سن الأربعين بين المعتقدات المجتمعية و الحياة الشخصية

الخميس ٢ نوفمبر ٢٠١٧
كتبت فاطمة الزهراء

o-MATURE-WOMAN-LOOKING-OUT-WINDOW-facebook

“ارتدى ما يناسب سنك”…. هكذا جاء رد أحدهم لي على موقع صراحة، وهو موقع يحاكي مواقع التواصل الاجتماعي، إلا أن فكرته تتمثل في مصارحة الآخرين بآراء خاصة عنهم دون قيود، نظرا لتمتع مستخدميه بالخصوصية التي تخفي شخصياتهم.

وبقدر ما فاجأني الرد، إلا أنه دفعني للتساؤل، كيف لامرأة أربعينية أن ترتدى؟ فحقيقة الأمر أني لم أبلغ الأربعين من قبل لأعرف ماذا على أن أفعل.  كل ما أعرفه عن الأربعين أنها سن مختلفة، أكثر هدوءا، وإن لم تكن أكثر تعقلا. فأنا أحب الحياة والحب والمغامرة، وهناك قائمة طويلة من الأمنيات الى أضعها على قائمتي وأسعى لتحقيقيها، بعضها خاص بالعمل والبعض بالحب والآخر بالحياة.

جلست أتأمل الجملة وأخذت أرددها على مسامعي ” ارتدى ما يناسب سنك” … سني؟! كلمة لها أنياب باستطاعتها نهش أيامك إذا ما استسلمت لدائرة اليأس التي تحيط بامرأة مثلى لم تتزوج بعد، يطلق عليها المجتمع لقب “عانس” ويمنعها حقها في الحياة الطبيعية، فكيف لمثلى أن ترغب في الزواج والحب؟! وكيف لمثلى أن تحب الحياة؟! أنا الآن في الأربعين على أن اجمع أيامى واختفى تماما في انتظار الموت.

2E4EFBCD00000578-3312099-image-a-9_1447169305820

الموت!!! حقا؟! أجد انتظار الموت أمرا غريبا جدا، فكيف تنتظر من يصاحبك في كل يوم في رحلتك حتى تلك اللحظة التي تغادر فيها الحياة؟ ثم إذا كان على حقا أن أنتظره، ما عسانى أن أفعل بوقتي وايامي حتى القاه؟ أقبع في نافذتي أرتقب المارة حتي يغلبني النعاس، واصحو للذهاب للعمل،  ثم أعود فأعد بعض الطعام وأنام قليلا -مجهدة أنا – ثم أستيقظ لأشاهد التلفاز،  مسلسل تركى ربما اختاره في محاولة لإضفاء بعض الرومانسية على الروتين اليومي، وربما هربا من الواقع حيث يستضيفني الوهم قليلا كما تفعل بعض الزوجات ممن جفت حياتهن من اللمسات الحانية، فأتقمص شخصية البطلة واذوب بين يدى البطل وأهيم معه كلما اهداها ورودا، فأنا أيضا “عايزة ورد يا إبراهيم”، كما قالت الفنانة هند صبري في فيلم أحلى الأوقات، وحين ينتهى المسلسل واسقط على ارض الواقع مرة أخرى أعود للنافذة مجددا وأتابع المارة في طريقهم للحياة، وهكذا تقضى الحياة يوما بعد يوم حتى يطرق الموت بابي فأخرج من الحياة كما دخلت اليها “صفرا” …. حقا أهذا ما تريدون منى فعله؟

1

أشعر بغرابة شديدة تجاه هذا المنطق، وأجدني أستغرب أكثر لأن الأربعين كانت سن التكليف لنبي الله محمد، الأربعين هي السن الذهبية، عندها أعطى الله السر ليحمله النبي ليسعي لنشره. ليس في العشرين، في عنفوان الشباب، ولا حتى الثلاثين، بل في الأربعين، حينما تصل إلى النضج والتشبع بالحياة وإدراك قيمتها عندها فقط يمكنك أن تحمل الرسالة، عندها فقط تقدر معنى الامانة، عندها فقط تدرك الحياة.

“ارتدى ما يناسب سنك” عجيب أمر هذه الجملة، خاصة إذا صدرت من مجتمع يحقد على المجتمعات الغربية حين يطالع أسلوب حياتهم ويمصمص شفتيه ويردد في أسى وحزن “يابختهم عايشين حياتهم!!!” ولما لا نحيا حياتنا نحن أيضا؟ لماذا نكتفي بالنظر فقط الى الاخر، الى الجانب الأخضر من العشب في الناحية المقابلة حيث نرى الحياة أفضل، دون احداث أي تغير او حتى محاولة لتحسين حياتنا؟!!!

1447357311

كلا لن أستلم لهذا المنطق أو ذلك الروتين، وسوف أعلنها دون مواربة… أنا أربعينية أختار الحياة، أختار أن ألون ملابسي بألوانها المبهجة، أن اطرق أبوابها بقوة وادعها تحملني يوما إلى قمة جبل اكتشف اثناء تسلقه حدود عالمي الأربعينى الجديد، ومع كل خطوة اخطوها نحو الأعلى، و مع كل الم اشعر به في جسدي نتيجة المجهود اعرف انى أكسر تلك الصورة التي رسمها المجتمع عن الاربعينيات بانها سن الاستسلام، فأنا ما زلت اقوى على الحياة، اقوى على تخطى الصعاب، مازال جسدي يستجيب لي لأنى تعلمت ان احبه واحترمه واتعرف على امكانياته.

وربما في يوم اخر سأدع الحياة تأخذني في مغامرة تحت سطح المياه حيث الهدوء وعالم ساحر من الجمال ينقلك بعيدا، فتشعر وكأنك في مغامرة خيالية من مغامرات عرائس البحر. فمازال هناك متسع للكثير من التجارب والاختيارات، لكن أهم ما اخترته في حياتي هو الحب، حب الحياة والعمل والعطاء والتمتع بكل النعم التي أعطاها الله لي في هذه الحياة، حتى لا أخرج منها صفر اليدين.

إذا أعجبتك هذه المقالة، أشترك في المجلة لتصلك مقالاتنا في بريدك الالكتروني **

أضف تعليق