هل اطلعتم على Me Too اليوم يا مجتمع النعامات؟

السبت ٢١ أكتوبر ٢٠١٧
كتبت – ولاء الشامي

harassmentmuslimahIC__600x399

في الصباح فتاة تهرول مسرعة كي لا تفوتها محاضرتها، تحمل فوق رأسها، هم امتحان أول محاضرة، وهم باقي المحاضرات، وهم المال الغير كافي معها صباحا، وهم اليوم الطويل، وهم الرجوع إلى البيت في وقت متأخر، ثم فوق كل ذلك هم التحرش.

فتاة أخرى تسرع باكرا إلى عملها، تحكم أزرار قميصها الواسع بالطبع، وتنزل من بيتها متوجسة، لا تحمل هما في هذا الصباح مع قلة السائرين في الشارع سوى هم التحرش.

فتاة صغيرة لا يتعدى عمرها سبع سنوات، ليس في جسمها أي علامة بارزة للأنوثة، يتم التحرش بها في الشارع، أمام البيت بينما تلعب، من أحد الأقارب، من أحد الجيران، لتدخل نفس الدائرة وتُحبس فيها طوال عمرها.

56fe5a97-68cc-4be9-aa0a-31e0611b702e

فتاة تتصفح الإنترنت في غرفتها آمله بعد يوم متعب طويل أن تجد مساحات آمنة وبشرا أكثر إنسانية وتعاطف من هؤلاء الذين ابتليت برؤيتهم صباح مساء، ولكنها لا تسلم حتى هنا، تتحرش بعينها رسائل أبسط ما تقرأ فيها “هاي، ممكن نتعرف”، وأكثرها فجاجة لا داع لذكره.

كل فتاة مصرية تواجه الحياة في هذه البلد، هي معرضة بشكل يومي للتحرش ولأن ينتهك جسدها، وفوق ذلك، هي تُؤمر بالكتمان والتستر على المتحرش بها، لماذا؟! “لأن ده عرض”. والنتيجة، معظمنا كفتيات وإن لم نكن جميعا أصبحنا نحمل هم النزول من بيوتنا يوميا، ونخشى أن تحملنا أجسادنا عار لا ذنب لنا فيه.

t1larg.egypt.film.678.md

الوضع قاتم بالطبع، والرؤوس منكسة أمام كل محاولة تحرش، كنا فيما مضى نلقي اللوم فقط على الرجال الذين يدافعون عن المتحرش لأنه من بني جنسهم، لكن الجديد الآن هو عدم تعاطف النساء السائرات في نفس الشارع مع بنات جنسهن بالرغم من إنهن أيضا يتعرضن لنفس الهجوم.

كل إنسان من حقه أن يحيا بأمان في مجتمع محب، هذا ما تعلمناه صغارا، وللأسف آمنا به، ومن بين كل الثوابت التي تتكسر كل يوم بينما نواجه حقيقة كوننا فتيات مصريات، إلا أن هذه المقولة هي الأعنف على الإطلاق في تكسرها.

فلا الفتيات يعشن بأمان ولا يعتبرهم المعظم “إنسانا” من الأساس، الحقوق مهدرة ولا أحد يتكلم، وبعد الصمت تحمل الفتاة وحدها وزر الخطايا.

egypt sexual harassment

“إحنا بناتنا زي الفل، ما بيعملوش حاجة عشان يتعرضوا لكده” جملة مستفزة في مواجهة أي حملة تستنهض المجتمع وتنبهه أن هناك مشكلة، في الحقيقة “بناتكم مش زي الفل” لا لأنهم يرتكبون أفعالا يستحقون عليها التحرش، ولكن لأن فتياتكم يكتمون معاناتهن اليومية حتى عنكم؛ حتى لا يتلقين التعنيف أو مزيد من التقليص لبعض حقوقهن المتبقية.

فتيات كُثر لم يحكين عن المواقف التي يتعرضن لها منذ كن صغيرات وحتى بلغن الرشد وما بعده، قد تموت فتاة في يوم بقهر حكايتها؛ هذا لأننا في مجتمع كل من فيه يدفن رأسه ويدعي أن كل شيء بخير بينما تغلي النار تحت السطح.

هل إطلعتم على القصص المأساوية على هاشتاج “Me Too”؟

هل فكر أحدهم ما هو حال فتاة قررت أن تكسر صمتها، وتعرض نفسها لمهانة الحكي، وتطرح نفسها هكذا على قارعة الطريق لينهشها كل من هب ودب؟

Mideast Egypt Sexual Assault

هل جربتم إحساس فتاة يُستهزأ بها، وبمأساة تطحن روحها كل يوم بينما هي مجبرة على السكوت، وتداري وجعها حتى لا تستسلم للانسحاب من الحياة؟ وأي حياة! حياة ملؤها الخوف من جديد.

هل جرب أحد المعتدين شعور أن يكره جسده وأن يشعر بأن الكون كله تحول لعيون قاسية وأياد متحفزة وآذان صماء؟

شعور لا يتمنى أحد معايشته، بالطبع شعور بالخزي والقرف سينتاب فتاة قررت أن تطالع “الهاشتاج” لترى أحدهم يسخر من قصص هذه الفتيات، بل ويقلب الآية وكأنه هو من تعرض للتحرش من فتيات، وأصدقاؤه يصفقون ويضحكون لمزحته السمجة السخيفة.

معركة الحياة صعبة، والمجتمع طاحن، والكل يجري ولا يصل، كذلك نحن نجري، ونظل نجري، ولا نصل لبر أمان؛ فاليد المقيتة تصل إلينا بالنهاية ومن فوقها وجه سمج تكسوه ابتسامة انتصار وقحة، ولا أحد يتعاطف، فضلا عن هذا التخاذل الذي يتولد منه غضب يظل يتراكم يوما بعد يوم فوق أجساد لها وجوه باتت تخاف أن تطالع المرآة؛ حتى لا ترى ذلك الخوف الذي تعيشه كل يوم ويدمر حياتها وأحلامها.

 إذا أعجبتك هذه المقالة، أشترك في المجلة لتصلك مقالاتنا في بريدك الالكتروني **

One comment

  1. المقال صعب وموجع واصعب مافيه انه حقيقي وواقعي ويحملنا جميعا مسؤلية عدم استمرار هذا الوضع .الوضع مأساوي ويحتاج الكتابه كثيرا والتوعيه اكثر وقبل كل هذا يحتاج الحد الادنى من الانسانيه
    سلمت يداكي وفي انتظار المزيد من قلمك الصادق المحذر والباحث عن حلول

اترك رداً على ahmed aamer إلغاء الرد