بكل أدب و موضوعية .. خليه يعنس

الاثنين ٢٨ يناير ٢٠١٩                     كتبت – رضوى حسني

50639431_2189779984394017_6871404497676009472_n

دُشنت خلال الأيام السابقة حملة مهينة للفتاة المصرية من قبل بعض الذكور في المجتمع، و أطلقواعليها اسم «خليها تعنس»، رداً منهم على ما يدعون مواجهته من غلاء في المهور وإرتفاع تكاليف الزواج، و حجتهم الوحيدة اللا منطقية في اختيار هذا الاسم، هو أن وصم الفتيات بهذه الصفة قد يعتبر درسا لهن ولولاة أمورهن لمغالاتهن في التكاليف التي تثقل كاهل المقبلين علي الزواج من الشباب.

العنوسة بمفهومها المجتمعي الخاطيء، هي تلك الوصمة  التي تلحق بالفتيات اللاتي يفوتهن قطار الزواج خلال مرحلة ما في حياتهن؛ هي الوصمة التي لا يمحيها سوي عريس ينقذ الفتاة ويطلبها للزواج. ورغم أن كلمة العنوسة باتت لا تشكل تهديداً على فتيات المجتمع في وقتنا الحالي، إلا أنها مصطلح لايزال وقعه منفر علي الأذان، لذا يستخدمه البعض من ذوي التفكير المريض كسلاح للضغط به على الفتاة و أهلها من أجل اجبارهم على مباركة الزواج و الموافقة على العريس أياً كانت مقوماته، فقط لإعتقادهم ان الفتاة ستقبل بعريس بأي مواصفات وستقدم التنازلات والتضحيات لمن سينتشلها من هذه الحالة الاجتماعية. ويساء استخدام هذه الكلمة بالرغم من أنها كلمة تصف كلا الجنسين داخل المجتمعات المختلفة، وليست حكرا علي جنس دون الآخر.

طبقاً لإحصائيات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والاحصاء والذي نشرتها جريدة اليوم السابع في يوليو ٢٠١٨، بلغ عدد الفتيات الغير متزوجات في الفئة العمرية ٣٥ نسبة ٣،٣% من إجمالي عدد الفتيات من نفس تلك الفئة، بينما تزداد تلك النسبة في الرجال لتصل إلى ٤،٥%، و طبقاً لتلك النسب و لو اعتبرنا أن العنوسة هي وصفاً لحالة النوع الجنسي في المجتمع، فبالتأكيد لن توصم سوى الرجال.

15818-1

و قد استخدمت الحملة التي استهدفت إهانة المرأة بعض الشعارات المخزية مثل «متورطش نفسك خليها تعنس» و شعار «متورطش نفسك فيها سيبها تنور بيت أبوها«.

و كانت ردود الأفعال السلبية للمتفاعلين مع مع تلك الحملة على مواقع التواصل الإجتماعي التي لا تحمل بين طياتها سوى عدم الإحترام لماهية الفتاة و المرأة. لانه مازال هناك العديد من الرجال في المجتمع الذين ينظرون الي المرأة تلك النظرة التي تحمل الكثير من الدونية و قلة الإحترام لطبيعة المرأة.

وعلي عكس المتوقع، كانت ردود الفتايات مفعمة بالثقة في نفسهن وفي كفاءاتهن ونجحاتهن وآستقلالهن المادي، فلم تعد هذه الكلمة تسبب لهن اي تهديد، بل بالعكس جاءت تعليقات الكثيرات منهن ساخرة من الرجال ومن حملتهم.

50973683_2192639840774698_3258644180565491712_o

50790035_2192639790774703_672492132233117696_o

50705127_2192639827441366_1676653656381849600_oأعربت بعض الفتيات عن مدى راحتهن و سعادتهن في بيت أبائهن و التي لن يجدنها في بيوت أمثال هؤلاء الرجال، وطالبت البعض منهن الرجال إلى تحمل النفقات المعيشية إذاً بعد الزواج، دون الإعتماد على أموال زوجاتهن، فيما طالبت إحدى الفتيات بانتشار حملة خليها تعنس حتى يُسمح للفتيات بالزواج من الأجانب، فتزداد نسبة عنوسة الرجل داخل المجتمع.

50699342_2192639720774710_8492147231871205376_oو لو كانت حقاً تلك الحملة تحمل في مضمونها إعادة الإتزان للمجتمع و التغلب على عادات الزواج العقيمة، و ليس هدفها الأول و الأخير هو تهميش المرأة و التقليل من شأنها باللجوء إلى بعض العبارات الفظة، و تصوير الرجل على أنه محور العلاقة الزوجية لا الشريك فيها، لكانت دشنت تحت مسمى آخر صريح، وخاصة أن تكاليف الزواج ليست باهظة فقط على الرجال، فالفتيات أيضاً تعاني عائلاتهن من إرتفاع الأسعار، فبدلاً من إهانة المرأة ولعب دور الضحية و تمثيل لعبة الإستغناء عن الفتيات، و التي نعرف كلنا حقيقتها، لكان من الأجدر البحث عن حل مشترك ينصف كلا الطرفين، ولا يصب في مصلحة طرف دون الأخر؛ كالبحث عن طرق مادية للزواج ترضي كلا الطرفين، و المطالبة بالمشاركة في بناء بيت الزوجية، و ليس اللجوء إلى العشوائية و الهمجية في مناقشة مثل هذه القضايا الهامة التي تمس الزواج و قدسيته، و النيل من كرامة المرأة و خدش قيمتها العالية.

و في حقيقة الأمر من يحترم الفتاة و يعطي لها قدرها المناسب، سيفعل من أجلها المستطاع ليشاركها الحياة، أما من يخاف المحاولة و لا يحترم المرأة، فيكفيه التعبير عن رأيه بكتابة بضع كلمات لا تعكس سوى سطحية تفكيره و نظرته للأمور الحياتية.

و حتى إذا قدمت الفتيات على المشاركة في تكاليف الزواج – و هذا ما يحدث بالفعل – و لم يبالغ الأهل في طلباتهم، فكيف نحن الفتيات سنأمن على أنفسنا بين يدي من يرى فينا كل هذه الإهانة و لا يجدنا سوى أدوات للتعنيف و المتعة و ضرورة إجتماعية لتغيير حالته من أعزب إلى متزوج.

23666605_978100439008106_116312332_n

رضوى حسني خريجة كلية العلوم قسم الكيمياء و باحثة مبتدئة في مجال الكيمياء الحيوية و الهندسة الوراثية.  تهتم رضوي بكتابة المقالات الاجتماعية التي تتناول قضايا المرأة المصرية و العربية و تدعم حقوقها، كذلك تهوي كتابة القصص الروائية.

إذا أعجبتك هذه المقالة، أشترك في المجلة لتصلك مقالاتنا في بريدك الالكتروني **

 

أضف تعليق