يعانون في صمت بعدما فاتهن قطار الطلاق

السبت ٢٣ سبتمبر ٢٠١٧
كتبت – مها  محمود

divorzio

فى الآونة الأخيرة أصبحت قضايا المرأة تشغل حيزا كبيرا من الرأى العام، مما أدي إلى تشكيل ضغط علي صانعي القرارات ترتب عليه إيجاد حلول تجاه بعض هذه القضايا، والتى كان حلها فى الماضى غير البعيد يمثل دربا من دروب المستحيلات. ومن أكثر القضايا المثيرة للجدل كانت قضايا الطلاق التى كانت ترفعها المرأة التى تشكو من استحالة الحياة مع زوج يهينها أو يضربها أو يحبسها أو لاينفق عليها  ….. إلى آخر تلك الأسباب المعلنة أوغير المعلنة، والتي تدفع  الزوجات للتضحية بحياتهن الزوجية مقابل الحصول علي حريتهن.

وقبل أن تسن القوانين التي أعطت المرأة الحق في طلب الطلاق، كانت فترة التقاضي في المحاكم تطول لسنوات عديدة، يترك الزوج فيها زوجته “كالمعلقة” ، وكان محامى الزوج خلالها يتلاعب بكل ثغرات القانون حتى يكسب موكله القضية .. وهناك بعض أعمال الدراما المصرية التى ناقشت مثل هذه القضايا وقتئذ، على سبيل المثال فيلم أريد حلا لسيدة الشاشة العربية فاتن حمامة الذى سرد قصة إمرأة عانت لمدة أحد عشر عاما للحصول على الطلاق وانتهى نهاية مفتوحة أعلنت بقاء الحال على ماهو عليه. ومن عاصر كل ذلك يعلم كم تعب الأعصاب وضياع الوقت والضغط النفسى الناتج عنه و الاتهامات الباطلة التي تتهم بها الزوجة من من قبل الزوج حتى تتنازل عن قضيتها. هذا بالطبع بخلاف نظرة المجتمع لهذه المرأة التى “أعلنت حالة التمرد” على حد تعبير المجتمع، فجعلها منبوذة فى كل مكان حتى على مستوى أسرتها الصغيرة المكونة من أقرب الناس إليها، الأب والأم والأخوة.

فى السنوات الأخيرة، نظرا للتحرك المجتمعى سواء كان من قبل المنظمات النسائية أو من خلال مجهودات الرائدات فى العمل الاجتماعى والقانونى، تطورت الأمور إلى الأفضل، فالقوانين أصبحت أكثر إنصافا للمرأة، وكذلك تم إختزال فترات التقاضى لبضعه شهور بدلا من سنوات طويلة، ولم يقتصر الأمر فقط على تعديل القوانين التي عملت علي إصلاح حال هذه الفئة من السيدات اللاتى عانين لعقود من جراء عدم اكتمال منظومة القوانين، بل تغيرت نظرة المجتمع أيضا إلى المرأة المطلقة، فلم تعد إلى حد كبير هذا الشخص المنبوذ الذى يجب تجنبه والابتعاد عنه، ولكن لايجب ألا ننسى أن بداية الغيث قطرة، ومانراه من تغير فى نظرة المجتمع لها يعنى أن الأمور تسير فى الطريق الصحيح…

وعلي صعيد أخر، نجد شريحة كبيرة من السيدات اللاتى كبرن في السن قبل التعديلات التي طرأت علي قوانين الأسرة، هؤلاء السيدات عانين من سطوة وقسوة أزواجهن ولم يستطعن الانفصال عنهم وضحين بأجمل سنوات عمرهن مع رجال لا تعرف الرحمة والإنسانية في التعامل مع زوجاتهن، من أجل استقرار المنزل وتربية الأبناء وسط أب وأم حتى لاتقع عليهم لعنة الطلاق والانفصال. هؤلاء السيدات واللاتى لم يعدن حاضنات، مازلن يتعرضن لعنف ممنهج، معنوى ونفسي وأحيانا قد يكون بدنيا أيضا، وهن للأسف ليس لديهن القدرة على الشكوى أو حتى مواجهة أزواجهن، وذلك لأنهن قد تزوجن فى سن صغيرة وبالتالى اعتدن علي الطريقة التى يتعامل بها الزوج أو كما يقول العامة ” زوجها رباها على إيديه وعودها على طبعه حتى لو كان طبعه سىء”،  فالزوجة هنا أسيرة فى سجن زوج لاتعرف فى دنياها غيره، لدرجة أنها عندما تفضفض وتسرد جزءا ضئيلا مما تتعرض له، تسارع بالدفاع عن زوجها وإيجاد المبررات لتصرفاته، مما يثير دهشة من يستمع اليها.

 وقد وصل الجبروت ببعض الأزواج إلى طردهم الزوجة في هذه السن من منزل الزوجية بحجة أنها غير حاضنة، لتجد نفسها بلا مأوى أو مصدر دخل بعد ما انقضى عمرها وصحتها فى حياة زوجية اعتادت خلالها أن تعطى كل مالديها من حب وحنان ووقت وصحة بدون مقابل أو حتى انتظار لكلمة شكرا..

حتى وإن لم يصل عقاب الزوج لزوجته بطردها من المنزل، نجده يمارس عليها الضغط المستمر من خلال تهديدها بذلك  طوال الوقت، فهي إما أن تنصاع لأوامره و سطوته وإلا ……….. وهذه النقاط تحمل عبارات قاسية جدا تعبر عن كم الأسى الذى تشعر به هذه الفئة من السيدات مكلومى القلوب.

هؤلاء السيدات يحتجن الي المزيد من الدعم المعنوى والنفسي والتثقيف القانونى حتى يستطعن مواجهة حياتهن بشكل صحيح والتعامل مع أزواجهن بشكل يفرض عليهم تغيير المعاملة إلى الأسلوب الأفضل،  بالإضافة إلى إكسابهن الثقة فى أنفسهن مرة أخرى حتى تخرج كل واحدة منهن من الشرنقة التي أحاطت بها طوال سنوات التجربة الأليمة التى مرت بها. كذلك علي أولي الإمر ان يعملوا جاهدين علي تعديل القوانين التى تخص هذه الفئة من السيدات والأمهات الفاضلات.

 يجب تكثيف النظر بأعين ثاقبة إلى هؤلاء السيدات اللائى يعانين بصمت رهيب حتى نساهم ولو بقدر ضئيل في أن نجعلهن يعشن أياما سعيدة وأن نمسح دموعا طالما ذرفت من قلوبهن قبل أعينهن.

إذا أعجبتك هذه المقالة، أشترك في المجلة لتصلك مقالاتنا في بريدك الالكتروني **

أضف تعليق