الرجولة …. وحقوق المرأة

الثلاثاء ٢٦ يونيو ٢٠١٨                         كتبت – سلمي محمود

de7089080c9fc57d51b180b3e13468fb.pngرغم ما حققته المرأة في مجتمعاتنا مؤخرا من نجاحات في شتى المجالات، وانتصاراتها لقضيتها يوما بعد يوم، ونضالها بلا ملل لبلوغ المزيد من التقدم واستعادة بعض من حقوقها المسلوبة منها قهراً، ورغم القوانين والدساتير التي تتضمن نصوصا عريضة عن المساواة بين المرأة والرجل في الحقوق والواجبات، الا انها مازالت تعاني من مقاومة المجتمع الشرسة لها، ووضعه العراقيل لتعطيلها والوقوف ضدها، ورفضه الاعتراف بحقوقها المشروعة والعادلة التي يفترض أن تحصل عليها لكونهاكائنحي،أولا،قبل أن تكون امرأة.

في هذا المجتمع نجد بعض الرجال يرفضون الاعتراف بتلك الحقوق، بل ويهاجمون كل من تفكر في المطالبة بها، وقد يصل الأمر إلى التشكيك في تربيتها وسلوكها ونعتها بأسوأ الصفات والالفاظ. وهؤلاء هم الذي لا يرون المرأة سوى أداه خلقت لخدمتهم، وهم يبذلون كل ما أوتوا من جهد في سبيل ألا تصبح نداً متساوياً.

999966وهناك بعض من يستخدمون الدين لمحاربة المرأة، تجدهم يشنون حملات شعواء ضدها، ويهاجمون بضراوة، بل ويكفرون باسم الدين كل من تسول لها نفسها في المطالبة بحقوقها المشروعة، ويسوقون الحجج، والتي قد تصل بهم إلى تحريف أجزاء من الكتب السماوية لتتماشي مع رغباتهم ومبرراتهم الخاطئة. هؤلاء يستخدمون كافة الاساليب لأجل اثبات حديثهم المزيف، تارة باللين واللعب على وتر المشاعر باسم الدين، وتارة بالعنف والصياح، بل والسخرية منها، واستخدام الفاظ تخدش الحياء للتأثير على قطاع كبير من المجتمع.

بالإضافة الي ذلك، نجد البعض الذي يوجه يروج في أحاديثه ان العري والاباحة، هي الحقوق التي تريدها المرأة، وان كل من تنادي بحقوق المرأة ما هي إلا عاهرة، ساقطة ترغب في إشاعة الفحشاء وإثارة الفتن في المجتمع، وان كل من تساندهاهي مثلها، وهؤلاء لا يتوانى أياُ منهم عن الخوض في عرضها وشرفها، إذا لزم الأمر فقط ليثبت وجهة نظره ويحقق مبتغاه.

وهناك “نسبة لا تكاد تذكر” من الرجال ممن يؤمنون بحقوق المرأة ويساندونها، وهؤلاء إما يفعلون ذلك في الخفاء أو يعلنون ذلك على استحياء خوفا من تعرضهم للانتقاد والسخرية، وربما التشكيك في رجولتهم من رفاقهم. وكذلك هناك أيضا من يدعون مساندتهم لقضايا المرأة كوسيلة لاصطياد والايقاع بالفتيات الساذجات وصغار السن منهن.

وفي هذا المجتمع، نري أيضا الكثير من السيدات المناهضات لجنسهن، إما لأنهن يخشين معارضة الرجال خوفا من الانتقادات، أو لأن أفكارهم تصطبغ بالذكورية؛ فهن يدعين الفضيلة والتدين المزيف ويهاجمن بضراوة كل من تدافع عن حقوق المرأة، ويناصرن ويباركن ما يعطلها ويعيقها عن التمتع بحقوقها المشروعة، ويبذلن ما في وسعهن للتأثير على الاخريات واقناعهن أن حقوق المرأة تلك ما هي الا رجس من عمل الشيطان، وأن المرأة الصالحة لا يجب أن تعمل، ولا تناقش، ولا ترفع صوتها، ولا تتحدث من الأساس، ولا تعيش؛ وهن ينصحن النساء بأن يبتعدن عن تلك المنطقة المشبوهة ويسرن بجوار “الحيط” والعيش بدون أي تأثير يذكر في المجتمع. هؤلاء لا يهدأ بالهن سوى عندما يجدن الجميع مثلهن مجرد “ظل” بلا تأثير أو فائدة لهن في الحياة.

720582156

الحقيقة، لم أفهم يوماً ما وجه التعارض بين الرجولة وبين الاعتراف بحقوق المرأة. ودائما ما اتساءل عن الضرر الذي قد يقع على الرجل إذا حصلت المرأة على حقوقها، ليكرس وقته وجهده في الوقوف ضد كل من تتبني القضية والتنكيل بها بشتى الطرق؟ نسبة كبيرة من الرجال لا يرغبون في التنازل عن حقوقهم التي اكتسبوها عنوة، وهم يعتقدون ان حصول المرأة على حقوقها، سيسلب منهم بعض حقوقهم ويفقدهم السيطرة وفرض ارادتهم عليها. وهذا اعتقاد خاطئ، فعلى العكس تماماً، إن حصول المرأة على حقوقها كاملة يجعلها شخص مسؤول لها نفس الحقوق وعليها نفس الواجبات كالرجل، وهو ما يجعل الكفة متوازنة بين الطرفين.

ولهؤلاء الذين يزجون بالدين لترويج أفكار شعواء بأن المساواة وحقوق المرأة ضد الشرع، فالدين لم يقف يوماً حائلاً بين المرأة والتمتع بحقوقها كاملة، إنما أمر الله عز وجل بالمساواة وبأن يحصل كل ذي حق على حقه. وحقوق المرأة أيضاً لم تعني يوماً الاباحة والعري وتشجيع الفتنة والفساد، وإن كانت نسبة تفعل ذلك فهم شواذ القاعدة ولا يجب ان يتم تطبيقها على الجميع، لأنه عندما تتبني أي منا تلك القضية فهي تريد ما هو أكبر بكثير من العري؛ هي تريد المساواة في الواجبات حتى قبل الحقوق. تريد العدل وعدم الظلم. تريد أن تشعر بالأمان ولا تتعرض لعنف غير مبرر فقط لكونها امرأة. تريد أن تحقق طموحاتها، أن تدرس ما ترغب، وتنجح، وتعمل وتمارس ما تحب في الحياة، ولا ينحصر دورها فقط في تحضير الطعام وإعداد المائدة وإنجاب الأطفال.

a67

عزيزي أدم، مساندتك لحقوق المرأة لا ينقص من رجولتك في شيء، ولا يسلبك أيا من حقوقك، ولا يتعارض مع الدين، ولا يشيع الفاحشة، ولا يخالف العادات والتقاليد. مساندتك لها يثبت كونك انسان طبيعي سوي يحتفظ بأدمتيه ويرضي ضميره. مساندتك للمرأة يجعل منك ابن بار يفخر بأمه التي تحملت الكثير لتربيته، يساعدها في أعمال المنزل ويلبي لها طلبات الشراء ويقف بجانبها في شدتها. مساندتك لها يجعل منك اخ صالح يحترم اخته ورغباتها واختياراتها، يعلم انها ليست متاحة لخدمته بل مثلها مثله لها نفس الحقوق وعليها نفس الواجبات. مساندتك للمرأة يجعل منك زوج محب لزوجته ولا يقلل منها في أي موقف، يقف بجوارها ويشد من ازرها دوماً، يفخر بها في شتي الظروف ويشجعها على النجاح ويكون الداعم الأول لها. مساندتك للمرأة يجعل منك أب حنون يشجع ابنته على تحقيق طموحاتها ويساندها في كافة اختياراتها ويفخر بها أمام الجميع في كل حالتها، ويكون لها السند والصاحب والرفيق، ويجعل منها امرأة قوية لا تخشي مواجهة الحياة.

واخيراً مساندتك للمرأة، يجعل منك رجل سوي، شهم، حر لا يرضي ان يبخس حق انسان لمجرد اختلاف جنسه، لا يصمت عن الحق ولا يرفع عينه عن الخطأ، يثور عندما يجد فتاه في ضيق، ويفخر عندما تحقق أي منهن نجاح يذكر، يؤمن بحريتها وحقها في الحياة.

ببساطة، تلك هي حقوق المرأة التي نرغبها والتي ندافع عنها بكل ماأوتينا من قوة وليست مطلقاً ما يدعون. وهذا هو ما نتمنى أن يؤمن به المجتمع بكافة طوائفه وفئاته يوماً ما.

31530792_2118869535025007_2375980014135934976_nسلمي محموذ

 **إذا أعجبتك هذه المقالة، أشترك في المجلة لتصلك مقالاتنا في بريدك الالكتروني 

أضف تعليق