حجج شائعة تدعو للعنف ضد المرأة | كتبت: رشا سنبل

الأحد ٥ يوليو ٢٠٢٠                    كتبت : رشا سنبل

Mike-G-Law-is-sexual-harassment-a-crime
Image credit Andriy Popov – 
53572971_2180797705347998_2171682593257291776_n
رشا سنبل 

كثر الحديث هذه الأيام عن التحرش، بعد الواقعة الشهيرة الأخيرة، تكلم الجميع عن هذا الأمر بإسهاب كبير، ليس لإنفراد ذلك الشخص بفعله، لكن لأن التحرش أصبح واقعًا مؤلماً شائعًا في مجتمعنا المصري، في الشارع، العمل، وسائل المواصلات، النوادي، أماكن التعليم، وحتى دور العبادة، بل ويمس كافة فئات النساء العمرية، خاصة الفتيات صغيرات السن. إن ما تتعرض له النساء من مضايقات يسبب لهن كثير من الصدمات والأمراض النفسية والجسدية، ويعطل مواهبهن وقدراتهن على العطاء، والاستمتاع بحياتهن. 

تلك التحرشات الجنسية ليست بمعاكسة أو ملاطفة، كما يزعم البعض، إنه تعدي صارخ على النساء يلازمهن وقت الخروج من البيت حتى العودة إليه، ويُدخل المرأة في دوامة من الأفكار لحماية نفسها، لا تخطر للرجل على بال، فهى تحمل عبء السير في شوارع غير آمنة، فقد يمسكها عابر من صدرها، أو يضربها من أسفل ظهرها، أو يلقي على مسامعها وصفًا لعضوه، أو ترى أحدهم وهو يمارس العادة السرية، وهو يركز نظرته المريضة عليها، أو يصف أجزاء جسدها الحميمة وصفًا بذيئًا، كل ذلك وغيره الكثير من أمور يندى لها الجبين، تُمارس جهارًا نهارًا في معظم شوارعنا. 

أمثال هؤلاء الذكور، وهم كثر، يتصيدون صغيرات السن بشكل متعمد، أو حين تكون السيدة أو الفتاة مشغولة، لتأكدهم من عدم قدرتهن حينها على التصرف، فهناك سيدات يصبن بالتجمد، ولو تخلصت إحداهن من تجمدها وصرخت، فاستعانت بالمارة، هونوا من الأمر، ولا تجد من يشهد معها أو يساعدها في القصاص من هؤلاء الجناة! إن ما يحدث للنساء هو عنف متعمد ضدهن، وليست بالمشكلة الهينة أو البسيطة، التي يمكن حصرها وإلقاء سببها على ملابس المرأة القصيرة، لأن هذا يعد نوعًا من الاستغفال والعمى المقصود، فكيف تتحول الضحية إلى جاني، فهذا خبل ومرض عقلي! فحجة أن ملابس المرأة تثير الرجل، حجة مهينة للمرأة، لأننا نعرف يقينا أن حتى المحتشمات والمنتقبات ينالهن من التحرش الكثير. فتلك العلة هى استهانة بالمرأة، وجنسها، وجسدها وجعله هدف، ولا يهم في وجودها شيء آخر كإنسان كامل عاقل قادر، وهذه الحجة السخيفة لا تهين المرأة بمفردها بل الرجل أيضاً، لأنه يجعله في صورة حيوان ضاري يسير على قدمين، لا يستطيع التحكم في شهوته، وكأننا نتعامل مع كائن غير عاقل أو مسئول عن فعله، إن هذه الإدعاءات تنزع عن كلا منهما، الرجل والمرأة، كرامتهما الإنسانية. 

أن يظل الحديث دائرًا عن المحافظة على الرجل وعدم إثارة شهوته، هو نفي لرغبة المرأة والتحقير منها، وإلغاء أنها انسان يحب ويكره، وأننا بشر نتساوى في القدرة والرغبة والاحتياج، فهذه الدعوات تكريس للاهتمام بالرجل ككائن كامل، ونزع بشرية المرأة وهدمها، بتحجيم دورها في إمتاع الرجل، وليست دعوات للعفة كما يزعم البعض، إن التفكير السوي هو الذي يحرض على شيوع الأخلاق والتحكم في الرغبات والتعامل بين البشر كافة معاملة واحدة. 

التحرش جريمة عنف، فاعلها يكون مدفوعًا بالدونية والرغبة في الانتقام وإهانة الغير، وليس الشهوة، لذلك فنحن نحتاج التعامل مع الموضوع بجدية، على كافة المستويات، خاصة القانونية والتنفيذية، وأن تعاد نظرة احترام المجتمع للمرأة ولجسدها ومكانتها، من خلال أنظمة تعليم محترمة، وإعلامية واعية، فلابد من وجود رادع حقيقى لحماية النساء والأطفال من ذلك العبث الذي يحدث في شوارعنا، أخشى ما أخشاه أن حالة الاستغفال والاستهانة وإلقاء اللوم على الضحية، سيحول الكثيرات إلى الاكتئاب وكراهية الذات والانعزالية، أو يؤدي بمجتمعنا إلى هاوية من العنف، تلجأ فيه النساء لحماية أنفسهن، بالسير مدججات بسكاكين المطابخ، والصواعق الكهربية، ورشاشات الفلفل!

** إذا أعجبتك هذه المقالة، أشترك في المجلة لتصلك مقالاتنا في بريدك الالكتروني

أضف تعليق