البرلمان المصري يعدل قوانين الميراث ليضمن حصول المرأة على حقها في التركة

الإثنين ١٦ يوليو ٢٠١٨                         كتبت – سارة محمد  – وترجمة: قسمت مختار

thumb_IMG_3126_1024
حقوق الصورة  لـ جويا العجار 

مثل الكثيرات من سيدات جيلها، تقول سامية مدحت، والتي تعمل مساعدة منزلية للعديد من الفيلات بالقاهرة الجديدة، بأنها بالرغم من كونها هي المعيلة للأسرة، الا انها لا تملك سوى القليل من السيطرة على راتبها.

ويطالبها زوجها، والذي “يرفض القيام من على الكنبة”، على حد قولها، بتسليمها مرتبها له كل شهر، ليتولى هو الصرف على العائلة، ليحافظ بذلك على المعايير المجتمعية التي تملي على الرجال مسؤولية اتخاذ القرارات المالية للأسرة. والأهم من ذلك، أنها عندما استلمت سامية ميراثها من والدها الراحل، أخذه زوجها أيضاً وصرفه على أغراضه الشخصية.

لكن البرلمان المصري يحاول تعزيز حقوق الميراث للمرأة.

بعد عام من المداولات حول تعديل قانون الميراث (القانون رقم ٧٧ لعام١٩٤٣)، أقر البرلمان المصري قانونًا في ٥ ديسمبر ٢٠١٧ يضمن للمرأة حقها الشرعي في الحصول على ميراثها.

وافق البرلمان على القانون الجديد بعد أن قدم مجلس الوزراء، والمجلس القومي للمرأة، والجمعيات المدنية عدة مسودات في يناير ٢٠١٦، ديسمبر ٢٠١٦ وسبتمبر ٢٠١٧ على التوالي، لتعديل القانون الحالي.

وتنص المادة ٤٩ من القانون الجديد على أن كل منيرفض عمدا منح الوريث، سواء كان ذكرا أو أنثى، نصيبه الشرعي من الميراث أو يصادر وثيقة تؤكد هذه الحصة، يسجن لمدة لا تقل عن ستة أشهر ويكون عرضة لغرامة تتراوح بين ٢٠،٠٠٠ و١٠٠،٠٠٠ جنية مصري. وفي حالة تكرار الواقعة مرة أخري، ستمد فترة عقوبة الحبس إلى ما لا يقل عن سنة واحدة.

وتقول رانيا يحيي، عضو اللجنة التنفيذية في المجلس القومي للمرأة، “هذا التعديل يتوافق مع المادة ١١ من الدستور المصري والذي يشدد على مسؤولية الدولة لحماية النساء من جميع أشكال العنف.” وأضافت أن هذه التعديلات تمثل خطوة كبيرة لتمكين المرأة في مصر، نظراً لأن العديد من الأسر تحرم المرأة من حقوقها في الميراث.

إن التعمد في إنكار حق الوريث في الحصول علي حصته القانونية من الميراث هو شكل من أشكال العنف الاقتصادي، ويسعى المجلس القومي للمرأة إلى وضع حد للعنف الذي تتعرض له النساء بجميع أشكاله. ويعتبر التعديل ]في القانون[جزءًا من خطة المجلس الخاصة بتمكين المرأة في مصر“.

وأضافت رانيا يحيى أن المجلس القومي للمرأة لم يتمكن بعد من تحديد نسبة النساء اللواتي يعتبرن التعديل “مفيدًا”، أو قمن بناء عليه برفع دعاوي ضد أخوتهم او أبناء عمومتهن للمطالبة بإرثهن.

لكنها تعتقد أن عدد النساء اللواتي طالبن بحقوقهن قد ارتفع بعد تعديل قانون الميراث، وأن هذا الرقم سيرتفع بشكل كبير مع زيادة الوعي من خلال وسائل الإعلام، وبالتالي سيكون له تأثير قوي في المستقبل القريب.

ومع ذلك، قالت ندى نشأت، مسؤولة الدفاع وكسب التأييد في مؤسسة قضايا المرأة المصرية، إن القانون الجديد غير عملي، مشيرة لعدم وجود أي تناقص في عدد النساء اللواتي ما زلن يلجأن الي المؤسسة سعيا للحصول على ميراثهن.يجب على الحكومة توفير آليات واضحة يمكن للمرأة التي تُعامل بطريقة غير عادلة من الاعتماد عليها. عندئذ يصبح التشريع أداة حقيقية وليس فقط نص قضائي للحصول على الحقوق. لقد أمضت العديد من النساء سنوات طويلة في المحاكم دون جدوى.

ووصفت ندي نشأت التشريع بأنه “يتجاهل الأبعاد الحيوية الأخرى للمشكلة”، مشيرة إلى أن غالبية الإناث، بالرغم من تعرضهن الي حرمانهن من الميراث، الا انهن يرفضن إقامة دعاوي قضائية ضد أشقائهن او أبناء عمومتهن، حتى لا يلحقن العار والفضيحة للعائلة. وأضافت، “في الأحوال العادية، يجب على الورثة استخراج إعلام وراثة، ووثيقة حصر للتركة بها كل موجودات والتزامات المتوفي، مع شرح قيمة هذه الموجودات والالتزامات. ولتفعيل التشريع، يجب على المرأة أن تستخرج وثيقة شخصية تثبت حقها القانوني في الميراث على الفور بدلاً من انتظار توزيعه من قبل شقيقها. “

ووفقاً لصحيفة “المونيتور” الإلكترونية، أشارت دراسة استقصائية أجريت عام ٢٠١٠ لعدد ٢٠٠ سيدة مصرية، إلى أن ٥٩ بالمائة منهن لم يتلقين أي ميراث، ووفقا لنفس الدراسة، لا تجرؤ النساء في صعيد مصر تحديدًا على المطالبة بحقوقهن في الميراث.

القانون المصري يتبع الشريعة ]في قضايا الاسرة[، والتي تنص على أن الرجل يرث ضعف نسبة الأنثى بناءً على ما ورد في سورة النساء في القرآن (٤:١١). ومع ذلك، هناك تفسيرات مختلفة بشأن قوانين الميراث الإسلامية.فوفقاً لموقع دار الإفتاء المصري، لا يستند التباين في الميراث إلى جنس الوريث، بل على ثلاثة شروط أساسية: درجة القرابة إلى المتوفى، والجيل الذي ينتمي إليه الوريث، ومسؤولية الوريث المالية.

وفقاً لدراسة أجرتها عالمة الاجتماع سلوى المهدي في عام ٢٠٠٩، بعنوان “وراثة النساء في صعيد مصر بين الواقع والأمل”، تتبع العائلات في صعيد مصر عرف “الرضوى” حيث تجرى ترضية الأنثى بمبالغ مادية للتنازل عن ميراثها.وكشفت الدراسة أن حوالي ٩٦٪ من النساء في محافظتي سوهاج وقنا لم يحصلن على ميراثهن الصحيح بموجب الأعراف التي لا تؤيد حصول المرأة على ميراثها.

وقالت رانيا يحيي، “غالباً ما يرفض أشقاء النساء أو أبناء عمومتهم منحهم ميراثاهم خوفاً من أن يأخذه أزواجهن أو أطفالهن، وبذلك ]علي حد قولهم[ينتقل ارثها للغرباء، وهو أمر غير مقبول، خاصة في صعيد مصر.”

وأضاف ندى نشأت أنه بغض النظر عن الركائز الدينية للقانون، فإن الرجال المصريين غالبا ما يستغلون القوانين الإسلامية لمصلحتهم الشخصية.”بموجب الشريعة الإسلامية، يجب على الأزواج تحمل المسؤولية المالية تجاه زوجاتهم وأولادهم بالكامل، ومع ذلك تتلقى مؤسسة قضايا المرأة المصرية آلاف الحالات كل شهر يرفض الرجال تحمل مسؤولياتهم المالية، خاصة بعد الطلاق، تاركين النساء بدون مصدر دخل.”

تقول هيلين ريزو، أستاذة علم الاجتماع، إن السبب وراء امتناع النساء عن رفع دعاوى ضد أشقائهن هو أن الكثيرات لا يرغبن في إساءة العلاقات معهم، تحسبا في حالة ما أحتجن الي دعمهم ومساندتهم في أوقات الأزمات، مثل مطالبتهن بالطلاق. “لان الرجال لهم اليد العليا فيالعمل في الأراضي الزراعية، فهم يتمادون بسبب ذلك، في فرض القوة والسيطرة على المرأة والتي ينظرون إليها على أندورها إنجابي أكثر ما هو انتاجي.” 

ومع ذلك، تقول هيلين ريزو، بأنه مع تطور التصنيع، الأمور تتغير. ففي عالم ما بعد الحداثة، أصبحت المرأة أكثر حضورا في جميع مجالات العمل؛ والمزيد من النساء يدخلن مجالات عمل تحتاج الي مستوي عالي من العمل اليدوي.

وتعتقد هيلين ريزو أن تعديل قانون الإرث الأخير هو خطوة مهمة. وتقول في هذا الشأن، “على الأقل دعونا نحصل على قانون مكتوب على الورق. المرأة لديها الحق في الميراث، ولأولئك اللاتي ستقررن دخول المعركة للحصول على ميراثهن، هذا القانون سيمنحهن الأداة التي سيحاربون بها.”

mv0pt6YI_400x400كتبت هذه المقالة سارة محمد وتم نشرها لأول مرة في The Caravan   وهي الصحيفة  الطلابية الأسبوعية التابعة للجامعة الأمريكية في القاهرة.

إذا أعجبتك هذه المقالة، أشترك في المجلة لتصلك مقالاتنا في بريدك الالكتروني **

أضف تعليق