شقيقتان مصريتان تقودان مجموعتين بحثيتين بمؤسسة د. مجدي يعقوب لامراض القلب بأسوان

الأربعاء ١٩ سبتمبر ٢٠١٨         كتبت – Digital Arabia Network              ترجمة : دينا المهدي

IMG_1287 (1)
تصوير: أيمن ماهر

رغم جذورهما المترسخة في مصر وفي الأسرة التي تنتميان إليها، تركت كلُّ من هبة وياسمين عجيب – في إطار سعيهما إلى التميز – أثرًهما في قارتين، وذلك من خلال نجاحهما في تخطيهما العوائق الثقافية والجندرية. فانتماؤهما إلى عائلة قوية وداعمة، وحصولهما على تعليم ألماني ممتاز، ونهمهم المستمر للمعرفة والابتكار كانت التركيبة المثاليّة لإنجازات لا حصر لها حققها “الثنائي الديناميكي” إلى الآن

IMG_0774
د. ياسمين و د.هبة عجيب

ولدت الشقيقتان لأبوين مصريين ونشأتا في القاهرة؛ حيث كانت الأسرة والتعليم والرياضة والفنون تتصدر قائمة اهتمامات والديهما وجدتهم، والتي بدورها حثتهما على الدراسة في الخارج. كان ذلك مسعًى طويلًا وصعبًا، بدأ بحصولهما على الثانوية العامة من المدرسة الألمانية بالقاهرة (DSB)؛ والتي من خلالها حصلتا على منحة DAADللباحثين الشباب للدراسة في ألمانيا، وأكملتا دراستهما في جامعة ميونيخ التقنية (TUM)؛ حيث حققت كلٌّ منهما رغبة جدتهما في الحصول على الدكتوراه مع مرتبة الشرف.
 
في حين اختارت الشقيقتان تخصصين أكاديميين مختلفين (ياسمين: دكتوراه في التكنولوجيا الحيوية الجزيئية؛ هبة: دكتوراه في الهندسة الميكانيكية)، الا انه انتهى بهما الأمر إلى العمل كمتخصصين ممارسين في المجال الطبي. فقد كان من المقدر ألا يقتصر تأثير الجدة في حياة الشقيقتين على الحصول على درجة الدكتوراه فحسب، بل بعد تشخيص جدتهما بمرض سرطان البنكرياس، غيَّرت هبة، الأخت الصغرى، مجال تخصصها من الهندسة الميكانيكية إلى تكنولوجيا الأجهزة الطبية. أما الأخت الكبرى ياسمين، فركزت أكثر على أبحاث خلايا المخ والعملية الخلوية التيتسمى الالتهام الذاتي (Autophagy).

ولعب القدر دوره مرة أخرى في حياة الشقيقتين، حيث عادتا إلى مصر للعمل مع البروفيسور العالمي السير مجدي يعقوب في مؤسسة مجدي يعقوب – مركز أسوان للقلب؛ حيث أسستامركزًا بحثيًّا وتقودان حاليًّا مجموعتين بحثيتين تتلخص مهامهما وأهدافهما في خدمة المرضى المصريين والارتقاء بالبحث العلمي في مجال أمراض القلب والأوعية الدموية، وكذلك تشجيع البحث العلمي وتطوير الرعاية الصحية في مصر.
 

DSC_3553
تصوير: أيمن ماهر

تؤمن هبة وياسمين بشدة بأهمية المساواة لتحقيق فرص النمو، وأهمية السعي وراء تحقيقً أهدافهما. ويلخص أهدافهما وقيمهما المهنية والشخصية بقولهما، “نأمل في أن نحدث تغييرًا لنرتقي بالعلوم والابتكار والتكنولوجيا في مصر والعالم، بالتركيز على نقاط قوة بلدنا وشعبنا وتعزيز الروابط مع شركائنا العالميين. نحن نعمل جاهدين على تمهيد الطريق للشباب والشابات في المستقبل؛ وذلك من خلال المضي قدمًا في مجال البحث العلمي والتكنولوجيا وتطوير الابتكار”.

ولدت الشقيقتان بفارق عام واحد، وهما لا تشبهان الصورة النمطية للفتيات التي نراها حولنا؛ حيث تعملان على التوفيق بين الوظيفة والأسرة والحياة المهنية في ثلاث دول وبثلاث لغات. كما تعملان مع كبار الباحثين بجميع أنحاء العالم وتقودان فرق عمل من العلماء الشباب، لتطوير والارتقاء بطب معالجة أمراض القلب والأوعية الدموية، وخاصة في المجتمعات المحرومة. “إن جوهر اهتماماتنا البحثية يمثل تحديًا؛ لأن البحث العلمي القابل للتطبيق (translational research) يدور حول ترجمة المعرفة التي تصدرها الأبحاث العلمية وتطبيقها في مجال رعاية المرضى وتحسين الإجراءات الوقائية والتشخيصية والعلاجية. لذا يعد العمل مع الزملاء من مختلف التخصصات أمرًا بالغ الأهمية والتحفيز بهدف الوصول إلى غاياتنا المشتركة”.

DW4A0844
د. هبة عجيب

الحياة المهنية لياسمين وهبة تشكل تحديًا لأي شخص، ناهيك عن كونهما امرأتين من الشرق الأوسط؛ حيث تشمل هذه التحديات الضغوط من المجتمع والزملاء، ولا تقتصر فقط على المجال العلمي التنافسي ذي الوتيرة السريعة. وتعليقًا على كيفية مواجهة هذه التحديات، قالت الشقيقتان: “المثابرة والمرونة تجعلانك تركز على ما تريد بدلاً من الاستسلام للعقبات التي تواجهها طوال حياتك”.

وبمتابعة جدول أعمال الشقيقتين وأدائهما، يمكن أن نستنتج أنهما ليستا سوى نساء خارقات. وبسؤال الشقيقتان عما إذا كانتا تعتبران أنفسهما نساء خارقات، كان هذا هو ردهما، “قد يحتاج الإنسان في بعض لحظات حياته إلى الإيمان بامتلاكه قدرات خارقة لتحفيز نفسه للتغلب على المواقف الصعبة. وفي بعض الأحيان، ننظر إلى الوراء وما انجزناه ونتساءل كيف تمكننا من التغلب على تلك الأوقات العصيبة.”

وتبقى العالمتان الشابتان مُطلعتين على كل ما هو جديد “قدر المستطاع” من خلال الملاحظة والتعلم ممن حولهما؛ والديهما، أفراد العائلة و”المعلمين والموجهين العظماء” الذين التقتا بهم طوال حياتهما المهنية داخل مصر وخارجها. كما تؤمنان بأهمية التخطيط المسبق والتحضير لسيناريوهات مختلفة للحفاظ على مستويات عالية في كل ما يفعلونه، والتركيز على الأولويات وعدم التوقف عن الدفع لتجاوز الحدود وتخطي العقبات.

yasmine-aguib-genome-magdi-yacoub-e1530563354696.jpg
د. ياسمين عجيب

تعزى كلُّ من ياسمين وهبة اهتمامهما ومشاركتهما في العلوم في سن مبكرة إلى نظام التدريس في المدرسة الألمانية  (DSB)واليمعلميهما. “طالما كانوا يشجعوننا على فتح أعيننا لملاحظة ما يدور حولنا، ولربما كان لهذا الأمر دور رئيسي. وحتما كان لنظام التدريس والمناقشات معنا تأثير فعال”.

كمراهقات، كانتا تريان أنفسهما دائمًا كجسور للتواصل والتلاقي بين الثقافات؛وأن تسهمان في حركة التنمية في كل مصر وألمانيا. “كل شيء آخر حدث لنا لاحقًا جاء واحدا تلو الآخر وفتح لنا الباب لفرصٍ جديدةٍ.”

من المؤسف أن النظام الاجتماعي والتعليمي وبيئة العمل يمكن أن تدفع المرأة أحيانًا للتخلي عن شغفها أو تطلعاتها. وفي هذا الشأن قالت هبة وياسمين، “وعندما يحدث هذا، تصبح المرأة على دراية تامة بالقيود وتتصرف في إطارها. وهنا يأتي دور أفراد الأسرة والمعلمين وأساتذة الجامعات والمديرين والرؤساء (الرجال والنساء)؛ حيث يجب أن يخففوا من وطأة هذه القيود. لذا يجب دعم المرأة وتعزيزها على قدم المساواة مثل الرجل، مع مراعاة الاعتبار للظروف الاجتماعية. فالمساواة بين الجنسين هي أحد مبادئنا الأساسية في كل ما نقوم به”.

لا شك أن النساء، وخاصة العاملات في المجالات التي يهيمن عليها الرجال، يتعرضن لمزيد من الضغوط لإثبات قدراتهن وليتم قبولهن في الساحات الذكورية. وهذا يقود النساء إلى الاعتقاد في بعض الأحيان أنه من خلال التنافس في عالم الرجال عليهن أن يخفين انوثتهن. هذا أيضًا ما اعتقدته الشقيقتان في بادئ الأمر، عندما أقدمن على دخول مجال البحث العلمي، “في البداية اعتقدنا أنه يجب علينا أن نفصل بين كوننا فتاتين وكوننا مهنيَّين، لكن حين نضجنا تعلمنا أنه لا يوجد تناقض بين الأنوثة والمهنية”.

IMG_8838على الرغم من جدولي أعمالهما المزدحمَين، فإن الشقيقتين تعملان على تحقيق التوازن بين العمل وحياتهما الخاصة، وتخصيص وقت للرياضة والأنشطة التي تستمتعان بها. هذا يساعد على إعادة شحن طاقتهما. فهبة تحضر دروس رقص معاصر والتزلج الشراعي على الماء وغيرها من الرياضات. أما عن ياسمين، فهي تستمتع بالقراءة والكتابة والقيام بأنشطة ممتعة مع ابنتها. وكلتاهما تستمتعان بالموسيقى والفنون المعاصرة.

لم تكن رحلتهما سلسة بالمرة، ومع ذلك فقد حفرتا اسميهما في مجال البحث العلمي. ومن واقع خبراتهما، فإنهما يدركان كم الصعوبات والتحديات والعمل الشاق التي تواجهها كل امرأة شابة في مجالات العلوم والهندسة.  و بسؤالهما عن افضل نصيحة يقدماها للفتيات الراغبات في الخوض في مجال العلوم والهندسة، قالتا، “إن أفضل نصيحة لأية امرأة شابة تُقْدِم على دخولمجالات العلوم والهندسة هي أن تسعى لاكتشاف شغفها واتباعه أثناء فترة المدرسة والجامعة. يمكنها البحث عن المزيد من المعلومات حول التخصصات المختلفة والالتحاق بالبرامج التدريبية في المجال الصناعي والأكاديمي؛ لأنها ستساعدها كثيرًا في معرفة ما يعجبها أو لا يعجبها. كذلك فهي عليها أن تقرأ وتصغي إلى جلسات حوارية وقصص عن أمثلة يحتذى بها سواء تُروى عنهم أو على لسانهم، ثم تسعى حتى تجد الطريق الخاص بها”.

وكذلك تؤكدان هبة وياسمين على أهمية العثور على الأصدقاء وشركاء الحياة الداعمين لها والذين يؤمنون بها وتطلعاتها. “في النهاية، تحقيق التوازن بين العمل والحياة الخاصة أمر هام لكن صعب للغاية، وأن تكوني متواجدة وداعمة لفريق عملك وعائلتك وأصدقائك. لذا على المرأة أن تجد الوقت للقيام بالأنشطة التي تثري العقل والروح، وأن تُذكر نفسها بغايتها في الحياة…”.

Digital Arabia Network هي مختبر المستقبل الرقمي في العالم العربي و منصة لربط الرواد و المبدعون العرب في العالم الرقمي

للمزيد عن أنشطة Digital Arabia Network  زوروا موقعهم الالكتروني هنا و صفحتهم علي فيس بوك هنا

إذا أعجبتك هذه المقالة، أشترك في المجلة لتصلك مقالاتنا في بريدك الالكتروني**

1 comments

أضف تعليق