ربة المنزل ليست ديكور

الخميس ١٢ أبريل ٢٠١٨         كتبت – د. إيمان يحيي

149616299

بحكم نشأتي في عائلة تعمل جميع نساءها لم يكن لدي فكرة عامة عن طبيعة ربات البيوت. ولم اهتم؟ فأمي تعمل وكذلك كانت جدتي وكانتا دوما ما يشجعاني على استكمال دراستي ونجاحي، وهكذا الحال وسط معظم نساء عائلتي الكبيرة من عمات وخالات.

لم احتك كثيرا بربات البيوت ولكني دون قصد كنت احكم عليهن بالكسل وغالبا ما كنت انظر لهن نظرة المشفقة على من يضيعن وقتهن امام التلفاز، او في المطبخ، او في التبضع، وعلى النقيض كنت دوما اتطلع بكل فخر واعجاب الي النساء العاملات وأرى مستقبلي في اي واحدة منهن.

 وبعد ان كبرت وكبر اصدقائي وتوسعت دائرة معارفي صرت أكثر دراية بحياة نساء مجتمعنا، وازددت تفكير وتأمل، وعرفت ان هذه لم تكن نظرتي وحدي، بل وجدت أن السيدات الآتي لا يعملن في مجتمعنا يعانين من هذه النظرة الدونية، منذ أن بدأت المرأة في الخروج الي العمل، وكأن ربة المنزل لا تعمل وكأن الاعمال المنزلية ليست اعمالا هي الاخري؟

 هناك نساء اخترن بمحض ارادتهن الا يعملن، وما العيب في ذلك؟ طالما ان هذه الرغبة نابعة من داخلهن ودون فرض من اي شخص، وهناك نساء ضحين باعمالهن وان كن ناجحات من اجل رعاية اسرهن، وهذه ايضا تضحية نبيلة ولها كل الاحترام.

 ولكن في أحيان كثيرة يقوم الزوج بإجبار الزوجة على عدم العمل لتتفرغ الي اعمال المنزل ورعاية الأطفال، وفي نفس الوقت يسلبها حقها في الشكوى او طلب اي مساعدة!  فربة المنزل في مجتمعنا في نظر بعض الأزواج هي قطعة ديكور؛ تقوم بكل اعمال المنزل دون اي ضيق او ملل او حتى شكوى وان اشتكت يكون الرد السحري: انتي قاعدة في البيت طول اليوم وانا اللي تعبان!

 لم الاحظ ان امي تستدعي مساعدة لها على اعمال المنزل كل فترة، وهذا الامر لا تقوم به معظم ربات البيوت، وان طلبن يتم رفض الطلب لانهن ببساطة لا يعملن!!

اي منطق هذا واي عدل؟

 فسيدة البيت هذه تقوم بجميع اعمال البيت اضافة الي الاهتمام بالاولاد ودروسهم وتقودهم الي النادي والتمرينات وتحضر اجتماعات اولياء الامور، وتتابع سير الاولاد الدراسي، وتذهب بهم الي الطبيب، وتتسوق للطعام، والملابس وتحضر الولائم للاجتماعات العائلية وغالبا ما تقضي ليلها ساهرة في رعاية المريض من أولادها، او في كي الملابس او تحضير   وجبات المدرسة لليوم التالي.

 اعرف وأدرك تماما ان الحال أصعب بالنسبة للمرأة العاملة لانها غالبا ما تقوم بنفس الاعمال الي جانب عملها، وهذا عشته ايضا مع امي. ولكني اريد هنا ان أسلط الضوء على هذه الفئة المظلومة في مجتمعنا، وكأنها بموافقتها على عدم العمل خارج المنزل قد وضعت رقبتها تحت سكين اللوم والعتاب ونظرة التعالي.

 عزيزي الزوج وعزيزتي الحماة وعزيزاتي العاملات …. ربة المنزل ليست ديكورا واعمال المنزل هي اولا واخيرا (اعمال) هي الأخرى فكفانا حكما على الاشخاص واستهانة بما يقمن به ولنكن رحماء بهن.

21414736_10159458030865045_5133060990978665272_oد. إيمان يحيي
طبيبة وحاصلة علي ماجيستير الامراض الباطنة جامعة الاسكندرية

 

 إذا أعجبتك هذه المقالة، أشترك في المجلة لتصلك مقالاتنا في بريدك الالكتروني **

أضف تعليق