السينجل مامز هن المحاربات

السبت ٩ سبتمبر ٢٠١٧
كتبت – فايزة طه ياسين

ashley and tiara

ينظر المجتمع في بعض الأحيان إلى السينجل موم (الأمهات العازبات الآتي خضن تجربة الانفصال ويقمن بتربية الأولاد منفردات بلا رجل)، على اعتبار أنهم هن المتسببات في تدمير كلا من حياتهن الزوجية وإحساس أبنائهن بالاستقرار. وهذا غير صحيح بالمرة، فمن تجربتي الشخصية، العكس هو الصحيح. بعض الأمهات اخترن الانفصال لينقذن أنفسهم من علاقات مؤذية نفسيا وليمنحن أطفالهم الشعور بالأمان بعيدا عن هذه الأجواء الضارة.

اللحظة التي توقع فيها المرأة على عقد زواجها بالشريك الذي أحبته وأوضعت به ثقتها كزوج وأب لأولادها في المستقبل، هي اللحظة التي تنتقل فيها من عالمها الحالم لتواجه واقع الحياة، والتي تطمح من خلالها في بناء الحياة الزوجية السعيدة التي طالما حلمت بها. لكن لسوء الحظ، مهما خططت المرأة لهذه الحياة الجديدة، ومهما اعتقدت أنها على دراية بشريك حياتها او بما تحتاجه لبناء بيت وأسرة، الا ان الحياة ليست دائما “وردية” كما صورتها لها أحلامها.

بالنسبة لي، انا كنت اعرف جيدا ما اريده في شريك حياتي، أردت شخص قوي، قراراته حاسمة، ناجح، يشعرني بالأمان بدون أن يكون متسلط، قليل الغيرة (بما يكفي ليظهر اهتمامه بي)، محب وعطوف ومتفهم وداعم لأحلامي واحتياجاتي. أردت سند لي في الدنيا وليس ماكينة صرف أموال. ولكن من تجربتي أيقنت ان كثير من الناس لديها وجهين، وفي كثير من الأحيان تفشل الزيجات لأننا نتجنب الوجه الذي لا يعجبنا، وننظر فقط الي الوجه الذي وقعنا في حبه. للأسف انا فقط أردت النظر الي الوجه الذي أحببته، وأعطيته دور الرجل الذي كنت أبحث عنه. ولكن الحياة لا تسير دائما في الطريق الذي خططناه. وعندما يحدث هذا، فالنساء لديها الخطط البديلة، خاصة عندما يكون هناك أطفال صغار تخاف عليهم أمهاتهم من التأثير السلبي لنشأتهم في محيط أب غير مسؤول.

single-mom

الام بحكم غريزتها تقوم بحماية أطفالها من مواجهة أجواء أسرية غير سوية قد تؤثر سلبا على صحتهم النفسية، مما يضطرها ذلك الي اتخاذ قرار الانفصال الصعب. وقد يعتقد الكثيرون ان المرأة كل همها هو إيجاد مخرج لها من هذا الزواج وأنها تستخدم الأطفال كذريعة لها. لقد قابلت الكثيرين في المجتمع ممن يفكرون بهذه الطريقة. هؤلاء الناس يوقعون أحكامهم على الأخرين حتى بدون أن يتفهوا صعوبة هذا القرار. وحتى بعد الطلاق، تنتاب المرأة لحظات تشعر فيها بالندم، ولكنها عندما تتذكر تجربتها المريرة وما عانته خلالها مع شريكها، تدرك أنها كأم قد اتخذت القرار الصائب.

رحم الأم هو المكان الذي تبدأ فيه الحياة. عندما كان طفلي ينمو داخلي، بدأت أعرف كل شيء عن مخاوفه، ومتي كان سعيدا ومرتاحا ومتي كان يشعر بالضيق. أنا أعرف صوت نبضات قلبه أفضل من أي شخص آخر في هذه الدنيا. لذلك، كنت أعرف التأثير السلبي لهذا الزواج عليه.  وهناك العديد من النساء الآتي يشاركن أفكاري، لكنهن يخشون اتخاذ هذا القرار.

عندما أخبرت قريباتي بقراري هذا، حاولن ان يقنعوني بأن أعدل عنه. معظمهم كان لأسباب مالية، ولكن أيضا لمخاوفهم بأن طفلي لن يكبر ليصبح شخصا سويا دون وجود أب في حياته. الكثير من السيدات، وانا منهم، يرغبن في ان يكون للاب دورا مؤثرا في تربية أولادهم، ولكنهم للأسف الآباء هم من يرفضون ذلك.

Ways-Single-Moms-Cope-With-Loneliness

الأسوأ من كل ذلك هو أن الكثير من الناس يوقعن الخطأ على الأمهات. ولذلك فمن المهم على الأمهات عدم السماح لهذه الافتراضات والمعتقدات الخاطئة أن تؤثر على قراراتهن. يجب عليهم أن يؤمنن بأنفسهن وبأنهن اتخذن القرار الأفضل لصالح أطفالهن و بأنهن لم يقترفن أي خطأ في حق أبنائهم، ويستمتعن بقضاء اوقاتهم معهم والعمل على تنشئتهم نشأة صالحة، ولا يلقين اللوم على أنفسهن لفشل زواجهن.

كذلك من المهم ان تدرك السيدات انهم لسن فاشلات لمجرد ان زواجهن قد فشل، كل ما في الموضوع هو انهن لم يكن لديهن رؤية واضحة عندما وقعن في حب الرجل الغير مناسب، و لذلك فلا يجب ان يفقدن الأمل بانه يوما ما سوف يجدن الرجل الذي سيقدرهن هم  وأولادهم.

لا تلقي بالا لمن يلقون الأحكام على قراراتك أو من يعتقدون أنك فقدتي قيمتك كامرأة، لأنهم كلهم على خطأ. فأنت عندما أصبحت أما، فقد توجت ملكة الجيل القادم. أما هؤلاء في المجتمع الذي يعتقدون عكس ذلك، انا أتمنى أن يدركوا في يوما ما أن السينجل موم هي سيدة قوية وشجاعة وذكية ومكافحة.

وتحية مني الي كل الامهات الآتي مررن بنفس تجربتي، فأنا أعرف كم كان هذا القرار صعبا، ولكن أعرف أيضا أن المستقبل سيكون أفضل.

*مراجعة و تحرير مي علام

الصور منقولة من الإنترنت و جميع حقوقها محفوظة لاصحابها 

إذا أعجبتك هذه المقالة، أشترك في المجلة لتصلك مقالاتنا في بريدك الالكتروني **

 

 

أضف تعليق