الحصان | قصة قصيرة – بقلم ميريام رزق الله

الاثنين ٥ أكتوبر ٢٠٢٠
كتبت : ميريام رزق الله

Image Via CAFT

كانت الخيل أحب الكائنات إلى قلبها، بهيئتها الرائعة التي تجمع بين الخطوط الانسيابية والقوية في آن واحد. كانت تعشق شعرها المتطاير في جنون، وعضلاتها البارزة القوية العفِيّة وهي تعدو منطلقة. لا تكل ولا تمل من النظر إليها٬ بل تتأمل بوَلَع كل صورة، وكل تمثال، وكل لوحة تمثّل واحد منها.

أخذت تحكي له عن تلك اللوحة التي رأتها معروضة في الجاليري وكمْ ترغب في شراءها، حين باغتها بواحدة من ألعابه الذهنية التي كان يغرَم بها والتي كانت تستمع بمشاركته إياها.

أتحبين الخيل لهذه الدرجة؟

نعم بجنون!

فاغمضي عينيك إذن.

نظرت إليه بعينين كلهما تساؤل واستغراب.

هيا أغمضي عينيك.

امتثلت لطلبه.

تخيلي أن أمامك حصان الآن.

سكَتَ قليلا حتى يُهيأ لها الهدوء اللازم. نظر إلى وجهها: عينيها مغمضتين ورموشها السوداء الطويلة ترتاح على خدها الناعم، وقسماتها الهادئة تعلوها شبه ابتسامة.

هيا! صِفي لي ما ترين!؟

حصان أبيض. يجري سعيدًا. يتمايل شعره مع النسمات. يطوف من حولي. أدور معه. لا أقوْ على رفع عينيّ عنه. الله! كم هو جميل! رشيق. قوي. يرمُقني بطرف عينه، كأنه يدعوني لامتطائه.

إذن، ماذا تنتظرين؟ هيا اِعتلي ظهره!

لا. لا.

ولِما لا؟

أخشى أن أقَع. ثم إنني لمْ أمْتطِ حصانًا مِن قبْل.

بل جرّبي! ماذا تخسرين؟ ثم أنكِ يجب أن تحاولي مرارًا قبل أن تبْرَعي في ركوب الخيل. هيّا حبيبتي! هيّا تشجعي!

لا. لا. لا أستطيع. أعرف نفسي. سأقع حتمًا. ثم أنه يكفيني أن أراه يطوف من حولي. إن ذلك ليسعدني أيّما سعادة. إنه رائع! لمْ ترَ عيني أروع منه!

لا بل حاولي مرّة لأجلي.

حسنًا. ها أنا أعتلي ظهره.

رائع! بماذا تشعرين الآن؟

إنه قوي جدًا. لا أظنني قادرة على السيطرة عليه. إني خائفة.. يا إلهي! إنه يجري بسرعة! آه.. أشعر بعدَم اتزان! آه.. أرأيت؟ قلت لك أني سأسقط. لماذا دفعتني إلى المحاولة؟ قلت لكَ أني لا أريد!

ماذا تقولين؟ ألم تفرحي على الأقل بالتجربة؟ لا أصدق ذلك!؟ ألن تحاولي مرة أخرى؟

لا، فعَلْتها مرّة وندمت. لا، لن أحاول ثانيةً.

كانت حازمة في قرارها. 

طأطأ رأسه في خيبة أمل وحُزن.

كان حبيبها الذي بقدْر ما تهيم به، تخشاه وتتوقّع غدْرِه.

** إذا أعجبتك هذه المقالة، أشترك في المجلة لتصلك مقالاتنا في بريدك الالكتروني

أضف تعليق