مُحاربة السرطان رضوى الفردي: علينا جميعاً أن نحارب وننتصر

الأحد ٤ نوفمبر ٢٠١٨             كتبت – رضوي الفردي ،  ترجمة نص من الانجليزية –  مي مصطفي

image1أصيبت والدتي بمرض السرطان عندما كنت في الثانية عشر من عمري. وحاربته باستماته وتغلبت عليه. وإحتفلنا بشجاعتها وانتصارها، كما احتفلنا ببقائها على قيد الحياة لعشرة اعوام اخري.

وعندما كنت في الثانية والعشرين من عمري توفي أفضل اصدقائي بحادث سير مروع. كان صديقا مقرباً جداً من عائلتي وآلم فقده الجميع. حتي أن حزن والدي عليه آودي به للعناية المركزة واللحاق بصديقي بعد عشرة ايام. وفي نفس يوم رحيل والدي، ٢٧ نوفمبر ٢٠٠٨، والذي حفر تاريخه بذاكرتي للأبد، جاءت نتائج تحاليل والدتي لتؤكد تكرار إصابتها بالسرطان. وفي هذه المرة كانت المعركة اكثر سوءاً، لأن السرطان كان اكثر وحشية. ولا زلت اتذكر اخر كلماتها لي “يجب أن تحاربي وتنتصري. وتنهي دراستك، وأن تكوني قدوة.”

ازدادت مخاوفي من مرض السرطان عقب وفاة والدتي. وهرعت بين معامل التحاليل ومراكز الأشعة للمتابعة. فلقد اصبحت مهووسة به وأراه من حولي في كل مكان. وبعد ستة أعوام من رحيل والدتي، تحقق الكابوس الذي طاردني منذ رحيلها. في ابريل ٢٠١٦، تم تشخيصي بسرطان الثدي، وتذكرت كلمات أمي الأخيرة لي، وبدأت في تلقي علاج السرطان، واعتبرته كما لو كان تجربة مؤلمة مؤقتة.

41795522_501454707000089_2674424578431778816_n

ناقشت خطة علاجي مع أطباء والدتي وفريقهم الطبي. وبدعم من اشقائي بدأت معركتي الخاصة مع المرض. اخفيت خبر مرضي عن اصدقائي وزملائي بالعمل لمدة ثمان أشهر. عانيت خلالها من الألم وهُزمت في بعض الأحيان. اصبحت حياتي رحلة شاقة، إلا أنني لم استطع أن اخبرهم، وبشكل ما تمكنت من الذهاب لعملي يومياً والعيش حياة عادية، بالرغم من جلسات العلاج الكيميائي الإسبوعية. وكان عملي ومهنتي وطلابي هم أدوات بقائي علي قيد الحياة وركيزة دعم رئيسية لي، الي جانب عائلتي الرائعة واصدقائي المساندين لي.

أدركت شقيقتي بأنها في خطر كبير هي أيضا عندما جاءت نتائج تحاليل إختبار جين سرطان الثدي الخاصة بي لتشير بأن طفرة جينية وراثية هي المسببة لإصابتي بالسرطان. وبالفعل جاءت تحاليل اختي لتؤكد أنها تحمل أيضا نفس الجين الوراثي. بعد تلقي الصدمة الأولي، قررت شقيقتي أن تخضع لعملية استئصال الثدي الثنائي الوقائي، وهي العملية الجراحية الشهيرة التي قامت بها الممثلة انجلينا جولي، لاستئصال كامل لأنسجة الثدي التي تحتمل أن تتطور إلى سرطان، وكانت شقيقتي الشجاعة واحدة من اوائل السيدات اللاتي خضعن لهذا الإجراء الطبي في مصر.

41739886_314580509328173_2739946963117015040_n.jpg

وأما بالنسبة لي، وبما أنه تم تشخيصي بالفعل بسرطان الثدي، كان على الخضوع لبعض العمليات الجراحية لإستئصال الورم. واحدة منها استمرت لما يقرب من الـ ١٢ ساعة، قام خلالها الجراح باستئصال نسيج الثدي واستبداله بعضلات من ظهري. وعقب هذه الجراحات جاء العلاج الإشعاعي المكثف. وبعد مرور عام عُدت لغرفة العلميات مرة أخري لإجراءأخر عملية جراحية لي. ومنحتني كلمات والدتي الأخيرة القوة لمحاربة كل معركة مررت بها. وإتباعاً لنصيحتها، فلم يكن لدي خيار سوي القتال، حتى في تلك اللحظات التي كنت على وشك الاستسلام للألم وقبول بفكرة أن حياتي ستكون سلسلة من الأيام المؤلمة والليالي اليائسة.

كانت السيرة الذاتية “أثقل من رضوى” للكاتبة رضوى عاشور هيأيضا مصدر الهام وتحفيز لي للاستمرار في مواصلة معركتي،كانت رضوى عاشور، والتي لقبت باسمها تيمنا بها، هي قدوتي،القراءة عن ألامها ومعاناتها ومعركتها مع السرطانبدلت حياتي.

في إحدى الليالي المؤلمة اليائسة، قررت أن اتغلب علي آلمي وأن أستغل الليالي المؤرقة وبقائي لفترة طويلة بالفراش، للعمل في إعداد رسالة الماجستير الخاصة بي. وما أن عزمت أمري، حتى تمكنت من التغلب على مضاعفات ما بعد الجراحة، وجاءت قراءات التحاليل جيدة للغاية. تغلبت على الغثيان والألم والليالي المؤرقة بالكتابة والبحث. وخلال شهر إنتهيت من كتابة المسودة الأولي من رسالة الماجيستير.

43654287_498374814002005_6923567253443051520_n

وبعد مرور شهرين عقب الجراحة وتحديداُ في ابريل ٢٠١٨، حصلت على درجة الماجستير في “الفن والعمارة الإسلامية” من الجامعة الأمريكية بالقاهرة. وتمكنت اخيراً من أن ابعث لأمي إمتناني وتقديري لها، وأن أؤكد لها أنني “حاربت وانتصرت”. أرقدي في سلام يا أمي.

وبالنهاية، فإنني أكتب هذه الكلمات إلى كل محاربة، وابنه المحاربة، واخت المحاربة، ووالدة المحاربة، وأصدقاء ورفقاء المحاربات، “علينا جميعا أن نحارب وننتصر.”

رضوى الفردي، ٢٨ عام، مهندسة معمارية ومحاربة للسرطان. تخرجت عام ٢٠١٠ وحصلت على درجة الماجيستر في الفن والعمارة الإسلامية عام ٢٠١٨ . تعمل مدرس مساعد بكلية الهندسة، قسم عمارة، جامعة مصر الدولية.

إذا أعجبتك هذه المقالة، أشترك في المجلة لتصلك مقالاتنا في بريدك الالكتروني ** 

أضف تعليق