آية منير .. “سوبرومان” تحلق بين هندسة العمارة، والنشاط النسوي

الخميس ١٧ مايو ٢٠٢٠       – كتبت: رضوي حسني

82052400_1723084771176332_7887310624480873330_n

ارتبط اسم آية منير في الآونة الأخيرة بالنشاط النسوي، ربما لآرائها التي لا تتأخر أبدًا عن مشاركتها مع الأصدقاء، والعامة عبر صفحتها على موقع الفيسبوك بخصوص العديد من القضايا النسوية، والاجتماعية الطارئة على مجتمعنا، وربما لكونها مؤسسة ” سوير وومن ستورز” أول مبادرة نسوية في مدينة الزقازيق خصوصًا، ومدن الأقاليم عمومًا. ولكن من المميز حقًا أنها إلى جانب عملها الاجتماعي، فهي أيضًا مهندسة معمارية، وديكور ناجحة لها الكثير من الأعمال البارزة في المجال الهندسي، بالإضافة إلى كونها كاتبة محتوى هندسي لدى عدد من المدونات الالكترونية.

وفي حوارنا معها قررنا التطرق إلى الحديث عن بعض جوانب حياتها الشخصية، والمهنية، ودوافعها الحياتية للربط بين العمل المهني، والنشاط النسوي والعمل الاجتماعي.

سيدات مصر: درستِ العمارة بكلية الهندسة، فلماذا اخترتِ دراسة هذا التخصص تحديدَا، وكونك مهندسة ديكور بالتأكيد تحتاجين للإلهام في حياتك المهنية لتستوحي منه أدق تفاصيل تصميماتك الهندسية، فما هو مصدر الإلهام بالنسبة لكِ؟

آية منير: دراستي كانت في الأساس حول الهندسة المعمارية، أما الديكور فهو تخصص صغير جدا داخل مجال العمارة، ولكن معظمنا يلجأ له؛ لأنه السوق الأكبر لنا في مصر، ومع ذلك فأنا أحب الديكور من طفولتي، وكان هو سبب دخولي قسم العمارة من الأساس؛ لأني كنت أعتقد أنه قسم كبير، وسيمكنني دراسته بالتفصيل.

من الطبيعي أن أي مجال إبداعي يحتاج دائما إلى مصادر للإلهام، لذا فاستمرار البحث، والمعرفة يساعد على تطور الحس الفني، والإبداعي لدى مصمم الديكور، وفي حالتي فأنا أحب البحث في العلوم الاجتماعية، وبالأخص علم النفس؛ لأن الديكور له علاقة مباشرة بالراحة النفسية للانسان في مختلف أيامه، ومهما كانت الأنشطة التي يقوم بها.

س م: أخبرينا عن العلامات المميزة في حياتك المهنية سواء كانت بحصولك على فرصة عمل جيدة، أو بتنفيذك لتصميمات مبدعة، 

آ م: أعتبر عملي ككاتبة محتوى في مجال الديكور الداخلي، والعمارة علامة فارقة في حياتي المهنية، لأنه ساعدني كثيرًا خلالها، كما أنني اعتمدت بشكل كبير على دمج معرفتي بعلم النفس مع عملي كمهندسة مما طور ذلك من شكل تصميماتي الهندسية إلى حد كبير، كما بدأت منذ مدة قصيرة بتصوير أولى فيديوهات المتعلقة بالعمارة، بالإضافة إلى ما خلفه عملي التطوعي في التوعية المجتمعية من أثر عظيم في نفسي.

104414418_1723084961176313_3858957495193645582_n

س م: صفي لنا الوضع الحالي لمهندس الديكور في مصر، ولماذا برأيك ثقافة الاستعانة به لدى تنفيذ المنازل تكاد تكون مقتصرة على فئات معينة؟

آ م: المجتمع في مصر يتعامل مع الديكور على أنه رفاهية لا أهمية لها، بعكس الواقع الحقيقي لما نراه اليوم من مشاكل حقيقية؛ بسبب التصميم الردئ للمنازل، ويؤثر هذا الاعتقاد الخاطئ من الناس حول الديكور بالسلب على المهندس؛ لأن مهنته أصبحت مهمشة بجانب التنفيذ، ومجاراة سرعة السوق.

س م: ما هي نقطة التحول في حياتك، والتي شكلت عاملًا أساسيًّا في توجهك للعمل الاجتماعي؟

آ م: لقد مررت بتجربة طلاق، وتعرضت على إثرها لأزمة نفسية قوية، احتجت خلالها للدعم النفسي؛ ومن هنا رأيت أنِّي بحاجة لمثل هذه التجربة، وبالتأكيد استفدت منها كثيرًا، بالإضافة إلى أنها ساعدتني على التعافي.

س م: كيف كانت رحلتك مع التعافي النفسي، وكيف استمديتِ القوة للمحاولة من جديد؟

آ م: تعرضت لاضطراب ما بعد الصدمة، وبحسب ما طلبه مني الطبيب في ذلك الوقت؛ قمت بالبحث عن دوائر دعم تشبهني حتى أجد نفسي مقبولة، وهو بدوره ما ساعدني على تقبل ما مررت به.  كذلك كانت أختي وأمي كانتا الداعم الأساسي لي، وهما أول من أشعروني بالقبول غير المشروط ودفعاني بقوة؛ للاندماج في الحياة من جديد، وللبحث عن الدعم النفسي. وقد كنت محظوظة أيضًا بأصدقائي، ودوائري الصغيرة في دعمهم لي، بل وزادت دوائري بعد أزمتي؛ لتصبح أكثر قرابًة ودفء.

We_Can_Do_Itس م: من هي المرأة القوية في نظر آية منير؟

آ م: أنا لا أحب مثل هذه التصنيفات، ولكن إن وجب، فأفضل تصنيف هو المرأة الحرة لأنها صاحبة قرارها، وتعيش وسط اختياراتها الحرة دون الشعور بالتهديد، وبالتأكيد هذا التصنيف لا يقلل من معاناة، وقدرات النساء، بل يصف شكل حياتهن.

س م: برأيك متى يتوجب على المرأة قول لا؟

آ م: عندما تشعر من داخلها بالرغبة في قول لا.

س م: أنتِ الآن احدى النسويات المصريات، فما هو تعرفيك لمفهوم النسوية، وإلى أي مدى تطبقينه في حياتك؟

آ م: النسوية في بداية الأمر كانت تتلخص لدي على أساس المساواة بين الرجل، والمرأة، وحرية المرأة في تحديد اختياراتها بشكل مطلق، ولكن بعد التعمق في العمل المجتمعي أصبحت أرى فيها الحل الأمثل لمجتمع أفضل يعيش فيه كل الأجناس بحقوق متساوية، وواجبات أيضًا متساوية.

س م: من وجهة نظرك، لماذا تتعرض النسوية، والنسويات للهجوم القوي في هذا الوقت تحديدًا؟

آ م: لأنها تهدد السلطة الذكورية، ولأن من 20 سنة فقط كانت الأصوات النسوية أضعف، وأقل، ومقتصرة فقط على المفكرين، والمفكرات، ولكن الآن أصبحنا نرى فتيات بسيطات قد لا يعملن في العمل المجتمعي، ولكن يعرفن عن أنفسهن كنسويات، حتى أصبح الخطر قريب من كل ذكوري.

س م: متى تكون الإجابة عن معادلة الشراكة الزوجية صحيحة؟

آ م: عندما يكونان الطرفان راضيين عنها رضا تام، وحر، وعن علاقتي بزوجي فنحن اخترنا سويَّا أن نطبق الشراكة الزوجية بمفهومها الحديث، حيث يعتمد كل منا على نفسه لا الآخر داعمين بعضنا البعض بكل حب، وفخر.

س م: ما هو رأيك في الإنجاب، ومتى يمكن للزوجين الإقدام على اتخاذ هذا القرار المصيري؟

آ م: الإنجاب هي الوسيلة الوحيدة لاستمرار الجنس البشري في رأيي، وأنا لا أرفضه، ولكن أرى فيه مسئولية كبيرة أتمنى أن أكون أنا، وغيري مستعدون لها.

س م: قرار الانفصال ليس بالأمر الهين، من وجهة نظرك متى يصبح الانفصال القرار الأنسب؟

آ م: لما يكون الاستمرار في الزواج له عواقب أكثر ضررًا من الانفصال، وأنا أراه الحل الأفضل في أوقات كثيرة، كحالة نشوب الخلافات الزوجية الكبيرة في وجود أطفال، وذلك على عكس الشائع بضرورة استمرارية الحياة الزوجية بسبب الأطفال.

18814809_494464440885115_3985408852227892989_oس م: احكي لنا عن سبب تأسيسك لمبادرة سوبرومن ستوريز Superwomen Stories، وما هي أهم أهدافها؟

آ م: كنت أرى أن دوائري الصغيرة في مدينة الزقازيق لا تحتوي على  مساحات آمنة توفر للسيدات الجو الداعم، والمشجع؛ لذا فكرت كثيرًا حول خلق هذه المساحة الآمنة لهن من خلال المبادرة، حتى كان انطلاقها في  16 سبتمبر عام 2016؛  وفي بداية الأمر كنت الوحيدة المسؤولة عنها، ولكن بعد ذلك انضم لي الكثير من البنات، والشباب الذين كان لهم تأثير كبير في استمرارية المبادرة وتغييرها نحو مسار أفضل؛ وتهدف المبادرة إلى تأسيس مجتمع آمن، خالٍ من الأحكام، قائم على تقبل الآخر، وعلى المساواة في الحقوق، والواجبات.

س م: تقدم مبادرتك الكثير من ورش العمل، والفعاليات، عدِّدي لنا أهمها.

آ م: قدمنا خلال 4 سنوات ورش للدعم النفسي، والحكي، وورش للتوعية النفسية تحت اسم سيكل، وأخرى للتوعية النسائية تحت اسم بينك، كما تعاونَّا مع عدد من الشباب لتقديم فعاليات خاصة بالتحليل السينمائي بهدف نشر التوعية المجتمعية، إلى جانب محاولاتنا لتمكين الشباب من خلال العمل الحر، والمشروعات الصغيرة، وما زالنا مستمرون في عملنا، لتقديم المزيد من الورش، والفعاليات الجديدة.

س م: كيف استُقبلت المبادرة، ونشاطها فى مدينة الزقازيق، كونها مجتمع أكثر تحفظًا من القاهرة؟ وما الصدى الذي خلفته لدى الناس هناك؟

آ م: في البداية لاقت المبادرة القبول، والاستحسان لدى الفتيات، خاصًّة وأن المبادرة كانت تقدم ورش الدعم، والتوعية النفسية، ولكن بمجرد تطرقنا إلى مناقشة القضايا النسوية، بدأت بعض الخلافات في الظهور، ربما كان السبب في ذلك هو الخجل، أو عدم تقبل الفكرة نفسها، ولكننا مستمرون في التوعية، وإحداث التغيير المجتمعي.

93202995_1171990823132470_5964862056837414912_oس م: متى يمكنك القول بأن مبادرتك قد أثرت في حياة الفتيات، والسيدات، وحققت أهدافك من تأسيسها؟

آ م: الحمد لله ففي خلال الأربع سنوات الماضية تخطى العديد من الفتيات أزمات، ومراحل عصيبة في حياتهن؛ بسبب تواجدهن وسط مجتمع توعوي كمجتمع سوبرومن ستوريز (Superwomen Stories)، كما أن لمباردتنا لمسة واضحة في تغير أفكارهن وحياتهن، ومؤخرًا قام فريقنا بتأسيس مجموعة  على موقع الفيسبوك، تهدف إلى خلق مساحة آمنة للفتيات للتعبير عن أنفسهن، ومشاركة أفكارهن.

س م: ما هي تطلعاتك المستقبلية بخصوص سوبرومن ستوريز Superwomen Stories)؟

آ م: نحن الآن في طريقنا لتحويل المبادرة إلى منصة نسوية من خلال انتشار أوسع، ومحتوى أقوى، وحاليًا نقوم بترتيب الشكل الإداري، لتوثيقها قانونيًّا، وتسجيلها بشكل رسمي. وأمنيتي لها أن تصبح في المستقبل القريب منصة نسوية عربية، لها صوت مسموع، ومؤثر، وأن تكون مرجع خاص بالنسوية العربية.

س م: ما هي أهدافك الشخصية التي تتمنين تحقيقها في المستقبل؟

آ م: أتمنى أن امتلك يومًا ما مشروعي الخاص الذي يربط كل المجالات المحببة إلىْ ببعضها البعض، كالكتابة، والهندسة، والتوعية، لذلك فأنا أسعى دائمًا إلى تطوير مهاراتي حتى أصبح على الصورة التي أتمناها في النهاية.

س م: ما هي رسالتك التي توجهينها لكل فتاة؟

آ م: أنصح كل فتاة بالسعي وراء التجربة، وضرورة الإنصات إلى الصوت المختلف عنها دون إصدار حكم مسبق، فنحن نشأنا على العيب، والحرام دون وعي منَّا بالسبب، أو حتى دون محاولة الكشف عنه داخل أنفسنا، فلابد أن تفهم كل فتاة أن الصوت المختلف عنها لا يؤذيها، ولا يمكنه إجبارها على فعل شئ لا ترضاه، ولكنه يشجعها على البحث، والتغيير حتى وإن كان في نفس المسار.

وأخيرًا يجب على كل فتاة ألَّا تقبل بأقل مما تستحق، وأن تحدد اختياراتها بشكل حر، ومستقل، وليس لأن هذه الاختيارات هي فقط المطروحة أمامها من البداية.

تابعوا مبادرة Superwomen Stories علي فيس بوك

** إذا أعجبتك هذه المقالة، أشترك في المجلة لتصلك مقالاتنا في بريدك الالكتروني

 

أضف تعليق