عمليات الحقن المجهري لإنجاب الذكور في مجتمع لا يريد الإناث

الاربعاء ٢٥ أكتوبر ٢٠١٧
كتبت – نرمين طارق

636115547490014608-1936982469_babies.jpg

الإنجاب هو الحلم الذى لا يغادر قلوب كل المتزوجين حديثاً للتمتع بمشاعر الأمومة والأبوة،  واحياناً للتخلص من الضغط المجتمعى الذى ينتظر ميلاد طفل بعد تسعة اشهر من الزواج، وكأن الهدف الوحيد من الزواج هو إنجاب الأطفال. ونظرا لإرتفاع معدلات العقم، يلجأ العديد من المتزوجين لعمليات الحقن المهجرى و طفل الأنابيب، ولكن لم تعد هذه العمليات تقتصر على الذى يعانى من العقم فقط، بل يلجأ إليها القادرين على الإنجاب ومن انجبوا اكثر من مرة بطريقة طبيعية، لإختيار نوع الجنين الذين يرغبون بإنجابه.

Tender moment between a father and newborn baby boyعمليات الحقن المهجرى وطفل الأنابيب تحولت لعمليات تحديد نوع الجنين، ونظراً للثقافة المجتمعية التى تعشق إنجاب الذكور كما يتضح من امثالنا الشعبية، التى تتردد يومياً على ألسنة الأمهات والجدات، فالولد سند والبنات هم للممات، يلجأ لتلك العمليات من انجب ثلاث فتيات ويحلم بالولد الذى يحمل إسمه حتى لا تنقطع جذوره من الحياة، فيذهب إلى الأطباء ليطلب ان يحقنوا له ذكراً بعد إستخراج كروموزوم Y.

رأيت من خلال عملى كصحفية اثناء إجراء التحقيقات التى تتعلق بحالات الطلاق ان هناك سيدة تتعرض للتهديد بالطلاق بسبب إنجابها للفتيات، ورأيت التى تعانى من معاملة سيئة من أهل زوجها بسبب عدم إنجابها للذكور، ولهؤلاء لم يعد هناك حل سوى اللجوء لتلك العمليات بحثاً عن ذكر لإرضاء المجتمع، وليس بحثاً عن رجل، فلا يهم شيء سوى إنجاب الذكر حتى يشعر الأب بالإطمئنان بعد التأكد من وجود وريث شرعى، وحتى تشعر الأم بالثقة، فهى ليست اقل من غيرها من اللاتى انجبوا الذكور .

والسؤال الذى يفرض نفسه هو ما الذى يقدمه الولد للأسرة ولا تستطيع تقديمه البنت فى مجتمع تعمل فيه المرأة للإنفاق على أولادها، ولمساعدة والداها، وبعد ان وصلت لأعلى المناصب، فقديماً كانت المجتمعات تقدس الذكور لإن المرأة كانت عالة ولكن حالياً فالمرأة بالإضافة للعمل داخل المصنع والشركة والمستشفى والجامعة، فهي تشارك أيضاً فى تحمل مسئوليات البيت، بل نجد الفتاة هى التى تقوم برعاية أبيها عند المرض، ولكن مازال المجتمع لا يفضل إنجابها بل وصل الأمر لصناعة الذكور داخل رحم الأم هرباً من وصول فتاة.

baby-with-mom

العمليات ليست حكراً على الذى انجب فتاة او اكثر، بل رأيت العريس الذى إصطحب زوجته بعد شهر من الزواج حتى يضمن ان يكون المولود ذكراً، فهو لا يريد ثلاث فتيات مثل أخيه، وخاصة ان الأموال متوفرة ومن الممكن إنفاقها فى المستشفيات بدلأ من إنفاقها على هم للمات، او على حائط مائل سينهار عليهم يوماً ما.

الهدف من تلك العمليات لم يكن يوماً عندما توصل لها الأطباء والباحثين هو تحديد نوع الجنين حتى يأتى الذكر، ليحمل الإسم ويحصل على الثأر ويمنع الميراث من الذهاب إلى العم او الخال، بل كان الهدف هو الحد من الأمراض الوراثية، فبعض العائلات هناك أمراض فيها لا تأتى إلا للذكور، وعائلات بعض الأمراض فيها لا تنتقل إلا للإناث، ولكن الشعوب العربية حولتها لعمليات تصنيع وتحديد نوع الجنين لخدمة الموروث الشعبى الذى مازال يؤكد ان البنت تجلب العار والولد يجلب التار.

acc9947707867ee95f79708cdc12fc40--newborn-and-dad-dad-and-newborn-photosوأغرب ما فى الأمر ان حب الذكور والبحث عن إنجابهم ليس من صفات الرجال فقط، بل نرى الأم التى تحث إبنتها على الإنجاب حتى يأتى ذكراً، ونرى الزوجة التى تصاب بالإكتئاب عندما يخبرها الطبيب ان الجنين انثى، ونرى الرجل الذى تزوج مرة اخرى إرضاء لأمه، مثل سليم فى مسلسل اريد رجلاً الذى فشل فى تجاهل رغبة أمه التى تبحث عن الذكر من اجل إسم العائلة والميراث. وهناك عائلات فقيرة جداً ولكن لابد ان يأتى ذكر حتى يرث الإسم.

 وقد أكد الأطباء ان حالات نادرة جداً هم من يذهبوا إلى الطبيب لإنجاب انثى، وهذه الحالات تبحث عن قلب رحيم لرعايتها وخدمتها عند الكبر لإن الجميع يعلم ان قلب البنت لا يصاب بالجحود، فقد قال القاضى يوماً ما لم أرى قط قضية عقوق والدين من قبل فتاة ، ومع هذا مالزال المجتمع يريد ذكرأ.

 

نرمين طارق حاصلة على ليسانس آداب إنجليزى و تعمل كصحفية و مترجمة.fullscreen-capture-1262017-100549-pm-bmp تهتم نرمين فى كتاباها بقضايا المجتمع، و تسليط الضوء على قصص كفاح و نجاح الفتيات و خاصة اللاتى يتعرضن لظروف مجتمعية صعبة.

 

إذا أعجبتك هذه المقالة، أشترك في المجلة لتصلك مقالاتنا في بريدك الالكتروني **

One comment

اترك رداً على Jasmin إلغاء الرد