العنف ضد المرأة؛ أوجه متعددة وجريمة واحدة

السبت ٧ ديسمبر ٢٠١٩               ــ  كتبت رضوي حسني

العنف-ضد-المراةتتعرض المرأة لعدد من مظاهر العنف في المجتمع، للدرجة التي أصبحت ترى فيها هذا التصرف العدواني أمراً طبيعياً. ويُعرف العنف ضد المرأة بأنه سلوك همجي مبني على أساس عنصرية النوع، ويتم ممارسته عليها من قبل الرجل، مما يتسبب في إيذائها نفسياً وجسدياً وجنسياً. وتتعدد صور العنف الممارس ضد الفتيات والنساء داخل المجتمع تبعاً لاختلاف أعمارهن وظروف حياتهن، ومن بين هذه الصور:

  • العنف اللفظي:

هو أحد أنواع الاعتداءات التي تتعرض لها المرأة في بعض فترات حياتها، والعنف اللفظي يعرض المرأة للإهانة إما بالسب أو التهميش وعدم الاحترام. وقد تتعرض المرأة لهذا النوع من العنف في البيت أو العمل أو حتى في الشارع، وهو ما يعرف بظاهرة التحرش اللفظي. ووفقاً للمركز المصري لحقوق المرأة فإن نسبة التحرش اللفظي تصل إلى 67% من نسبة التحرش العام. وبالرغم من تعايش البعض منهن مع هذا النوع من العنف إلا أنه لا يقل خطورة في طياته عن أنواع العنف الأخرى لما يخلفه من أضرار نفسية جسيمة في نفوس ضحاياه.

  • العنف الأسري:

تقع الفتاة ضحية للعنف الأسري عندما يمارس عليها من قبل أحد والديها أو إخواتها الذكور بحجة تقويم سلوكها. وتلعب موروثات المجتمع دورهاُ في ذلك بما شكلته في عقول الأسر من اختلافات وهمية بين الذكر والأنثى متغافلين على إثرها أحقية الفتاة في نيل استقلالها والتعامل معها على إنها شخص كامل له الحق في التعبير عن نفسه لا تابع لغيره من أفراد الاسرة. كما قد تتعرض الزوجة للعنف الأسري على يد زوجها إما بالضرب أو بالضغط النفسي والمادي عليها.

ومن الآثار الوخيمة لمثل هذه الاعتداءات هو إصابة الفتيات والسيدات باضطرابات نفسية قد تدفع البعض منهم الي الانتحار. تصل أعداد الفتيات اللاتي يقدمن على الانتحار سنوياً إلى 2700 حالة تبعاً لاحصائيات المركز القومي للسموم.

  • زواج القاصرات:

يعد الزواج المبكر أحد نماذج العنف ضد المرأة لما فيه من إجبار الفتيات القاصرات على الدخول في علاقات زوجية قبل ان يبلغن السن القانونية، هذه العلاقات هي إغتيال لطفولتهن وأيضا تفتقر لمعايير التكافؤ بين الزوجين.  وبرغم تجريم القانون لهذه الفعلة، ومحاولات الجهات المختصة لمناهضة هذه الظاهرة إلا أنها لا تزال منتشرة في بعض شرائح المجتمع.

وتبعاً للجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاءلعام 2018 فقد بلغت نسبة زواج القاصرات نحو 118 ألف حالة زواج  أي ما يعادل 40% من إجمالي عدد الزيجات السنوية.

  • الاغتصاب:

الأغتصاب هو أحد أبشع صور الاعتداء الجنسي على المرأة حيث تنتهك فيه حرمة جسدها دون أدنى وجه حق، وعادة ما ترتبط حوادث الاغتصاب بالأطفال والفتيات اللاتي قد يتعرضن للخطف على يد المغتصب، وطبقاُ لاحصائيات عام 2016 فنسب حالات الاغتصاب في تزايد ملحوظ منذ عام 2011، و85% من حالات الاغتصاب التي يتعرض لها الأطفال تكون فيها هوية المغتصب معروفة للضحية.

كما أن هناك نوع آخر من الاغتصاب مسكوت عنه لاعتقاد البعض بأحقية المغتصب فيه، والذي لا يكون  سوى الزوج. وتبعاً لإحصائيات عام 2014 حول العنف ضد المرأة تحت إشراف وزارة الصحة، فقد تعرضت 267 سيدة متزوجة للعنف الجنسي من الزوج من أصل عينة عشوائية بلغ عددها 6693 سيدة، كما تعرض 30% من المطلقات إلى الاغتصاب الزوجي مرة واحدة على الأقل، وعلى الرغم من خطورة العنف الجنسي الذي يتم في إطار الزواج إلا أن القانون لا ينظر له كجريمة حيث لا يوجد عقاب للزوج المغتصب، كما يتقبل المجتمع مثل هذه الحوادث باعتبارها طبيعية ما دامت تحت غطاء شرعي دون النظر لوحشية مرتكبيها.

  • جرائم الشرف:

بالرغم من وقوع المرأة فريسة للمعنفين والمعتدين، الا انها في نظر فئات كثيرة من المجتمع هي المذنبة، لاعتبارها حاملة لراية شرف وكرامة عائلاتهن، ولذا يلجأ البعض إلى التخلص من بناتهم ونسائهم ممن تعرضن لحوادث الاعتداء الجنسي لغسل شرف العائلة، فنجد أفراد العائلة من الذكور بدلاُ من محاكمة الجاني يقوموا بالقضاء على المجني عليها متناسين كونها ضحية دون ذنب مقترف، متغافلين عن حقيقة أن الفتاة ليست سوى إنسان مستقل لا ممثل لشرف العائلة.

وتبعاً لإحصائيات المجلس القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، فقد بلغت نسبة جرائم الشرف التي تعرضت فيها المرأة للقتل 92% في عام 2016، وتنقسم هذه النسبة إلى 70% من جرائم شرف قام الزوج بارتكابها ضد الزوجة، و20% أرتكبت من قبل الأشقاء، و7% ارتكبها الآباء، و3% قام الأبناء بارتكابها في حق أمهاتهم.

  • ختان الإناث:

رغم الحملات التي تنادي دائماً بمناهضه الختان وتجريمه، إلا أن الختان لا زال يمارس في كثير من القرى والمدن المصرية كأحد أوجه العنف ضد الفتاة، وطبقاُ لإحصائيات عام 2014 فقد تعرض 21% من الفتيات بين 1- 17 عاماً للختان، فيما تبلغ نسبة الختان في الفتيات بين عمر 16 – 17 عاماً 65%، وتبلغ نسبة الأمهات المختنات 18%، و37% هي نسبة الأمهات اللاتي يرغبن في تختين بناتهن.

  • العنف التوليدي:

بالإضافة الي آلام الولادة التي تعانيها النساء، فان بعضهن يتعرضن أيضا إلى الإهانة اللفظية أو الانتهاك والاعتداء البدني على يد عدد من الأطباء، سواء بالفحص السريري أو عند إجراء عملية الولادة، وهذا ما قد يعتبره البعض منهن أمراً طبيعياً نظراً لشيوعه.

ومن بين هذه الاعتداءات  ما يقوم به الطبيب من فحص مهبلي متكرر دون ضرورة لذلك، وتوسيع فتحة المهبل عن طريق استخدام قص العجان، وتعليق قدم السيدة وربطها أثناء الولادة، إلى جانب حقنها بمواد كيميائية لتسهيل عملية الولادة دون محاولة استخدام طرق طبيعية في البداية، وغيرها من صور عنيفة أخرى.

  • حوادث الأسيد:

هي واحدة من أبشع وأشهر جرائم الاعتداء الجسدي الذي تتعرض له المرأة، وفيها يستخدم الأسيد/ الحمض (ماء النار) في تشويه وجه المرأة بهدف الانتقام والقضاء على وتيرة سير حياتها بصورة طبيعية.

هذه أمثلة لبعض أنواع العنف الممارس ضد المرأة، ولكل نوع منها قصصه الكثيرة التي تحكي معاناة المعنفات من النساء، وتحمل في تفاصيلها آلامهن النفسية والبدنية، وتشهد على مدى وحشية الجاني وجرمه.

فالعنف جريمة اجتماعية يرتكبها المجتمع بسلاح أعرافه في حق كل مرأة قبل أن يكون جريمة جنائية يحاسب عليها القانون، لذا عندما نطالب بتجريم العنف قانونياُ علينا أيضاً أن نطالب بتجريمه فكرياً.

إذا أعجبتك هذه المقالة، أشترك في المجلة لتصلك مقالاتنا في بريدك الالكتروني **

أضف تعليق