يتمكنون من الحديث عن انفسهم، والعمل في الخطوط الامامية للنزاعات في العالم، تحت ضغوط هائلة، بعيدا عن الأهل و الأصدقاء لفترات طويلة من الوقت، كل ذلك له  وقع شديد علي فريق العاملين بالمفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.

IMG_0744لقد مررنا جميعا بمواقف صعبة تعرضنا خلالها للكثير من الضغوط النفسية والعاطفية والجسدية. فقدنا اصدقاء جراء هجمات بالقنابل، و لنا أصدقاء تم اختطافهم وقضوا بعض الوقت محتجزين في اماكن غير إنسانية، ونحن نتأثركثيرا  بما نراه ونفعله. أتذكر محاولات إنتحار في مكتبي جراء الإحباط والخوف، زيارات عديدة لمراكز الاحتجاز لمقابلة طالبي اللجوء واللاجئين، والسفر في طائرات عسكرية عبر مناطق النزاع (ولا اخبر اسرتي عن ذلك الا بعد عودتي)، تقدم المشورة للناجين من الإغتصاب، وعمالة الاطفال، الإتجار بالبشر والعبودية ، و أكثر من ذلك بكثير من اسوء اشكال الانتهاكات البشرية التي لا يمكن تخيلها.

إن اول لقاء اجريته مع شاب تعرض للتعذيب بسبب انتمائه العرقي لا يزال محفورا في ذاكرتي. نعم في بعض المواقف تسبب كوني امرأة – و امرأة عربية –في بعض التعقيدات للامور، فهذا ليس شيء سهل قبوله لدي البعض. و علي الرغم من مرور العديد من السنوات ، هناك مواقف تعرضت لها لازلت اجد صعوبة في الحديث عنها. إلا أنه هناك دائما وسيلة للبقاء والإستمرار. وعلي الجانب الأخر، عندما نتمكن من حل قضية او تسويتها بنجاح، أب يطلق سراحه، أم يعاد توطينها ، تبرع تم تقديمه او عائلة تعود لمنزلها بأمان، فإن الشعور بالانجاز لا يمكن وصفه.

IMG_0737ن م: ما هي تطلعاتك للمستقبل على المستوي المهني والشخصي، وعلى مستوي خدمتك للمجتمع؟

ش خ: إنني ملتزمة تماما بمواصلة دعم وتمكين المرأة في جميع المجالات، في مجال العمل، والنظام التشريعي والأوساط الأكاديمية والتنمية والدور القيادي وكذلك بالمنزل. إنني أومن ايمانا حقيقيا بأن منطقتنا لن تتمكن من التحرك قدما وتزدهر إلا عندما تعتمد انظمتنا وثقافتنا بشكل جدي مبادئ المساواة والإندماج والتعددية. كما سأكون ملتزمة دائما برفع الظلم والتمسك بالحقوق الأساسية للإنسان في التحرر من الخوف والحاجة، فضلا عن الحرية في ممارسة الخيارات التي تمنح لنا كبشر.

أما علي المستوي الشخصي، فإن تحقيق التوازن بين هذا النوع من العمل والمتطلبات اليومية لكوني اولا وقبل كل شيء أم هو ربما التحدي الأكبر علي الاطلاق.. إنها عملية مستمرة لانجاز العديد من المهام ، والوظائف والمواعيد و محاولة ضغط كل ما يمكن إنجازه في خلال 24 ساعة، بشكل يومي.  ومثل كافة الأمهات العاملات، لطالما كان لدي إجتماعات هاتفية أثنا قيامي بمساعدة الاولاد علي أداء الواجب المنزلي، أو قمت ببعض الاعمال علي اللآب توب في حضور صديقاتي بينما أطفالنا  يلعبون سويا ، أو طلب تورتة عيد الميلاد و انا علي متن طائرة استعد للسفر، وهرعت مسرعة من مقابلات اعلامية لحضور عروض مدرسية. لكن مع وجود اسرة متفهمة وداعمة، و أصدقاء و زملاء في جميع أنحاء العالم يمثلون الاسرة الأكبر، يساعد ذلك علي الاستمرار، وتصبح حياة الشخص الشخصية و المهنية وجهان لعملة واحدة، لا ينفصلان عن بعض.

ترجمه النص من الانجليزية مى مصطفي

إذا أعجبتك هذه المقالة،  أشترك في المجلة لتصلك مقالاتنا في بريدك الالكتروني **

أضف تعليق