حقه الشرعي! |كتبت رشا سنبل

الأحد ٢٦ يوليو ٢٠٢٠            كتبت: رشا سنبل

110306765_10163724937290237_4836908782717905030_n
Art credit Abbos Sharifzoda

تُعامل المرأة في مجتمعاتنا العربية على إنها عبء لابد للأسرة التخلص منه، فحين بلوغ الفتاة سن الزواج، تبدأ الضغوط عليها لقبول عريس مناسب من وجهة نظرهم، ومهما تدرجت الفتاة أو ارتقت في مسالك العلم أو العمل، فنجاحها الأهم هو الزواج والإنجاب، ويتناسى المجتمع أي تقدم أو إنجاز شخصي يُنسب للمرأة غير ذلك الرباط! ورغم أنه مقدس كما يضفي البعض عليه، فعموم الناس يتعامل مع الزواج بنفس أسلوب الصفقة التجارية، فالمجتمع أقنع الرجل والمرأة أن أحدهما سيتمكن من جسد الآخر، بعد أن يدفع أحدهما مبلغًا محترمًا من المال!  يتربى الذكر منذ طفولته على أنه صاحب الحق في الاختيار، طالما قادر ماديًا وصحيًا، وكأننا نعلف بغلًا لا نربي انسانًا سيكون مسؤلًا عن أسرة وأطفال يومًا ما! كما تُنشأ المرأة في معظم مجتمعاتنا العربية على إنها انسان من الدرجة الثانية، ليست مكافيء للرجل، بل عليها خدمته وإمتاعه، كما أنها ليست حرة في قراراتها واختياراتها، يتحكم المجتمع في هيئتها وملابسها وطريقة كلامها، ويفسد علاقتها بجسدها منذ الطفولة.

53572971_2180797705347998_2171682593257291776_n
رشا سنبل

الغريب أن ذلك المجتمع الذي يشوه جسد المرأة باقتطاع جزء منه عن طريق الختان، مبررًا تلك الفعلة الشنعاء، بالحفاظ على عفة الفتاة، يحرص كل الحرص على بكارتها، وإيصال الفتاة كما هى! لزوج يدفع فيها دم قلبه كما يقال! تدخل المرأة حياة زوجية لم تتعلم قبلها شيئًا عن جسدها غير أنه هدف لشخص ما، ليس ملكا لها، وليس من حقها أن ترغب، بل الرغبة محصورة في الرجل، ولا يفهم كثير من الرجال شيئًا عن الزواج إلا أنه تفريغًا لتلك الرغبة في شيء اشتراه، ولا يعرف غير أن زوجته مأمورة بطاعته حتى لو كانت على شفا جرف، لا يوجد اعتبار لمرض أو تعب أو تعكر مزاج، وتتعلم المرأة الطاعة بالاستلقاء والخضوع، وكأنها جيفة وليست انسان! ويتناسى كثر حقها في المتعة، والحب والغزل، وأوامر الله بأن يقدم الرجل لزوجته كما في سورة البقرة ” وقدموا لأنفسكم، واتقوا الله، وأعلموا أنكم ملاقوه، وبشر المؤمنين” 223 فمعظم التفاسير تشرح قدموا لأنفسكم بالتسمية، أو العمل الصالح، متغافلين عن خروج ذلك التفسير عن سياق الآيات، رغم أن مفهومها واضح، بأن يلاعب الرجل زوجته ويغازلها، وألا يتقدم منها إلا بعد الحصول على موافقتها ورغبتها، لذلك ألحق الله التعقيب بالتذكرة بالتقوى وملاقاة الله. أن يأتي الرجل زوجته بدون تقديم منه ورضا كامل منها، معتقدًا أن هذا حقه الشرعي، وعليه أخذه غصبًا وعنوة دون أي مراعاة لزوجته، وأنها ليست بشريك في عملية المتعة تلك، هذه ليست معاشرة، هذا اغتصاب كامل، بموافقة العوائل والمجتمع. أن يأتي الرجل زوجته دون الإهتمام بما ترغبه، يعرض المرأة لشعور رهيب من المهانة، لأنه يؤكد أن جسدها ورغبتها ليسا ملكًا لها، فلا عجب أن نجد منهن من ترغب في الانتقام من ذلك الشخص الذي يهينها بشكل شبه يومي، لتظهر حينها سلوكيات عنيفة وشاذة داخل الأسر.

في حين تغلظ أفكار المجتمع من وجوب إمتاع المرأة لزوجها، نفس تلك الثقافة تكاد لا تذكر العكس، وكأن متعة المرأة عار أو عيب لا ينبغي الكلام أو الإشارة له! ونجد ذلك التناقض الصارخ في حال الأرمل والأرملة، فالرجل لابد من أن يتزوج بعد وفاة زوجته حتى يحافظ على نفسه، أما المرأة التي توفي عنها زوجها عليها التفرغ لتربية أطفالها!

المرأة أنسان كامل خلقه الله وشرفه، وهى الوحيدة التي من حقها تقرير ما ترغب أو لا ترغب فيه، وليس هناك من ينبغي له أن يتحكم فيها، أو في جسدها ومتعتها غيرها، والممارسة الحميمة ليست حق للرجل بمفرده، فالمتعة لكليهما، فحينما نؤمن أن الرجل والمرأة مخلوقان متكافئان، وأن الزواج هو شكل من أشكال الشراكة في الحياة، سيترتب على تلك النظرة سلوك مختلف في عديد من المواقف الحياتية، ستكون وحدها كفيلة بالحد من كثير من المشاكل والمظالم في أسرنا. فالزواج هو رابطة تجمع بين اثنين على أساس من المودة والرحمة، يسكن كل منهما للآخر، ويكون أحدهما أمين على أسرار شريكه، مُعينًا له على الإستمرار في الحياة وتحمل تبعاتها، ومن مقاصد الزواج استمتاع كلا من الزوجين بعضهما ببعض، والائتناس به بشكل مشروع ومقبول شرعًا، فهى علاقة لا تقوم على الشراء والبيع، أو الاستغلال، وهو ليس فرصة كما نسمع مثل ذلك المصطلح العجيب، وتلك التبريرات لارتباط إمرأة برجل لا تشعر نحوه بأي مشاعر، ولا تعرفه!

إذا أعجبتك هذه المقالة، أشترك في المجلة لتصلك مقالاتنا في بريدك الالكتروني **

أضف تعليق