الزواج بين الحقيقة وأوهام العالم الافتراضي

الخميس ٥ أكتوبر ٢٠١٧
كتبت – رحمة علي
ideal_evlilik_yasi_kac

تعيش كل فتاة وهي تحلم باليوم الذي سوف تطل بِه بالفستان الأبيض وهي متأبطة ذراع شريك حياتها، ليعيشوا معا حياة تملأها البهجة والرومانسية، إلا أنه للأسف واقع الحياة يتنافى مع هذه الأحلام الوردية، فوفقا لمركز المعلومات التابع لمجلس الوزراء المصري، احتلت مصر المركز الأول في تعداد حالات الطلاق حول العالم، وذلك بمعدل حالة طلاق واحدة كل ٦ دقائق، أي أن هناك ٢٤٠ حالة طلاق يوميا، وقد ذكر نفس المصدر أيضا أن عدد كبير من حالات الطلاق تحدث بعد سويعات قليلة من عقد القران.

هذا الرقم يحمل الكثير من المعاناة النفسية وخيبات الأمل، فهو ليس مجرد رقم في سجل الإحصائيات، بل هو رقم يستدعي منا جميعا إعادة التفكير في طبيعة وشكل الحياة الزوجية في مصر، وما تواجهه المرأة من ضغط أسري ومجتمعي يمارس ضدها في حالة تأخرها عن موعد الزواج الذي حدده لها المجتمع سلفا، فتبدأ في التفكير في كيفية تبديل لقب عانس بلقب مدام الأستاذ، لتتخلص من غمازات ولمزات الأهل والجيران وأهل الجيران، وتقضي على السؤال الأبدي الذي تتوارثه الأجيال بشكل يدعو للعجب “هتتجوزي امتي”.

على المستوي الشخصي أعرف كثير من الصديقات الآتي يفكرن جديا في الانفصال عن أزواجهم، والشيء الذي يقف حائل أمامهم هو إما نظرة المجتمع، أو الخوف من تبعات الطلاق السلبية على الأبناء، سواء ماديا او معنويا، أو ردود فعل الاهل حيال وقوع الطلاق، حيث أن أغلب الأسر المصرية تتعامل مع الطلاق على أنه “بعبع”، ويفضلون ان تعيش ابنتهم حياة تعسة عن الانفصال عن زوجها، مبررين ذلك بالخوف من “كلام الناس”.

من الأسباب الرئيسية التي تؤدي الي الطلاق هو ان الكثير من الأسر المصرية تتعامل مع الزواج علي أنه مجال للتفاخر بين الأهل والاصحاب، فتتوالى طلبات أهل العروسة على “خطيب ابنتهم” غير مهتمين أن كان ذلك سيضمن السعادة لبناتهن أم لا. الزواج ليس شبكة ومهر وقائمة وقطع أثاث، إلا أن العرف آصبح يحتم أن يدفع العريس “أكثر” حتى يتمكن أهل العروسة من التفاخر بشكل “أكبر”، وتتحول ،الزيجة إلى عملية بيع وشراء، لتجد العروس بعدها أنها أمام شخص لا تعرفه، فقد كانت فترة الخطبة عبارة عن سعي لشراء احتياجاتهما مع بعض خلافات على المؤخر وكم غرفة سيقوم بشرائها العريس. وبعد ان تفيق العروسة من بهجة الزفاف، تبدأ في الشكوى مدعية أن هذا ليس هو الشخص الذي وافقت على الزواج به، لكن الحقيقة يا عزيزتي هي ان هذا هو نفس الشخص. أنت فقط من كنت تصمي أذنيك وتغمضين عينييك عن عيوبه حتى تتم الزيجة بأقل الخسائر.

وتبدأ الفتاة في وضع نفسها في مقارنات مع صديقاتها وقريباتها، فابنه خالتها سافرت إلى شرم الشيخ وصديقتها هذه تقضي أجازاتها  الأسبوعية في أماكن مازالت تضعها في قائمة أحلامها. و قد جاء عالم مواقع التواصل الاجتماعي ليقضي علي البقية الباقية من العلاقات  الهشة. فقد خلق العالم الافتراضي عالما مثاليا تعيشه كل فتاة وتحلم به، في ظل صور أسعد زوجين، وماذا قدم هذا الرجل لفتاته، وكيف عرض هذا العاشق زواجه على محبوبته، وأحاديث وقصص مطولة عن قائمة الصفات التي يجب أن لا تتنازل الفتاة عنها في شريك حياتها، فيجب أن ينظر لها تلك النظرة، ويغازلها بتلك الطريقة، ويشاركها اهتماماتها كمشاركة جورج كلوني لزوجته في كل قضاياها، وتكون النتيجة خلق جيل غير واع لحقيقة العلاقة بين الرجل والمرأة، جيل يسعى لالتقاط أكبر قدر من الصور لنشرها على حساباته المختلفة حتى يعرف الجميع كم من السعادة التي يحيياها، وكم  الأماكن التي قام بزيارتها، وكم من الهدايا التي حصلت عليها الفتاة.

فنحن أن أردنا حلا لتعداد حالات الطلاق وهو عدد قابل لمزيد من التضخم، علينا أن نبدأ بالتغيير الان وليس غدا، وتكون البداية هي بتغيير نظرتنا للزواج، فهو ليس بعدد أطقم الصيني التي تنهار زيجات بسببها، ولا هو قطار وجب على الفتاة الاستعجال حتي تلحق به، بل هو بداية لحياة قائمة على التفاهم لشخصين قررا العيش سويا، ومواجهة عقبات الحياة معا.

إذا أعجبتك هذه المقالة، أشترك في المجلة لتصلك مقالاتنا في بريدك الالكتروني **

أضف تعليق