هل تسمعون زئير الأسود؟ رحلة لِيلا هزاع للحفاظ علي الأسود من الفناء

الجمعة ٥ يناير ٢٠١٨
كتبت – جيلان الشاذلي

hazzah2تخيل أنك تعيش في وسط الادغال في كينيا، تحيط بك الحياة البرية والسكان الأصليين الذين يتكلمون لغة لا تفهمها، وتقضي أيامك سائرا على قدميك، مسافات قد تصل في بعض الأحيان الي ٣٠ كيلومترا لتستكشف المنطقة، باحثا عن الأسود، ويتفاجئ السكان الأصليين لرؤيتك في طريقهم، “لم نكن نعرف أن الأجانب بإمكانهم السير،” هذا ما قاله السكان الأصليين عندما التقوا بالدكتورة. ليلا هزاع في طريقهم أثناء قيامها بإحدى الرحلات الاستكشافية في المنطقة – هكذا عاشت د. ليلا هزاع  Leela Hazzah لعدة أشهر .

نشأت د. ليلا هزاع، عالمة الأحياء الأمريكية من أصل مصري، والتي كرست حياتها لإنقاذ الأسود، في واشنطن العاصمة. في طفولتها أمضت د. ليلا هزاع العديد من الاجازات الصيفية في مصر، واستمعت إلى قصص عن زئير الأسود الذي كان يسمع من فوق سطح منزل عائلتها. عندما حاولت أن تستمع إلى هذا الزئير بنفسها، قيل لها أن الأسود قد انقرضت من مصر منذ زمن.

141114170544-02-cnn-hero-leela-hazzah-1114-horizontal-gallery

هذه الحكايات ادت الي دعم شغفها للحيوانات، وقادتها إلى السعي لدراسة علم الاحياء، و حصلت فيها علي درجة البكالوريوس من جامعة دينيسون في جرانفيل، أوهايو، وبعد حصولها علي الدكتوراه في علم حفظ الاحياء conservation biology  من جامعة ويسكونسن، سافرت إلى كينيا وتنزانيا في شرق أفريقيا، للعمل في مراكز حماية الافيال. في عام ٢٠٠٤، دعيت د. ليلا هزاع للانضمام إلى فريق بحثي للتحقيق في الأسباب وراء مقتل الأسود في منطقة أمبوسيلي في جنوب كينيا. وكان البحث يشمل دراسة كل من العلوم الاجتماعية والبيولوجيا، وهذا وجدته مثيرا للاهتمام.

5cc56886a415fe5f3c44e430cfbb4b98--maasai-people-activistsانتقلت للعيش في إحدى القري النائية التي تقطنها قبائل الماساي والمجاورة لمحمية تشيلولو هيلز الطبيعية، لتتمكن من متابعة عن قرب الجوانب الاجتماعية لكيفية تفاعل السكان الأصليين مع الأسود. كانت ممارسات سكان الماساي في قتل الأسود هي السبب الذي أدى إلى انخفاض كبير في أعدادها في أفريقيا. ولدمج نفسها مع مجتمع الماساي، تعلمت د. ليلا هزاع لغتهم، وحضرت تجمعاتهم ودعت شباب وشابات القبيلة إلى منزلها لبناء جسور علاقات معهم. ونتيجة لجهودها في التقرب من السكان الأصليين، منحتها نساء القبائل اسم “ناسيرا”، والذي يعني بلغتهم، المرأة القائدة. ومع الوقت والتفاني في عملها، اكتسبت ثقة شعب الماساي. وساعد ذلك بشكل كبير على تقدم أهدافها البحثية.

أبحاث د. ليلا هزاع التي استمرت ٧ سنوات استخلصت سببين رئيسيين وراء قتل الأسود. السبب الاول هو ان السكان يقتلون الأسود انتقاما لهجماتهم على الماشية. والسبب الثاني هو ان قتل الأسود من طقوس احتفالات قبائل الماساي بمرور صغار شبابهم من مرحلة الطفولة الي مرحلة الرجولة. وقد تسببت هذه الممارسات في انخفاض ملحوظ في اعداد الأسود، وصل الي حوالي ٤٠٪، في السنوات العشرين الماضية. ولم تكن القوانين الصارمة التي فرضتها الحكومة لتجريم ومعاقبة عمليات قتل الأسود فعالة، وذلك بسبب العلاقة المتوترة منذ فترة طويلة بين شعب الماساي والحكومة – لان الماساي يعتقدون ان الحكومة لم تعالج مشكلة فقدان الأراضي الصالحة للمراعي بشكل كاف.

أدت نتائج الأبحاث بالدكتورة ليلا هزاع الي تأسيس منظمة حراس الأسود Lion Guardians Organization في عام ٢٠٠٧، لمنع قتل الأسود في شرق أفريقيا. حراس الأسود جاءت نتيجة للعلاقة الوطيدة التي نشأت بين د. ليلا هزاع ومجتمع الماساي. واستندت فكرة المنظمة إلى اقتراح من السكان الأصليين الذين أرادوا العمل جنبا إلى جنب مع جمعيات الحفاظ على البيئة، والتي نادرا ما تطلب منهم المساعدة بجهودهم.

11846509_10153530477629410_4799343206648375661_n

ما يميز المنظمة هي انها تعمل لتمكين السكان الأصليين ليصبحوا هم حراس الأسود، ويحققون التغيير من الداخل. ومن خلال تجنيد الاهالي من قبائل الماساي الذين سبق لهم قتل الأسود، والشباب العاطلين عن العمل والغير متعلمين، استطاعت د. ليلا هزاع من تحويل قتلة الأسود الي منقذيهم وحراسهم. وتقوم المنظمة أيضا بتعليم هؤلاء الرجال القراءة والكتابة. كذلك تزودهم بالأدوات والعدد اللازمة، وتستخدم معرفتهم الوطيدة بالحياة البرية للكشف عن تحركات الأسد. وكجزء من مسؤولياتهم، يقوم هؤلاء الحراس بالإشراف على مساحات ممتدة من الأرض، ويقومون بمهمة تحذير أصحاب الماشية عند اقتراب الأسود، ليقوموا بحماية ماشيتهم، وبالتالي القضاء على عمليات قتل الأسود الانتقامية.

البيانات التي  يجمعها الحراس ذات أهمية كبيرة للجهود المبذولة للحفاظ علي الاسود. وتعمل المنظمة مع المجتمع لتعزيز فكرة الحفاظ على الأسود وليس قتلها كدليل على الرجولة، وبالتالي تصبح ثقافة الحفاظ علي الأسود هي الغالبة في المستقبل. اقناع القبائل بتحمل وجود الأسود وقبول التعايش معها كان تحديا كبيرا لكل العاملين بالمنظمة. ومع ذلك، فقد أظهرت النتائج نجاحا ملموسا حتى الآن. ومن الأمثلة التي تبين كيف أصبح السكان يهتمون بالأسود، هو التأثر الشديد لأحد الحراس بموت الأسد «سنجال» والذي كان مصدرا للفخر في المنطقة، ويعرفه جميع السائحين.  وقد مات الأسد مسموما، فاطلق الحارس علي ابنه الوليد اسم «سنجال» علي اسم الاسد. مثال آخر هو الرقصة التي صممها الحراس والتي يمارسونها عندما يعثرون علي انثي الأسد مع أشبالها الصغار، فيقفزون ويرقصون حولهم.

282850_10151281458134410_1091551334_nفي عام ٢٠١٢، حصلت منظمة حراس الأسود علي جائزة سانت أندرو للبيئة. في عام ٢٠١٤، تم إختيار د. ليلا هزاع كواحدة من أبطال قناة سي ان ان . منظمة حراس الأسود بالعمل مع شركائهم، استطاعوا ان يقضوا تقريبا على جميع عمليات قتل الأسود في كينيا. وقد حققت المنظمة نتائج مماثلة في تنزانيا. موقع المنظمة الأساسي هو واحد من الأماكن الوحيدة في أفريقيا التي يزيد فيها عدد الأسود في بيئتهم الطبيعية.

الآن، عند زيارتك للمناطق التي يعمل فيها الحراس، فانك بالقطع ستسمع زئيرالاسود أثناء  الليل.

للمزيد عن منظمة حراس الاسود، زوروا موقعهم الالكتروني و صفحتهم علي فيس بوك

حقوق الصورة محفوظة للمصور فيليب بريجز و قناة السي إن إن و حراس الاسود

 إذا أعجبتك هذه المقالة، أشترك في المجلة لتصلك مقالاتنا في بريدك الالكتروني **

أضف تعليق