انقذوا القاصرات من عواقب الزواج المبكر

الأحد ٢٢ أبريل ٢٠١٨              كتبت – رضوى حسني

ee1b81_cb3c2c0a4df343fb91050163025f283d~mv2
ممثلة تؤدي دور دور فتاة متزوجة في حملة أمنستي لمناهضة زواج القاصرات

على الرغم من أن القانون يجرم زواج الإناث قبل سن الثامنة عشر الا انه من الملاحظ ان نسبة حالات الزواج المبكر في زيادة ملحوظة، و السبب في ذلك هو عدم تفعيل تلك القوانين ومعاقبة كل من يتهاون عن تنفيذها، مما يؤدي بالكثيرين الي تجاوزها و التحايل عليها. الزواج المبكر يهدد حياة الكثير من القاصرات، فهو يمنعهن من ممارسة حياتهن الطبيعية، بل ويعجل في نضجهن قبل الأوان، لينتج عنه فتيات غير متزنات نفسياً، نظراً لما فُرض عليهن مبكراً من مسؤولية كبيرة تتلخص في مصطلح الحياة الزوجية.

ربما كان السبب في زواج القاصرات هو عدم توعية الأهل بالشكل الكافي عن مخاطر الزواج المبكر، و ربما يدفع الاحتياج المادي للأهل لتزويج بناتهم قبل بلوغ السن القانونية،  أو لأنه نتاج حصيلة من المعتقدات المجتمعية الخاطئة و التي تحصر الفتيات داخل اطار الزواج فقط.

وعن تجربتها التي انتهت بالطلاق تقول سميرة* والبالغة من العمر ٢٤ عاما، “تزوجت في سن السادسة عشر من عمري ولم أكن أطيقه، فقد فرض عليا الزواج منه كما فرض عليا أيضاً التوقف عن التعليم وعدم الذهاب للمدرسة.” لم يكن زواج سميرة ناتج عن ظروف مادية تمر بها عائلتها، بل كان ذا صلة قرابة بها. أنجبت منه ثلاثة أطفال أكبرهم فتاة في أولي ابتدائي.

وتحكي إيمان* عن خالها التي تزوجت في عمر الخامسة عشر من إبن عمتها في بلدته، “ونظراً لصغر سنها وقتذاك، وانعدام خبرتها، لم تكن تقوى على مجابهة ما تلاقيه منه من ضرب وعنف واهانة حتى انها للحظة اعتقدت أن هذا هو الوضع الطبيعي لما يجب ان تعامل به الزوجة. ظل الوضع هكذا إلى أن نضجت و أصبحت شابة يافعة في بداية عِقدها العشرين تمتلك شخصية قوية تمكنها من الوقوف أمام هذا الزوج لتمنعه من اهانتها فلم يرد عليها إلا باهانة اكبر متمثلة في عنف جسدي، ثم طلقها، و قد عانت نفسياً كثيراً بعد هذه التجربة الفاشلة، إلى أن عوضها الله بمن استوصى بها خيراً و أحسن إليها.”

أتم أهل مها* زواجها بعقد عرفي لأن سنها لم يمكن يسمح لها بالزواج لدى المأذون،  وأنجبت طفلتها الوحيدة خلال العام الأول من زواجها، وكانت المفاجأة أن زوجها تزوج من أخرى تبلغ من العمر السادسة و العشرين عاما، لاحتياجه لزوجة أكثر نضجا من زوجته “القاصر المراهقة” كما أطلق عليها،  لتبدأ معاناتها مع عائلته. فمنذ ارتباط زوجها بزوجته الثانية، تصف مها نفسها بانها “لم تعد سوى خادمة في بيت أهله” و تربي ابنتها كما يهوى أهل زوجها.  أما عن زوجها هو فقد هجرها، ولم يعد يعاملها كزوجة ولم يرغب حتى في اطلاق سراحها بالطلاق. هذا بالإضافة ان زواجها المبكر قد اغتصب منها حقها في التعليم، فهي لا تحمل أي مؤهل تعليمي يمكِّنها من إعالة نفسها و ابنتها الصغيرة،  إزاء رفض أهلها لاستقبالها لديهم وتطليقها من الزوج، حتي لا يتحملوا أعباءهم المادية.

927240FA-31FF-49D5-B90C-AC39E20C1778_cx0_cy10_cw0_w1080_h608

و أما شيماء، فهي ما ان تزوجت حتى ألح عليها زوجها وأهله بضرورة الانجاب، و بعد شهر واحد فقط من زواجها بدأت رحلتها في عيادات الأطباء، لعدم تحمل جسدها متاعب الحمل في هذه السن الصغيرة، و تعرضت للاجهاض المتكرر لان رحمها غير مؤهل بعد للحمل، وهي الآن تمر بوعكات صحية نظراً لضعفها البدني و سوء حالتها المرضية.

أكثر من يتعرضن لتجارب الزواج المبكر هن فتيات قري الريف والاماكن النائية. والمرأة في هذه المناطق لازالت تعانى من التهميش، ويتم اعتبارها أحد ممتلكات رجال العائلة، فيحق لهم الأمر والنهي فيما يخص شؤون حياتها دون أدنى ارادة منها. وبالرغم من المعاناة التي تتعرض لها الفتيات نتيجة الزواج المبكر، الا انه لو عاد الزمن للوراء بعائلاتهن، فهن سيتعرضن لنفس المصير مرة أخري، فهؤلاء الفتيات ليس لديهن القدرة على تغيير مصائرهن، نتيجة حرمانهن من التعليم وانتقاصهم للخبرات الحياتية التي تكسبهم شخصيات مستقلة قوية تمكنهم من رفض هذه الزيجات والسعي وراء إغتنام فرص العمل.

و الي جانب معاناة القاصرات نتيجة لزواجهن المبكر، و حرمانهن من أبسط حقوقهم في أن يعشن طفولتهن، هناك أيضا الأطفال الذين يولدون لهؤلاء الامهات القاصرات. كيف لهؤلات الفتيات و هن لسن مؤهلات بعد جسديا او عقليا او نفسيا، لتربية الأطفال و تنشئتهم النشأة السليمة.

لذا يجب على جميع الهيئات الاجتماعية المعنية بتلك القضية،  والأفراد ذوي الأدوار الفعالة داخل المجتمع التكاتف جنباً إلى جنب لمناهضة الزواج المبكر، و توعية الأهالي و بالأخص من يقطنون القرى النائية والأرياف، لأنهم الأكثر من غيرهم تمسكاً بالأعراف و التقاليد البالية،  و يمكننا الاستناد في ذلك برأي الطب و بتلك القصص الواقعية بما تحمله من آلام و حقائق لا يمكن إغفالها.

و أخيراً يجب تفعيل القوانين لمحاسبة كل من يتجاوزها،  بل و سن قوانين أكثر صرامة لتجرم هذا الفعل البغيض،حتي تتمكن الفتيات من أن يعشن طفولتهن و لمنحن الفرصة ليحيين حياتهن كما ينبغي أن تكون

*تم تغيير الاسماء للحفاظ علي خصوصية أصحابها

23666605_978100439008106_116312332_nرضوى حسني خريجة كلية العلوم قسم الكيمياء و باحثة مبتدئة في مجال الكيمياء الحيوية و الهندسة الوراثية ، تهتم رضوي بكتابة المقالات الاجتماعية التي تتناول قضايا المرأة المصرية و العربية و تدعم حقوقها، كذلك تهوي كتابة القصص الروائية.

 

إذا أعجبتك هذه المقالة، أشترك في المجلة لتصلك مقالاتنا في بريدك الالكتروني **

 

أضف تعليق