الأربعاء ٤ أبريل ٢٠١٨ كتبت – حبيبة الهادي
تحتفي بك الألحان المصرية التي تعزف في الخلفية، وأنت على أعتاب مطعم مها للمأكولات المصرية، لصاحبته مها برسوم، والذي رشحته جريدة تورونتو ناو (تورنتو الآن) ليحتل تصنيفا من بين أفضل ٢٠ مطعما يقدمونوجبات البرنش في كندا. مها صممت بنفسها الديكور الداخلي المستوحى من التراث المصري، وقامت باستيراد الأثاث وكراسي المقاهي وصنعت الوسائد من المنسوجات المصرية ذات الألوان المبهجة، كذلك زينت حوائطه بالصور الفوتوغرافية والفن المصري، والتي تضفي على المكان دفئا خاصا وتنقلك أجواءه في لحظات الي مصر، وتهيئك لاستقبال وجبات طعام شعبية تستمتع بمذاقها، والتي ستضمن عودتك مرة أخري لتتناول المزيد منها.
بعد هجرتها الي كندا عام ٢٠٠٠، عملت مها كمترجمة في هيئة دولية، وفي إحدى مناسبات العمل، قامت بتحضير وجبة مكرونة بالبشامل نباتية، استخدمت في تجهيزها الخضروات المشكلة والجبن الفيتا بدلا من اللحم المفروم، وحازت هذه الوجبة علي اعجاب زملائها في العمل والذين الحوا عليهاأن تبدأ مشروع كايتيرينج لتجهيز الأكل البيتي، وبالفعل قامت بذلك بمساعدة أولادها مونيكا ومارك، واللذان كانت أعمارهما في ذلك الوقت تبلغ ١٦ و١٣ عاما، بالتناوب.
ومع ازدهار عملها في مجال الكيتيرينج، فكرت مها في افتتاح مطعما. ولكن بدء عمل خاص في بلد أجنبي لم يكن سهلا، وكانت كل خطوة تخطوها لتحقيق حلمها مليئة بالتحديات، بدءا من إيجاد موقع متميز، والحصول على التصاريح، والتعامل مع العمال ومفتشين الصحة، وصولا لإيجاد العاملين ذوي الكفاءة المطلوبة للعمل في المطعم.
أما ما تعتبره مها أكبر تحدي لها كصاحبة ومديرة للمطعم هو انه لم يعد لديها الوقت الكافي للنوم والراحة، وفي هذا الشأن تقول مها، “أعتقد انه إذا أحببت العمل الذي تقوم به وتستمتع بممارسته، ستتخطى كل التحديات.”
تتشارك مها وأولادها في ملكية وإدارة المطعم، وهي تعتمد عليهم اعتمادا كبيرا في ادارته. تعمل مونيكا مع والدتها في المطبخ، تساعد في طهي الطعام وتجهيز الطلبات وتوزيع الأدوارعلى فريق المساعدين، بينما يقوم مارك، والذي لديه مهارة اجتماعية فائقة في التعامل مع الناس، باستقبال الزبائن والتعامل مع الموردين. كما يقوم أيضا بتجهيز المشروبات من العصائر ونكهات القهوة والشاي المختلفة.
كانت اعمار مونيكا ومارك تبلغ ١٠ و٧ سنوات عندما انتقلا للعيش في كندا، واستطاعا في وقت قصير التأقلم على حياتهم الجديدة، ولكن أكثر ما كانا يفتقدانه هو قضاء أعياد الميلاد ورأس السنة مع عائلتهم في مصر. وتضيف مها، “عائلتي كبيرة وكنا دائما نقضي الاحتفالات المختلفة سويا، وهذا ما نفتقده الي الآن.”
بعد كل هذه السنوات التي قضتها مها في كندا، فهي لم تتعود بعد على برودة الطقس والصقيع وأيام الشتاء الجليدية الطويلة الملبدة بالغيوم. وهي تحب تلك اللحظات النادرة التي تشرق فيها الشمس وتتغلغل عبر النوافذ الزجاجية للمطعم والتي يشعرها الدفء بالحنين الي مصر.
أكثر ما تفضله كونها مالكة لعملها هو انها يمكنها ان تقرر متي تستطيع ان تستقطع وقت للراحة والاجازة، ولكن في نفس الوقت، فان مسؤوليات العمل لا تمنحها الكثير من الوقت للتفكير في شيء او القيام بعمل اخر سوي قضاء وقتها بالكامل في المطعم.
وتقول مها في هذا الشأن، “امتلاك مطعم يأتي بمسؤوليات وتوقعات مختلفة عن إدارة مطعم لا تمتلكه. عند امتلاكك لمطعم، فهو يصبح حرفيا طفلك حديث الولادة الذي تريد أن تراه ينمو أمامك كل يوم. إذا كنت تفكر في افتتاح مطعما، فيجب أن تكون مستعدًا للقيام بكل شيء. فمثلا في الأيام التي تنقطع فيها القائمة على غسل الصحون عن الحضور الي العمل، نقوم نحن بغسل الاطباق بنفسنا.”
نشأت مها في عائلة بها العديد من الطاهيات الماهرات. وفي صغرها كانت تحب قضاء وقتها بالمطبخ تتعلم أسراره من والدتها وجدتها. وكانت والدتها تجيد تحضير المقبلات والمشهيات، بينما كان كحك جدتها بالعجمية “لا يقارن باي كحك أخر تذوقته في حياتها.” وفي عمر الـ ١٤ عاما، بدأت ترتاد مكتبة المدرسة لتطلع علي كتب الطهي، وكان الكتاب المفضل لها هو كتاب ابلة نظيرة؛ نقلت منه الوصفات المختلفة والتي كانت تجربها في المنزل. وزاد شغفها بالطهي، وتم اختيارها من قبل مديرة كلية رمسيس في القاهرة لتكون المسؤولة عن مطبخ المدرسة وتحضير وجبات الإفطار والغذاء للطالبات والمدرسات، وكانت مها تقوم بإعداد هذه الوجبات يوميا بمساعدة فريق من الطالبات كانت تختارهم بنفسها.
مونيكا ومارك أيضا حصلا على بعض الخبرة من خلال عملهم أثناء دراستهم الجامعية في تجهيز القهوة والمشروبات في كوفي شوب يمتلكه أحد اصدقاء العائلة. ووقعت المسؤولية على مونيكا لتأليف قائمة الطعام، وقد اختارت لها وجباتها المفضلة التي كانت مها تقوم بتحضيرها لها ولأخيها وهم صغار. كذلك أضافت بعض الوجبات التي قامت بتطويرها وتجهيزها لتعرف الزبائن الكنديين على مذاق الأطعمة المصرية المختلفة. ويعتبر طبق الفلافل الذي يقدم في وجبة الإفطار هو ثاني أشهر وجبة تقدم في المطعم، والتي يقوموا تجهيزها من الفلافل المحمرة المحشوة بالبيض والتي تقدم معها بطاطس محمرة مرشوش عليها الكمون.
وطبق مها المفضل هو كايرو كلاسيك وهي الوجبة الأكثر شهرة وشيوعا على الاطلاق في المطعم، وكايرو كلاسيك مكونة من فول بالبصل الأخضر والطماطم وشرائح البيض المسلوق والفلافل ويرش فوقها صوص مكون من الجبنة البيضاء الفيتا المخلوطة بالطماطم والنعناع وزيت الزيتون، وتقدم مع الخبز البلدي الساخن
مع قضاء أكثر من ١٥ ساعة في العمل يوميا، تعتبر مها وأولادها المطعم هو بيتهم الثاني. وتؤمن مها بان الاحلام بإمكانها ان تتحقق، “ولا يكتفي الانسان بان يحلم بل عليه العمل الجاد، لان الاحلام لن تتحقق لوحدها،” وهي تنصح كل شخص يريد ان يبدأ عملا جديدا بان يتبع شعار شركة نايكي just do it او افعلها .
للمزيد عن مطعم مها زوروا موقعه الالكتروني وصفحته على الفيس بوك.
** إذا أعجبتك هذه المقالة، أشترك في المجلة لتصلك مقالاتنا في بريدك الالكتروني