مشاريع الطهي المنزلية تحقق الاستقلال المادي للمزيد من النساء.

الأحد ٩ يونيو ٢٠١٩           كتبت – فاطمة لطفي

retro-1291738_960_720

في المجتمعات الذكورية، كثيرا ما تُحث النساء على البقاء في المنزل بحجة أنهن غير قادرات على التنافس مع الرجال في سوق العمل، وبالتالي ينصحهم الرجال بأنه ينبغي عليهم التركيز فيما يعرفونه، وهو الطهي ورعاية الاطفال.  وفي مواجهة هذه العقليات، ووسط الظروف الاقتصادية القاسية، اختارت بعض النساء تحويل مواهبهن في الطهي إلى مهنة تدير عليهن دخلا ثابتا.

وهناك طلب متزايد على الأطعمة الجاهزة، سواء من قبل النساء العاملات اللاتي ليس لديهن وقت للبقاء ساعات طويلة في المطبخ لطهي وجبات لأسرهن، أو حتى من السيدات الغير العاملات ممن يفتقرن إلى الموهبة لطهي بعض الوصفات الصعبة. ومع زيادة التأثيرات الصحية السلبية للوجبات السريعة، وارتفاع أسعار الوجبات في المطاعم التي توفر وجبات موثوقة المصدر والخامات، لم يكن من السهل على الكثيرين العثور على وجبات صحية بيتية. ولكن كان هذا قبل أن تجرب العديد من النساء ذوات مواهب الطهي حظهن في تحويل هذه الموهبة لتصبح مصدر دخلهن الرئيسي، أو حتى دخل إضافي إلى جانب وظائفهن الحالية. وهناك أيضا العديد من السيدات ممن اخترن ترك مهنهن الرئيسية لبدء حياة مشاريع طهي منزلية.

مع ارتفاع مصاريف إدارة المشروعات التجارية، بالإضافة الي صعوبة العثور على أماكن للإيجار بأسعار متهاودة، فإن العديد من النساء يبدأن مشاريعهن من المنزل ويعتمدن على وسائل التواصل الاجتماعي وشبكة المعارف والأصدقاء للتسويق لهذه المشروعات. ولكن حتى تأتي هذه المشاريع بثمارها، تحتاج صاحباتها الي التحلي بالكثير من الصبر والعمل الجاد لساعات طويلة وأحيانًا داخل مطابخ مغلقة سيئة التهوية ووسط درجات حرارة عالية في الصيف..

36598395_1393759884087363_1190057604324261888_n
سوما حسين نقلا عن Basta Kitchen

الشيء الوحيد الذي أفعله بشكل صحيح

قبل ثلاث سنوات، تخلت سوما حسين عن حياتها المهنية في مجال الإعلام وبدأت مشروعها للطهي المنزلي، وقالت في حديثها مع جريدة ديللي نيوز ايجيبت، “اعتدت الطهي لعائلتي واصدقائي، ولكنني لم أتخيل أبدا أن الطهي سيكون ذات يوم مهنة لي “.

تخرجت سوما حسين، والبالغة من العمر ٣٣ عاما من كلية الإعلام بجامعة القاهرة. وهي أم مطلقة وتقوم برعاية ابنتها الوحيدة ملك. عملت سوما لفترة في مجال الإعلام كمنتجة لبعض البرامج. ” بدء مشروع تجاري لم تكن فكرتي. بل لقد شجعني أصدقائي على استغلال الفرصة كوني طاهية جيدة، وكانت ردود الفعل مرضية جدا.”

بالإضافة إلى موهبتها في هذا المجال، اختارت سوما هذه الوظيفة لأنها لم تكن ترغب في الخروج من منزلها بعد ان استنفذها العمل والحياة الاجتماعية المصاحبة له، ولأنها كانت أيضا تمر بفترة كانت تعاني خلالها من بعض الاكتئاب، فكان الطهي اختيارا جيدا لها على جميع الجوانب، كما ان وجودها في البيت منحها الفرصة لقضاء المزيد من الوقت مع ابنتها.

وبدعم من صديقاتها، اتخذت الخطوة الأولى وأنشأت صفحة على فيس بوك تحمل اسم “Basta Kitchen”.  كذلك ساعدها أصدقاءها في اختيار وتصميم لوجو لصفحتها، وقالت سوما، “قمت بطهي الكثير من الوصفات مع أصدقائي حتى اخترنا قائمة الطعام وبدأت بعدها أتلقي الطلبات”

22050098_1301976693245473_8616763502470417048_n
Via Basta Kitchen

خلال الأشهر الأولى، اقتصرت الطلبات على الأصدقاء وأصدقاء الأصدقاء والمعارف. ظلت على هذا الحال لمدة ثلاثة أشهر حتى وصلها أول طلب لزبائن لا تعرفهم شخصيا. “وكانت ردود الإيجابية تزيد من ثقتي وسعادتي.”. برعت سوما في اعداد وصفات شهية متنوعة، وخاصة المعجنات والمكرونة التي تقدمها بأنواع متعددة من الصوص، كما انها تعد أيضا الكثير من الحلويات. وتصف سوما احساسها وهي تعد الطعام قائلة، “عندما أطبخ، أشعر أنني أرقص، وأنسى أي شيء يزعجني، حتى إذا تم إلغاء طلبات الطعام وعدم حصولي على مال للمجهود الذي بذلته. الطهي يشعرني حقا بالسعادة.”

مغامرة أسوان

انتقلت سوما حسين إلى أسوان منذ أكثر من عام، لبدء مطعم للأطعمة البيتية هناك. استأجرت منزلاً ومتجراً صغيراً في مركز تجاري لبيع الأطعمة التي تقوم بإعدادها، لكنها واجهت بعض الصعوبات.  وتحكي سوما تجربتها قائلة، “بقيت هناك لأكثر من عام، لكن مشروعي فشل بسبب المجتمع الذكوري، ويغتاب الناس النساء اللاتي تركن القاهرة للعيش بمفردهن في أسوان. قالوا عني أنى مسيحية لأنني لا أرتدي الحجاب، وتوقفوا عن شراء طعامي. لم أستطع الاستمرار تحت هذه الظروف وعدت الي القاهرة.”

cooking-3
Via Basta Kitchen

لكن حتى في القاهرة، فإنها تواجه تحديات أخرى. “أحيانا أتلقى مكالمات من رجال لا أعرفهم يدعوني للطهي لهم ولأصدقائهم.” أوضحت سوما حسين “يحدث هذا كثيرًا وأنا دائمًا أعتذر بأدب لأنني لست متأكدًة من نواياهم”، وأضافت قائلة بأنها تقبل أحيانًا عروضًا لإعداد البوفيهات للمناسبات الخاصة من أشخاص تعرفهم وتثق بهم.

بعد ثلاث سنوات من العمل في مشروعها الخاص، أوضحت حسين أنها في أيام العمل الجيدة تكسب ما بين الـ ٨ آلاف و١٢ ألف جنيه، وهذا يعوض الشهور التي يتباطأ فيها العمل “لقد فوجئ زملائي السابقين عندما عرفوا أنني تركت مجال الإعلام لطهي الطعام. وقالوا، المطبخ ليس مكان للسيدات الجميلات، ولكن ردود أفعال أصدقائي المقربين كانت مختلفة، كلهم كانوا متفهمين وداعمين لي. لقد حاولت أن أكون زوجة صالحة، وأجد صعوبة والكثير من التحديات لأكون أماً جيدة، لكنني لدي ثقة كبيرة بنفسي عندما أكون في المطبخ لأعداد بعض الوجبات، لم أفشل أبدًا في المطبخ.” واختتمت سوما حسين حديثها قائلة “الطهي هو الشيء الوحيد الذي أفعله بشكل صحيح”.

fkCS_t0u

 

 

**إذا أعجبتك هذه المقالة، أشترك في المجلة لتصلك مقالاتنا في بريدك الالكتروني 

أضف تعليق