عزيزتي المرأة: لا تقعي في فخ السوبر وومان | نهى عصام

الخميس ١٠ سبتمبر ٢٠٢٠
كتبت : نهي عصام

دائما ما تزعجني جدا فكرة توقع المستحيل من البشر. الطبيعة البشرية في أصلها تنفي صفة الكمال وتنطوي على الكثير من لحظات الضعف وعدم القدرة على المواصلة والتحمل، أو الرغبة في التوقف لالتقاط الانفاس، والحاجة للدعم.

كثيرا ما يتوقع هؤلاء البشر، الغير كاملين، من بعضهم البعض الوصول للكمال، والضغط على الذات في أكثر الفترات هشاشة كي يقوموا بانجاز كل شيء في ذات الوقت وعلى أكمل وجه، متجردين تماما من التفهم والتقدير والإنسانية.

الجميع من ذكور واناث يقعون في ذاك الفخ، عندما يتوقع منهم من حولهم أن يواصلوا دوما بنفس الحماس وعلى نفس الوتيرة، ولكن النسبة الغالبة التي تقع فريسة للأمر هي المرأة؛ الإبنة، الأخت، الزوجة، والأم، حيث يقوم المجتمع بفرض صورة نمطية محددة لما يجب وما لا يجب عليهن القيام به، ويتشبث المجتمع بهذه الصورة النمطية بصفتها واجب وعادات وتقاليد، وما يصاحبها من كل مصطلحات التفاني، والتضحية، والإيثار، والذوبان التام في ارضاء رغبات الجميع، بينما تبقى هي المرأة في الخلفية، خائرة القوى ويائسة وهي تحاول الإمساك بكل الخيوط، واتباع جميع الأعراف، ومطابقة كل المواصفات التى تؤدي بها الي السقوط في حفرة مظلمة من الإرهاق المزمن، وجلد الذات، ومحاولة تبرير موقفها أحياناً وتبرير تعبها كثيراً.

ومن واقع تجربة شخصية وتجارب الكثيرات من حولي فإنني أشفق وبشدة على كل أم مرهقة مكبلة بسلاسل حديدية من المسؤولية عن صغار، ومنزل، وزوج، واحيانا وظيفة بجوار كل ما سبق. الأمومة في حد ذاتها وظيفة الساعات الأربع والعشرون في ٣٦٥ يوم بلا توقف ولا شحن طاقة.

الأمومة هي انعدام ساعات النوم المنتظمة، التفكير اللانهائي في المسؤوليات وما يجب انجازه اليوم وغدا وحتى نهاية العمر.

الأمومة هي عدم القدرة دائما على الحصول على مساحة ووقت شخصي، أو فسحة من الوقت لتتناول طعامها او مشروبها ساخنين.

الأمومة هي فرضية التواجد المستمر لعدم وجود بديل للاعتناء بمن يتوجب عليها الاعتناء بهم، بينما يستطيع الجميع التحرك بحرية وقتما شاء وحيثما شاء ما دامت هي موجودة بطبيعة الحال، ويمكنها دائما أن تتولى الأمر وتفعل المستحيل.

عزيزتي: لا تصدقي تلك الكذبة، لا أنت تستطيعين فعل المستحيل ولا يمكن ان تكوني متوفرة دائما طوال الوقت بنفس النشاط والطاقة والرغبة. أرجوكي اطلبي الدعم، قولي أنك لست بخير، أظهري تعبك واجهادك الذي يوصمك به الاخرين على أنه عار لا يجب أن تقومي به.

ويا جميع المحيطين من أهل وأصدقاء وشركاء حياة، أرجوكم قدموا الدعم. قدموه حتى وإن لم يطلب خشية التصريح بـ”العجز” والظهور دون المستوى اللائق. الدعم المعنوي والتواجد الفعلي أمر لابد منه لاستمرار الحياة حتى لا يتساقط الكثير من النساء بأمراض نفسية وعضوية مزمنة مع تقدمهم في العمر، وتتحول الفترات المفترض فيها ان يستمتعن بالحياة  دون مسؤوليات الي فترات مرض وعلاجات لا تنتهي.

أرجو أن يتعامل البشر مع بعضهم البعض من منطقة الرحمة والشعور والسند بدلا من توقع المستحيل، و لكم ستكون حياة الجميع رائعة لو راعينا في جميع تعاملاتنا أنه لا يوجد بأي شكل من الأشكال ‘سوبرمان أو سوبر وومان’.

** إذا أعجبتك هذه المقالة، أشترك في المجلة لتصلك مقالاتنا في بريدك الالكتروني

أضف تعليق