أنتِ جميلة…أنتِ تستطيعين

السبت ١٩ أكتوبر ٢٠١٩              كتبت ــ نهي عصام

uOhBQLtcQkR5-g3G3tYQLFAhzZnr5ktBJkAnUQOdxypZtZdIM-D_Zw
Photo Credit: Maria Butrova

كانت عادةً الساعات الأولى من الصباح هي الأسوأ يومياً.

ألتقي بنفسي في المرآة حيث تبدأ فقرة متواصلة من التأفف والنقد والجلد اللانهائي للذات.

لم أكن على علاقة جيدة أبداً بتلك المسكينة الظاهرة أمامي على السطح الزجاجي العاكس.

كنت دائماً شديدة التوتر، سريعة الإنفعال، وسيئة الانتقاء لكلماتي التي ألقى بها في وجهها دون أدنى تمييز.

كنت دائمة التذمر من بشرتها الشاحبة، وشعرها الغير مرتّب والهالات السوداء حول عينيها الباهتتين. كنت دائمة التوبيخ لها على عشر دقائق التأخير، والأطباق المتبقية بحوض المطبخ، والملابس التي لم يتم نشرها بعد وكيف أنه علينا أن نسرع ونسرع هكذا دائماً مثل سياط وكرابيج من اللوم والتوبيخ لا تنتهي.

لم أعُد أعرف إن كنت أفعل ما أفعل بشكل إرادي أو بشكل غير إرادي، لكنه، وللأسف، تحول مع الوقت إلى عادة يومية سيئة.

وماذا عن المردود؟ كان سيئاً أيضاً للأسف بلا شك.

كانت جميع الكلمات السلبية التي أختارها لا تؤدي إلى التحفيز المتوهم منها، بل كانت هادمة بشكل كبير؛ وكأن نفسك تتحدى نفسك حين تعاملها من هذا المنظور المتعالي السخيف.

وفي يوم من الأيام، وجدت انعكاسي المسكين في المرآة وقد تشتت تماماً وأصبح أكثر رفضاً لتلك المعاملة.

كل ما انتقدته استفحل بشكل أكبر في محاولة لرد الفعل والدفاع عن النفس. هنا فقط قررت أن أتوقف وأعيد التفكير في الأمر!

في اليوم التالي؛ كنت على لقاء بذات الانعكاس ولكن اليوم كان الأمر مختلفاً.

لقد أدركت أن تلك البشرة الشاحبة، وتلك العيون الغائرة، وذاك الشعر التالف المهمل هم فقط بحاجة لبعض الفهم والاستيعاب. أعددت فطور صحي، تسللت لشرفة المنزل وقد غمرتها شمس الصباح، أخذت نفسا عميقا ثم عدت إلى مرآتي باسمة:

‘لا بأس عزيزتي، أنتِ تفعلين أقصى ما بوسعك، نحن سنتجاز كل هذا سويّاً أعدك بذلك!’

لم تعد المهام المتراكمة شبح مخيف بعد أن قررت إعادة ترتيب الأولويات وفق الأكثر فالأقل أهمية. قررت ألا أقتل نفسي في محاولة ابقاء كل الكرات تطير في الهواء كلاعب السيرك.

اعتمدت نمطا صحياً للعناية بشعري وبشرتي و نظمت ساعات نومي قدر الإمكان.

قمت بتشغيل الموسيقى؛ والخروج في الهواء النقي الطلق. التقيت بالأصدقاء، قرأت كتباُ جديدة، ذهبت لحفلات الموسيقى والسينما، وخرجت للتسوق. مارست الرياضة والتأمل وقررت أنه بالإمكان دوماً أن توقِف مهزلة الجلد الذاتي وأن تبدأ بالحياة.

أصبحت سعيدة من الداخل للخارج، لم يعد تقييم المحيطين هو ما يعني للوصول إلى الرضا عن الذات، بل أصبحت أحب ذاتي لأجلها ومن ثم انعكس الأمر على كل ما هو على السطح.

أصبحت ساعات الصباح لقاءً روحانياً ذو طاقات موجبة عالية الذبذبة؛ كما الجلوس وسط الطبيعة في حالة ذكر وتأمُّل.

‘صباح الخير أيتها الجميلة!’ هكذا صرت أحدث نفسي. ‘أشرقي واسطعي يا ضوء الشمس؛ لدينا يوم آخر منحة من الحياة كي ننطلق ونحيا!’

ومنذ ذاك؛ تغيٍر الأمر تماماً! أصبحت أرى في مرآتي عيون تلمع، وروح تنبض وطاقة لا نهائية للحياة.

وعيت تماما كم أن عقلك يتغذى على ما تُلقنه إياه، وأنه كما أن الجسد بحاجة لنظام غذائي جيد؛ فإن النفس أيضاً تتغذى بالاهتمام والسلام الداخلي والكثير من المحبة.

كنت قد قرأت يوماً أن أي كلمة تستخدمها بعد كلمة ‘أنا’ هي قابلة تماماً أن تجذب لك من الكون ما تستخدمه. فمثلا عندما تقول وتكرر ‘أنا بائس’، ‘أنا حزين’، أنا لا أستطيع’، فإنك فعلا تتحول مع الوقت لبائس حزين لا يستطيع ولكن حين نستبدل تلك الكلمات بأخرى إيجابية مثل ‘أنا جميلة’، ‘أنا ممتنة وسعيدة’، ‘أنا أستطيع’ فإن الكون يستجيب تلقائياً بمنحك كل مزتيا تلك الإيجابيات وأكثر.

لذا تذكري عزيزتي مع إشراقة كل نهار أن تُحبي تلك الجميلة الواقفة في مرآتك وان تتذكري دوماً:

‘أنتِ جميلة!’، ‘أنتِ تستطيعين!’

إذا أعجبتك هذه المقالة، أشترك في المجلة لتصلك مقالاتنا في بريدك الالكتروني ** 

أضف تعليق