عازفات الإيقاع الجدد يكسرن احتكار الرجال للآلات الموسيقية

السبت ١٢ أغسطس ٢٠١٧
كتبت – رحمة ضياء

1918476_10206119675125801_3851354893602629939_n
صابرين الحسامي

كنا نحو سبع فتيات وسيدة تقاسمنا مؤخرة سيارة نصف نقل مع صناديق تضم “عزال” صديقتي العروس، في طريقها إلى بيت الزوجية، وفور تحرك السيارة اعتدلت امرأة ثلاثينية في جلستها وبدأت تملس بيدها على سطح طبلة ترقد فوق فخذها، وكأنها توقظها من ثباتها لاستدعاء النغمات من جوفها.

بدأت عجوز تردد أغاني الزفاف المتوارثة من جيل إلى جيل، مصحوبة بالنغمات المنبعثة من الطبلة في تناغم وانسجام.

للحظات انصب تركيزي على يدي “عازفة الإيقاع” التي تدق على سطح الطبلة بمهارة لم تتعلمها في ورشة أو معهد فني، ولكنها ورثتها من تراثها الثقافي الذي طالما ضم فنانات وعازفات إيقاع بالفطرة، ينشدن الأغاني ويعزفن على الطبل والدفوف.

maxresdefault
دنيا سامي ورانيا عمرو

وتذكرت الفتاة العشرينية التي رأيتها في شارع المعز تعزف على الطبلة وسط حلقة من المستمعين، والتي لم تسلم بالرغم من إعجابهم بعزفها من بعض التعليقات الساخرة والمستنكرة لما تفعله، لمجرد كونها فتاة تحمل طبلة، في حين أنه لو كان شابا من يعزف علي الطبلة، فلن يشوبه عيب، ولن يسمع أحدا يقول له “ما تجيب الطبلة وترقص لنا أحسن” أو “أنت بتشتغل في شارع الهرم”.

وهذه مجرد أمثلة من التعليقات التي نجدها على مواقع التواصل الاجتماعي على الفيديوهات التي تظهر فيها عازفات الإيقاع الجدد وهن يقدمن وصلات مبهرة من العزف الحر يتوحدن خلالها مع إيقاعات “الدم” و”السك”.

مشهد المرأة التي تحمل الطبلة وتعزف عليها ليس غريبا عن ثقافتنا، وطالما ارتبطت هذه الآلة بالنساء ومناسباتهن السعيدة كليلة التنجيد والحنة، ولا يزال ذلك المشهد حاضرا في حفلات الزفاف بالأرياف والمناطق الشعبية. الجديد في الأمر أننا أصبحنا نشاهد بشكل متزايد سيدات يعزفن على الطبلة في الحفلات الموسيقية، باعتبارهن إما عضوات في الفرق الموسيقية المختلف أو من خلال وصلات عزف منفرده تقدم على المسرح بالمراكز الفنية والثقافية.

1484567844695920800
صابرين الحسامي

والأكثر تمردا هي تلك الفتيات اللاتى اتخذن من الشارع مسرحا لعرض فنهن وإشباع شغفعن بالعزف على الطبلة دون الإلتفات إلى التعليقات المسيئة والمستهينة والمستنكرة لهن، ليكسرن بذلك تابوها اجتماعيا يحصر خيارات الفتاة الموسيقية في آلات بعينها ويحظر عليها آلات أخرى باعتبارها حكرا على الرجل.

اذكر من هؤلاء العازفات الجدد بسمة الهجرسي، دنيا سامي، ورانيا عمرو وقبلهن صابرين الحسامي أول محترفة لآلة الطبلة في مصر.

7362646381464963773
دنيا سامي ورانيا عمرو

هؤلاء الفتيات وغيرهن، واللاتى لا يسيئئهن أن يناديهن أحد بلقب “طبالة”، يحاولن تغيير الصورة المجتمعية المرتبطة بالآلة التي يعشقنها، وفصل الارتباط الذهني بين “الطبلة”  وبين “الراقصة” أو “الكبارية” أو “الفرح الشعبي”، وترسيخ أن الطبلة هي آلة موسيقية مثل باقي الآلات التي لها قدسيتها وجمهورها، والتي يقام لعازفيها حفلات منفردة يأتي الجمهور خصيصا من من أجل الاستماع الى موسيقاها.

وللوصول الي هدفهن، تعافرهؤلاء الفتيات لإثبات أنفسهن وقدراتهن الفنية في مجال طالما احتكره الرجل، بداية من الاجتهاد في تعلم العزف سواء من خلال مشاهدة فيديوهات تعليمية على الإنترنت أو الالتحاق بمدراس ومعاهد الفنون، وصولا لنشر فنهن بجرأة على مواقع التواصل الاجتماعي ومن خلال النزول إلى الناس في الشارع دون الالتفات لمن ينتقدهن أو يتنقص منهن.

 

20046728_1810438285933739_718484855317097371_nرحمة ضياء صحفية و محررة قضايا المرأة في موقع أصوات مصرية ، ونشرت مقالاتها في جريدة اليوم السابع والتحرير والدستور.رحمة صدر لها كتابان، بنات بوك و رقصة مع الرومي

*الصور منقولة من الانترنت و جميع حقوقها محفوظة لأصحابها

إذا أعجبتك هذه المقالة، أشترك في المجلة لتصلك مقالاتنا في بريدك الالكتروني **

أضف تعليق