لماذا أصبحنا الرجال الذين أردنا الزواج بهم

الاثنين ٢٣ أبريل ٢٠١٨                    كتبت – مينرفا حماد

d1a19a_3199eb0c261e47848376f35380e1014fmv2.png

أمقت لفظ عانس والتي تلقي كإهانة في وجه الفتيات الغير متزوجات، وخاصة عندما يبلغن سن الثلاثين.  عندما تبلغ المرأة هذا العمر في البلاد العربية، من الأفضل لها ان تدفن نفسها في صحراء بعيدة وتتظاهر بالموت فضلا عن العيش في مجتمع لا يتوانى عن الحكم عليها بأحكام ومسميات مهينة. المرأة في هذا العمر ستطاردها نظرات المجتمع وأقواله على طول الطريق حتى ينتهي بها المطاف بالزواج. وسوف يستمعن إلى أمنيات وتساؤلات لا حصر لها من نساء العائلة وصديقاتهن، “امتى يرزقك الله بالعريس المناسب؟” بل أسوأ من ذلك، سوف ينظر الناس إليهن كما لو كن كلاب مصابة في الشارع يستحققن الشفقة. وسوف ينصحها أفراد العائلة والأصدقاء وحتى الغرباء بان ” تتزوج من اول رجل مناسب يتقدم للزواج منها قبل فوات الاوان.”

هذا هو حال النساء اليوم، وهو نفس حالهم من زمن طويل، وقد بدأت معاناتهن منذ أن وضع الآباء والمجتمع قائمة طويلة من الاختلافات في طريقة تربية أبنائهم من الاولاد والبنات. في الدول العربية، يُسمح للأولاد باكتساب الخبرات الحياتية المختلفة والقيام بتجارب جديدة، وارتكاب الأخطاء، وملاحقة الفتيات في الشوارع، والتحرش بهن لأنهن يرتدين ملابس بطريقة معينة، وكذلك يصادقن الشباب العديد من الصديقات، وفي الوقت نفسه، يراقبون شقيقاتهم الملتزمات في البيت، والمقيدة حرياتهن حتى لا يشوهن سمعتهن او سمعة العائلة، ليحملن  هؤلاء الفتيات على أكتافهن الصغيرة مسؤولية المحافظة علي شرف العائلة. وبينما يتمتع الأولاد بحرياتهم في الشوارع، يتعين على الفتيات أن يساعدن في الأعمال المنزلية ويتعلمن كيف يطبخن ويتحملن المسؤولية، للإعداد لأدوارهن المستقبلية كزوجات صالحات.

جاءت نتيجة التمييز في طريقة التربية بين الاولاد والبنات، الي زيادة أعداد الشابات الغير متزوجات من المثقفات، حسنات المظهر، خريجات الجامعة والحاصلات على شهادات عاليا، والطموحات، والآتي يعملن في مراكز مرموقة. أحد الأسباب الرئيسية لهذه الظاهرة، هو أنه بينما كانت هذه الفتيات يتعلمن كيف تصبحن أكثر مسؤولية واستقلالية، فإن أقرانهن من الشباب يظلون محصورين في طور طفولتهم. وبعد سنوات عديدة اعتمدوا فيها على أمهاتهم وأخواتهم البنات لرعايتهم وقضاء احتياجاتهم، فهم أصبحوا مترددين ومفتقرين إلى العقلية المستقلة لاتخاذ قراراتهم بأنفسهم، ولا يعرفون ماذا يريدون حقا. وبينما هم في انتظار امهاتهم لتقرر لهم، فهم يشعرون بالتهديد من النساء ذات الشخصيات القوية، ويعملون جاهدين على تحقيرهم وقهرهم وإهانتهم.

من الواضح أن المزيد من النساء أدركن أن الزواج ليس مفتاح السعادة أو الاستقلال. بل على العكس، فإن السعادة الحقيقة تتحقق عندما تحب المرأة ذاتها وتظل صادقة مع نفسها. من المهم أن ندرك أن السيدات اللواتي يطورن من أنفسهن وينمين قوتهن الداخلية سوف يجتذبن شركاء حياة يتمتعون هم أيضا بشخصيات قوية، لا يتهددون او يغيرون من نجاحات المرأة ولا يطلبون منهم التغيير.

كثير من النساء لم يخترن بالضرورة أن يصبحن قويات أو مستقلات، ولكن الظروف دفعتهن لذلك، لأنهن لم يجدن أحدا يحتمين به او يتحمل المسؤولية عنهن. هؤلاء السيدات أصبحن هم نفسهن صورة من الرجال الذين أردن الزواج منهم.

اليوم أصبحت العديد من الشابات المتعلمات مستقلاًت ماديا، وبالتالي فهن يرفضن الزواج فقط من أجل الاستقرار المالي. اجتهدت السيدات وعملن بجد لينلن استقلالهن، وليس ذنبهن أن الجيل نفسه من الشباب يتشبث في مرحلة المراهقة حتى منتصف الثلاثينات من أعمارهم. بالطبع، ليس كلهم كذلك، ولكن هناك نسبة كبيرة من هؤلاء الشباب لديهم أفكار مشوهة عن “كيف ينبغي أن تكون زوجة المستقبل”، و”لأنها امرأة”، ولأنهم يعتقدون “لأنهم رجال” فأنهم يتمتعون بحقوق أكثر من زوجاتهم، فنجد الكثير من الشباب يريد أن يملي على زوجته كيف تعيش حياتها، وكيف يجب عليها أن ترتدي ملابسها، وتتحدث، وتسير، وتفكر.

لم تعد النساء اليوم تتحمل هذه السلوكيات والمواقف، لأنهم يبحثن عن شركاء للحياة يقبلون بهم ويحترمونهم كما هن.

  26909946_2262033100489642_1763765435_oمنيرفا حماد صحافية ومدونة مصرية نمساوية. وهي تكتب عن حقوق المرأة والمسلمين في أوروبا. لديها مدونة  تدعى “فندق ماما” ، حيث تكتب فيها عن الأمومة والنسوية و المرأة.

زوروا مدونتها فندق ماما و صفحتها علي فيس بوك

حقوق الصور لكاثرين هونستا

** إذا أعجبتك هذه المقالة، أشترك في المجلة لتصلك مقالاتنا في بريدك الالكتروني

 

أضف تعليق