كيف يحمي العمل استقلالية المرأة في حياتها؟

الأربعاء ١١ أبريل ٢٠١٨          كتبت – رضوي حسني

como-disenar-una-zona-de-trabajo-en-casa

في ظل التغير الإقتصادي والإجتماعي العاصف بمجتمعنا في الآونة الاخيرة،أصبح علي المجتمع أن يقر بوجوب عمل المرأة، كما أقره من قبل للرجل، لما يؤديه العمل من دور في انتشالها من الظروف العصيبة التي قد تعاني منها. وللاسف المرأة في مجتمعنا، أصبحت تصنف علي حسب حالتها الاجتماعية، فتنسب اليها احدي المسميات اوربما عدد منهاخلال فترات حياتها. وبالرغم من إختلاف هذه الحالات الاجتماعية، الا ان القاسم المشترك الذي يفرض نفسه هو ضرورة عمل المرأة، لأن بالعمل وحده ستتغلب على ما يجابهها من صعاب سواء كانت صعاب إجتماعية أو إقتصادية.

بالنسبة للفتيات التي لم يسبق لهن الزواج، سنجد هناك نوعين؛ الفتاة المستقلة و الأخرى الحالمة بشريك حياة يوفر لها حياه رغدة بلا أي عناء منها، إلا ان عدد الفتيات المستقلات والآتي يرغبن في الاستقلال  بات أكبر و في تزايد عن هؤلاء الحالمات. وفي كثير من الأحيان، تَفرض ظروف الحياة عليهن الاستقلال المادي أو الاجتماعي، و أحيانا يكون هذا هو إختيارهن. ودائما ما يكون العمل هو الوسيلة التي تستمد منها المرأة قوتها التي تمكنها من الاستقلال. فمن خلال العمل تستطيع المرأة أن تعول نفسها و تبني الشخصية القوية التي تعينها على ذلك، والتي تمكنها أيضا من التحكم بزمام أمور حياتها.

لذا  يجب على المجتمع أن يعطي مطلق الحرية للفتاة لتخطط لحياتها العملية كيفما تريد، حتي لا تعقد كل آمالها و تربطها بفارس الأحلام – الزوج المستقبلي- ولأن الزمن يمر سريعا، فالعمل يساعد المرأة علي ان تخطوا لتحقيق بعض احلامها بدون إضاعة الوقت في إنتظار من يحققها لها.

وبالرغم من تعالي الأصوات المطالبة بتمكين المرأة، لايزال ينبذ الكثير من الرجال في المجتمع المصري و العربي عمل الزوجة لاسباب متعددة، مهمشين بذلك طموح المرأة ومتناسين مصاعب الحياة و ضغوطاتها  التي تحتم عليها  المشاركة الاقتصادية التي تكفل لها ولعائلتها الحياة الكريمة، فضلاً عن أهمية العمل كطريق لاكتشاف المرأة لنفسها، وبناء شخصيتها المستقلة، وتحقيق ذاتها وتنمية قدراتها التي تمكنها من ترك بصمة ذات أثر بالغ في حياتها أولاً و حياة عائلتها ثانياً .كما أن عمل المرأة يساعدها علي الاستقلال ماديا في حالة ما تعرضت للتعنيف من قبل الزوج.

فالمرأة المعنفة  في كثير من الأحيان لا تمتلك مصدر دخل خاص بها، لذلك فان اعتمادها المادي علي الزوج يجبرها علي الاستمرار في حياة زوجية مهينة دون أي وسيلة لها للخلاص، فكيف لها ان تطلب الطلاق وتعرض نفسها وأولادها لعواقب ردود فعل الزوج ورفضه الانفاق عليها و علي الاولاد في ظل قوانين النفقة الظالمة. لذلك فان عمل المرأة هو ما سيواتيها بالشجاعة لإنقاذ نفسها و أبنائها من براثن الزوج المعنف.

وإلي جانب المعنفات، نجد أيضا أن نسب الطلاق في مصر قد تزايدت في مصر في الآونة الأخيرةبصورة ملحوظة، وبين ليلة وضحاها تجد المرأة نفسها و قد فُرض عليها الدخول في صراع مع أعباء الحياة وحدها،ليصبح عليها اعداد العدة لتقف على قدميها من جديد لتعيل نفسها وأولادها،  وكيف لها أن تتخطي هذه الأزمة بدون عمل يدر عليها دخلا ثابتا.

وفي أحيان كثيرة يصعب علي المرأة المطلقة الالتحاق بوظيفة مناسبة لمؤهلها التعليمي نظراً لابتعادها عن سوق العمل لفترة طويلة، أو ربما لعدم وجود سابق خبرة لها، نظرا لزواجها قبل ان تخوض تجربة العمل. وقد تجد المرأة بعض المشقة حتي تتمكن من اكتساب مهارات جديدة تستطيع من خلالها بناء حياة عملية خاصة بها تساعدها في حياتها الجديدة مع أبنائها. ولكن هذه المشقة هي مكسب لها علي مدار الأيام.

وهناك أيضا المرأة المترملة، والتي سنجد ان حالتها لا تختلف كثيرا عن المرأة المطلقة، فهي أيضاً قد فُرض عليها وضع جديد، ربما لم يكن ليخطر ببالها قبل حدوثه لكنه القدر،  ووسيلة الانقاذ لمستقبل حياتها هي و أبنائها بالتأكيد لن تكون سوى بالعمل.

لم أكتب هذه الكلمات من نسج خيالي بل عايشت كل هذه الحالات من حولي، و للأسف لصغر سني و تواضع خبراتي بالنسبة لهن  لا أستطيع ان أساعدهن إلا بكلمات تعبر عنهن و تصف حالاتهن، ربما تكون كلماتي ناقوس خطر أحفز به من لا يرغبن في العمل.

أذكر في مرة أنِّي تناقشت مع إحدى الفتيات حول ضرورة عمل المرأة قبل عزمها على خوض فكرة الزواج و السبب كان من رأيي هو بالطبع الحالات السابق ذكرها , لترد هي بعدم اقتناع قائلة: بأن كل فتاة يجب أن تتزوج و تفترض أن حياتها مع زوجها ستكون هي الأبدية و لا تعطي مجالاً لنفسها بأن تفكر في احتمالية الانفصال.

فأنا بالطبع أتمنى لكل فتاة حياة سعيدة، ولكن عليها قبل الاقدام علي الزواج أن تضع في خاطرها كل الاحتمالات الوراد حدوثها،  فنحن قد نأمن أنفسنا لكن ليس بامكاننا أن نأمن الظروف.

قد يرحل الجميع من حولك و لا يبقَ لكِ سوى شخصيتك القوية و منقذك الدائم (العمل).

 

23666605_978100439008106_116312332_n

رضوى حسني خريجة كلية العلوم قسم الكيمياء و باحثة مبتدئة في مجال الكيمياء الحيوية و الهندسة الوراثية  تهتم رضوي بكتابة المقالات الاجتماعية التي تتناول قضايا المرأة المصرية و العربية و تدعم حقوقها، كذلك تهوي كتابة القصص الروائية.

 

** إذا أعجبتك هذه المقالة، أشترك في المجلة لتصلك مقالاتنا في بريدك الالكتروني

أضف تعليق