رحلة ماجي رياض من الاقتصاد إلى تصميم المجوهرات

السبت ٢٨ أكتوبر ٢٠١٧
كتبت – جيلان الشاذلي

22815480_1582254758479879_3438843775687049434_n

جلست ماجي رياض على شاطئ البحر الأحمر للمرة الأولى بعد تعافيها من حادث سير مروع تعرضت له، تأملت ما حولها وفكرت في حياتها، ومن أين ستستمد القوة لمواصلة رحلتها في تصنيع المجوهرات. لم تكن ماجي قد استردت بعد كامل حركة ساقيها وذراعيها بعد ان صدمها سائق متهور بينما كانت تزاول رياضة الجري في الصباح الباكر. ومع حركة أطرافها المحدودة، كانت وسيلة الترفيه الوحيدة لها على الشاطئ هي اللعب بالأصداف البحرية الملقاة على الرمال.

في وقت وقوع الحادث، كانت ماجي تدرس فن تصميم المجوهرات، لأنها كانت في مرحلة التحول في حياتها المهنية من خبيرة اقتصادية إلى مصممة وصانعة مجوهرات. على شاطئ البحر، بحثت عن أصداف سليمة. عندما لم تتمكن من العثور على أي، نظرت الي قطع الاصداف المتكسرة بطريقة مختلفة، وفكرت كيف هي رائعة بالرغم من أنها أجزاء غير مكتملة، وذكرتها هذه الاصداف بعظامها المكسورة، والتي كانت تتماثل للشفاء ببطء. وهذه الاصداف كانت مصدر إلهام مجموعة المجوهرات الاولي التي صممتها ماجي رياض.

22851376_10154849181846105_761341693_o بالرغم من حصول ماجي على شهادات الليسانس في كل من الاذاعة، والاقتصاد والترجمة، ودرجة الماجستير في اقتصاديات التنمية، الي جانب عملها لمدة ١٠ سنوات في العديد من المنظمات، الا أنها كانت تشعر بان إنجازاتها العملية غير مكتملة. وبعد استكشاف الخيارات المتاحة لها، استقالت من عملها، وشرعت في أن تصبح صائغة مجوهرات، وقد توجت رحلتها في عالم المجوهرات بإطلاق مجموعتها الخاصة في يوليو ٢٠١٧.

وكان لنا هذا اللقاء مع ماجي رياض تحدثت لنا فيه عن شغفها الجديد وطموحاتها
المستقبلية

س م: أخبرينا عن قرارك لتصبحي صائغة مجوهرات؟ وما الذي الهمك لهذا التحول؟
م ر: قررت أن أصبح صائغة مجوهرات في عام ٢٠١٥، في ذلك الوقت كنت أعمل كمدير تطوير الأعمال في حلول مكافحة الحرائق، في شركة تمتلكها عائلتي، وذلك بعد محاولتي الخوض مسبقا في كل من عالم الإذاعة والتنمية. ولكني كنت لا أزال اشعر بان هناك شيء ما ينقصني. بدأت أفكر على نطاق أوسع حول اهتماماتي، وقررت أن أخذ دورة في فن الطهي. كذلك التحقت بدورة في أكاديمية عزة فهمي للتصميم، لتعليم تصميم وإنتاج المجوهرات. وسرعان ما وجدت أنني أحب الوقت الذي أقضيه في العمل اليدوي. وعلاوة على ذلك، انا كنت دائما مفتونة بالمجوهرات، لأن قرار شراؤها غالبا ما يتم لأنها تثير عواطفنا وليس نتيجة تفكير عقلاني، مما يجعلها مقتنيات وهدايا شديدة الخصوصية. وهكذا عرفت أنني وجدت ما كنت ابحث عنه.

 20597258_1789411328016700_8067234114132551796_nس م: كيف تعلمتي تصميم وصناعة المجوهرات؟
م ر: اول ما ادركت ان صناعة المجوهرات هي ما اريد القيام به، التحقت ببرنامج دراسات تصنيع المجوهرات في   New Approach School for Jewelers (NASJ)  بالولايات المتحدة ، حيث درست المهارات اليدوية لمصنعين وخبراء تثمين المجوهرات والتي تشمل التصنيع و صب الشمع و النقش و تركيب الأحجار. كذلك درست دورتين في مركز تكنولوجيا الحلي بالقاهرة، والذي يقوم بتدريس دورات مكثفة، تدربت فيها مع امهر الحرفيين و الحرفيات في صناعة الحلي، لمدة أكثر من ١٠٠ ساعة تدريب في كل دورة. و أخيرا، درست في دورتين اخرتين  في أكاديمية عزة فهمي للتصميم، ركزت خلالهما علي التصميم و تشكيل الزخارف.

وقبل إطلاق مجموعتي، تدربت أيضا في أسبانيا مع فنان ومدرب تصميم المجوهرات المشهور فيران إجليزياس بارون.

س م: أين وكيف تصنعين مجوهراتك؟ ومن يساعدك؟
م ر: في الوقت الحالي، أعمل من المنزل، وأقوم بتصميم وتصنيع كل الحلي بنفسي. لكن في حالة لو في طلبية أكبر من طاقتي، أسلم نموذج التصميم لورشة اثق فيها لمساعدتي. ومع ذلك انا أجد متعة كبيرة في عملية تصنيع المجوهرات، ولذلك انا أقوم بتصنيع كل القطع بنفسي.

س م: ماذا كان التحدي الأكبر الذي كان عليك ان تتغلبي عليه لتصلي الي ما وصلت اليه اليوم؟
م ر: أصعب شيء واجهته كان حالتي الطبية خلال العام ونصف الماضي، بعد أن صدمتني سيارة مسرعة في مارس ٢٠١٦ أثناء مزاولتي لرياضة الجري في الصباح الباكر مع إحدى أصدقائي، وكسرت قدماي وذراعاي وعظام الترقوة. وكان من المستحيل القيام باي عمل يدوي وانا لا أستطيع الحركة. بعد ان استعدت بعض من القدرة على التحكم في عضلاتي عدت للعمل، ولكني كنت اشعر بالضعف والعجز وامشي بصعوبة من ورشة الي الأخرى، وكذلك نظرة الشفقة والعطف من شركائي بدلا من نظرة الاحترام أثرت في جدا.

وكنت لا أزال وقتها اعمل لإطلاق اول مجموعة لي، وهذا جعلني اشعر بضعف أكثر. بالإضافة الي ذلك فان العملية كلها من تصميم وتصنيع كانت تحتاج مني لمجهود بدني كبير، وعلشان كل الناس كانت قلقانة على صحتي، فلم أكن أستطيع الشكوى حتى لا اسبب لهم المزيد من المتاعب. ولكن بالرغم من كل ذلك، لم اسمح لاي شئ عن ان يوقفني عن تحقيق حلمي.

20479809_1789411391350027_1011522542735136131_n

س م: هل واجهتك تحديات أخري؟
م ر: من أكبر التحديات التي واجهتني كان تعلم استخدام يداي بطريقة مختلفة. لقد تربينا وتدربنا على ان نصبح موظفين جالسين علي مكاتب، ولذلك فلم نطور بعض العضلات او الخبرات الفنية للقيام بأعمال شاقة، تعتمد كليا علي استخداماتنا اليدوية. إتقان وتطوير المهارات اليدوية يستغرق وقتا وجهدا كبير. كذلك وجدت ان تطوير المهارات يتطلب مني ترجمه ما اراه في ذهني الي تصميم على الورق، وبعدها أقوم بتشكيل هذا التصميم بيدي، ولكن الحصول على نتيجة نهائية تماثل التصميم الذي تخيلته في ذهني ليس أمرا سهل، ويحتاج الامر الي الكثير من الممارسة والتدريب.

20604515_1789291838028649_4708005741818558840_nس م: كيف استطعتي إقناع أهلك والمقربين منك لدعمك في قرارك هذ؟
م ر: إندهش أهلي لقراري هذا، لان صناعة المجوهرات عادة مهنة عائلية تتوارثها الأجيال. عائلتي لم تكن مقتنعة بقراري هذا وعاملوني كأني امر بأزمة منتصف العمر. اعتقد انه من الصعب على جيل الأباء والامهات انهم يفهموا احتياجاتنا لتحقيق الذات من العمل الذي نقوم به، وأننا لا ننظر اليه كمصدر للدخل فقط.  كذلك فان العمل اليدوي في المجتمع ليس من المهن التي ينظر اليها بعض الناس على انها مهن المرموقة، ولذلك فاني وجدت بعض الصعوبة في إقناع الكثيرين بان هذا ما اريد القيام به. والوضع اختلف بالنسبة لأصدقائي والذين دعموني تماما وشجعوني، ولكني أعتقد ان الكثيرين منهم لم يتخيلوا باني ممكن أنتج قطع مجوهرات ذات زخارف دقيقة الصنع وخاصة لأني لا البس المجوهرات الصاخبة.

 س م: ما هي أكثر اللحظات المميزة في رحلتك حتى الآن؟
م ر: من أكثر اللحظات المميزة لي كانت لحظة تحميل صور قطع المجوهرات التي صممتها على صفحة الفيس بوك، وكانت ردود الفعل الايجابية والعروض السريعة لطلب شراءها مشجعة ومحفزة جدا..

س م: أخبرينا عن مجموعة تصميماتك وكيف ظهرت الي النور؟
م ر: كان هدفي هو تصميم قطع خاصة، ولكن مريحة من المجوهرات. على الرغم من أنني أقوم بتصميم قطع مخصوصة بالطلب حسب أذواق العملاء، الا أنى اردت ان تضم مجموعتي قطعا تتمكن السيدات من ارتدائها كل يوم.

لهذه المجموعة، اخترت العمل بأصداف البحر التي وجدتها في خليج سوما في أول رحلة لي بعد الحادث الذي تعرضت له. وقد اسميتها “الأصداف الآدمية”، وهي لا تتحدث فقط عن رحلتي بقدر ما تتحدث عن رحلة الإنسان في الحياة، والتي تحددها العقبات والنمو والسعي من أجل تحقيق السعادة.

الأصداف ذات الاشكال المكتملة صعب العثور عليها ولكنها موجودة في كل مكان، مثلها مثل الاصداف الآدمية، الجمال والكمال توجد فقط في أوهامنا وفي نفس الوقت هي واقعنا الثابت.

20024162_1782043828753450_4579779370305488308_o

س م: ماذا عن تصميماتك في المستقبل؟ وماذا تريدين تحقيقه؟
م ر: أقوم بتصميم مجموعة للرجال، كذلك اصمم قطعا جديدة للكريسماس ورأس السنة والفالنتين، وهذه هي المناسبات الكبيرة في قائمة أعمالي الآن. كذلك أخطط لعمل تصميمات لقطع من الذهب عيار ١٨، لان الذهب معدن جميل ومتنوع التصميمات.

أتمنى ان اتعلم المزيد عن تصميم القطع ذات الزخارف الدقيقة، لتظل قطعي متنوعة وجديدة. وأحب ان أشارك في معارض ومسابقات تصميم الحلي والمجوهرات، وان أستطيع السفر باستمرار لاستلهم التصميمات من جميع انحاء العالم.

س م: ماذا تنصحين أولئك الذين يفكرون في تغيير مسار حياتهم؟
م ر: خبرتي علمتني انه كل ما كان لدينا المزيد من الخيارات، كلما بطئت خطواتنا. ولكن عندما يكون لديك خيار واحد وتلتزم به، فإن فرص نجاحك تزيد. لذلك انا أنصح الجميع بعدم الانتظار. إذا كان لديك شغف لشيء ما، إبتدي فورا. لانه كلما بدأتي اسرع، ستقضي وقت أكثر تتعلمين شيء بتحبيه، مما سيجعلك تتقنيه أكثر.

لمشاهدة مجموعة تصميمات ماجي رياض زوروا صفحتها ماجي رياض للمجوهرات علي الفيس بوك و إنستجرام

إذا أعجبتك هذه المقالة، أشترك في المجلة لتصلك مقالاتنا في بريدك الالكتروني **

أضف تعليق