عفواً… لا تقربوا أجسامنا!! – لا لختان الإناث

الثلاثاء ٦ مارس ٢٠١٨
كتبت – رضوي حسني

313047

بالرغم من الجهود التوعوية التي تبذل من حين لآخر، لزيادة الوعي المجتمعي تجاه مناهضة ختان الإناث، إلا أن هذه العادة مازالت مُنغرسة في مجتمعاتنا كالجذورالثابتة، مُتشبسة برؤوس أفراده لما تعنيه لهم كرمز لعفة و طهارة الفتاة، و أي فتاة؟! تلك الطفلة الصغيرة التي لم تبلغ بعد، و التي ليس لديها أدنى قدرة للتصدي لمثل هذا القرار الأناني الذي يتخذه كثيرون من الآباء والأمهات عوضاً عن صاحبات الشأن الصغيرات، ليتغير بعدها مصير الكثير منهن ، فمنهن من تموت إثر اصابتها بنزيف أثناء وقوع هذه الجريمة و منهن من تصاب بعقدة نفسية فتتذكر ما حدث لها في هذه اللحظة كلما ذُكر ذلك الموضوع في وجودها، و اُخريات تتأثر حياتهن الزوجية نتيجة لقرار خاطئ غير مسؤول لوالديهن، هن لا ذنب لهن فيه.

ثم  كيف لعضو صغير أو جزء منه يحدد عفة و شرف البنت، كيف لهم الحق في بتره و هو ما خلقه الله في الإناث لضرورة وحكمة يعلمها سبحانه، وأقرها الطب.

والدليل الأكبر على عدم وعي الأهالي لخطورة هذه العملية و مدى جُرمها، هو انجرافهم وراء سرعة تنفيذها بغض النظر عن ماهيتها وما تخلفه من مخاطر جسمانية و نفسية تؤثر مستقبلاً على صحة الفتاة، وبغض النظر عن الطبيب الذي سيقوم بها، وعلى الأرجح يكون طبيبا مغموراً بعض الشيء، فمن هو ذلك المختل الذي يغامر بهويته و سمعته كطبيب ليرضى رغبة متوحشة عنيفة لدى الآباء والأمهات. لذا غالباً ما تتم هذه العمليات في القرى بوسائل بدائية و دون تخدير، مما يعرض حياة الفتيات لخطورة كبيرة، بالإضافة الي الاضطرابات النفسية والصحية التي تصاحب ذلك.

a32f68ce-2a4f-472a-b981-1cf48dc91f61و بسؤال بعض الفتيات والنساء عن تجربتهن مع الختان وما مررن به أثناء هذه العملية، وما خلفته من أثر في نفوسهن، بالإضافة إلى موقفهن منها مستقبلاً بالنسبة لبناتهن، كانت هذه هي بعض ردوودهن:-

فتقول رضوى سليم*، “إنها [عملية الختان] بمثابة الاهانة والمهزلة، فقد كنت كبيرة وقتها بعض الشيء، في الحادية عشر من عمري تقريباً، و كنت أعلم مسبقاً بما يريد فعله أهلي بي، و حاولت الرفض قدر استطاعتي، لكن لم يُمكنني ذلك. أخذوني أهلي إلى بلد أمي حيث يقطن طبيب أنف و أذن و حنجرة شهير، وبمجرد فحصه لي أخبرهم بأني لست بحاجة إلى عملية الختان. لأن العضو المفترض بتر جزء منه هو بالفعل صغير، و لكن ذلك لم يشفع لي أيضاً عند أهلي، فأصروا على القيام بها مهما حدث، وخضعت لهذه العملية التي أجراها شخص ليس طبيب، بأدوات بدائية و بدون أي تخدير، و عندها شعرت بمدى قلتي، وإلى الآن مازال إيذائها النفسي مؤثر علي, و لم أسامح أهلى حتى الآن. فالأهالي يعرضون بناتهم لهذه العملية فقط لتجنب أقاويل الناس المحيطة بهم حول البنت. لو كان أهلى يفكرون بي من الأساس ما كانوا عرضوني لهذه التجربة، و لكانوا وثقوا بتربيتهم لي، فبالتربية و الأخلاق فقط يتحدد شرف البنت و عفتها و ليس بمجرد قطعة صغيرة من الجسم.”

و بسؤالها لو ستكرر هذه التجربة مع ابنتها و لماذا، أجابت رضوى، “بالطبع لا يمكن ان افعل ذلك بابنتي، ليس من الأخلاق و لا الكرامة أن أفعل بها ذلك، لأنني سأثق في تربيتها و أخلاقها، فلا يمكن لي مسامحة نفسي لو فعلت بها ذلك، فقد خلقنا الله – سبحانه وتعالى – في احسن تقويم، كيف اذاً أسمح لنفسي بتشويه الناس.”

و عن قصتها مع الختان مي محمد*، “كنت حينها في العاشرة من عمري، لذا أدركت تماماً ما حدث معي، مما ترك أثراً سلبياً في نفسي، و ايذاءاً معنوياً نظراً لما تحملته من ألم، و جَعْل جسدي على مرأى من شخص غريب.”

و تحكي شيماء السيد*، “لم أكن أدرك ماهية الموضوع حينها، و حدثت لي عملية الختان رغماً عني، أتذكر أنها كانت مؤلمة جداً، مما سبب لي ذلك في شعوري بالضيق و الغضب نحو اهلي.”

و بالنسبة لرأي  سارة ناصر*، عن الختان قالت،: “لم اتعرض لها الحمدلله، و لن أسمح لحدوثها مع ابنتي مستقبلياً، لأنها من وجهة نظري عادة غير آدمية بالمرة.”

genital_mutilation_britain_april_2012

و تقول سارة سامي*، “كنت في العاشرة من عمري عندما شعرت ببعض التعب، لتذهب بي أمي إلى الطبيب الذي أصر على إجراء الختان لي، ووافقت أمي. أنا لم أكن مدركة لما سيحدث سوى أنه سأقوم بعملية سيتم من خلالها بتر جزء من جسمي، وسبب هذا لي المثير من الرعب، و لحسن حظي تدارك أبي مخاوفي، و رفض إجراء هذه العملية لي. ها أنا الآن في الواحدة و العشرين من عمري ومازلت أقدر موقف أبي هذا، و لا ألوم على أمي لأنها ظنت بأن الختان شر لابد منه كعادة المجتمع.

و هناك قصة أخرى غريبة عن ( شيماء وجيه*) الشابة المرتبطة و التي بينما تستعد لاتمام زواجها، تفاجأت بأنها خُتنت في في عمر صغير جدا، لدرجة انها لا تتذكر هذا الحدث، مما سبب لها بعض المخاوف تجاه الزواج.

و تقول مارينا رزق*،  “نعم تعرضت لعملية الختان لما هو معروف عنها في مجتمعنا كعادة لا مفر من إجرائها، لكنني معارضة تماماً لعملية الختان، فكيف لمجرد عضو صغير أن يكون سبب أساسي في الاثارة الجنسية، بينما العين و العقل هما السبب الرئيسي في ذلك ؟!”

Screen-Shot-2015-06-19-at-2.20.29-PM-e1434748966669

و هناك حكاية أخيرة بطلتها مؤيدة لعملية الختان – على الرغم من عدم خضوعها لها – حيث أنها تشعر بمدى أهميتها للحفاظ علي الفتيات من الشهوة الجنسية، و السبب في قناعتها هذه هو ندم والدتها لأنها لم تختنها، و كان ذلك بعد أن استمعت لأراء بعض الشيوخ المؤيدة له – على الرغم من أن ختان الإناث غير مستحب حدوثه دينياً – و لم تُنكر صاحبة هذه الحكاية رغبتها في إخضاع ابنتها لهذه العملية لاحقاً.

يتضح من الحكايات السابقة مدى زيادة الوعي الفكري الذي وصلت إليه الفتيات، فبالرغم من وجود بعض المؤيدين لعملية الختان،  إلا أن الكثيرين منهن تداركن مدى تأثيرها السلبي على نفس وبدن الفتاة. فبأي حق يقرر أحدهم نيابة عنها؟! و كيف لهم أن يُبتروا جزء من جسمها دون أدنى إرادة منها؟!

لذا يجب تفعيل كل القوانين التي تُجرم عملية ختان الإناث بشكل حيوي و فَصْلي, فلا يستحق الطبيب أن يكون طبيباً و لا الأهل أهل ما داموا يُجرمون في حق الفتيات الصغيرات.

فعلى هذا المجتمع بأسره ادراك أن طهارة البنت و عفتها في أخلاقها لا في قطعة صغيرة من الجسم.

*تم تغيير الأسماء للحفاظ علي خصوصية السيدات

23666605_978100439008106_116312332_n

رضوى حسني خريجة كلية العلوم قسم الكيمياء و باحثة مبتدئة في مجال الكيمياء الحيوية و الهندسة الوراثية  تهتم رضوي بكتابة المقالات الاجتماعية التي تتناول قضايا المرأة المصرية و العربية و تدعم حقوقها، كذلك تهوي كتابة القصص الروائية.

** إذا أعجبتك هذه المقالة، أشترك في المجلة لتصلك مقالاتنا في بريدك الالكتروني 

أضف تعليق