فساتين الفنانات وعلاقة الحب والكراهية! | مقال رأي – شروق سلطان

١٨ نوفمبر ٢٠٢٠
كتبت : شروق ياسر سلطان

عادة ما تهتم الصحافة بملابس النجوم والنجمات في أي حدث فني في شتى بقاع العالم، فلطالما أفردت الصحافة العالمية مقالات وعواميد صحافية لوصف اختيارات النجوم والنجمات لملابسهم في الفعاليات الفنية المختلفة، ولطالما استضافت وسائل الإعلام خبراء الموضة لعقد المقارنات بين ملابس الفنانة الفلانية وزميلتها، وللوم الفنان الفلاني على ذوقه الرديء في الملابس، على سبيل المثال!

كذلك تهتم الصحافة المصرية والعربية بمظهر الفنانين والفنانات في المهرجانات والفعاليات الفنية. ألاحظ أن الصفحات الأخبارية والصفحات الترفيهية علي مواقع التواصل الاجتماعي تشهد نمطًا متكررًا من التعليقات من الجمهور. يملأ الجمهور صفحات الأخبار والترفيه تعليقات عدائية تحمل، في أفضل أحوالها، سخرية من الفنانين والفنانات، أو يتطور الأمر إلي تعليقات تضمن سَبًّا وقذفًا بحق الفنانات أو الفنانين، فتلك فنانة لا ترتدي زِيًّا يقبله الجمهور، وذلك فنان يصطحب زوجته إلي مهرجان ما بملابس لا تتوافق مع تقاليد الجمهور. ومن المثير للدهشة، أن هذا الجمهور ذاته لا يمانع مشاهدة مثل هذه الأزياء أو ما هو أكثر منها تحررًا في الأعمال الفنية، بل لا يمانع أن يراها على أرض الواقع إذا كانت من ترتديها فنانة غير عربية. 

يرتبط المجتمع العربي بما يعرف بعلاقة الحب والكراهية أو Love and Hate Relationship  بالممثلين والممثلات والمغنيين والمغنيات! فالجمهور يسب الفنان لكنه يتابع أعماله، بل ويتابع حياته الشخصية، حتى أنه يأخذ من وقته ليعلق على تلك الأخبار الشخصية فقط ليصفها بالأخبار التافهة! ولا ينفك الجمهور العربي عن متابعة مسلسلات رمضان بشغف شديد، ويقضي وقتًا لا بأس به في مشاهدة الأفلام السينمائية، بل ويحفظ الأغاني عن ظهر قلب، فيثني على أداء الفنانة هذه وتلك، وينفعل وينقبض صدره لأزمة ألمت ببطل مسلسل أو فيلم يتابعه. ويلوم الجمهور الفنان الفلاني على أعماله الفنية التي يري أنها قد أفسدت جيلًا كاملًا، ويحقد عليه لثرائه الفاحش، ثم يراقب عن كثب موعد عرض مسلسله الرمضاني القادم، حتى ينتهي الشهر بحصول مسلسل هذا الفنان على أعلى نسبة مشاهدة في ما يسمونه بـالسباق الرمضاني للمسلسلات!!

فالجمهور العربي يتوق كثير منه إلى أن يعيش حياة الفنانين وأن يتحرر من قيود مجتمعية كثيرة، إلا أنه لا يستطيع تحقيق تلك الأمنية الدفينة، والتي قد لا يعترف بها لنفسه، إما لضعف إمكانياته المادية أو لضغط المحيطين به في بعض الطبقات الاجتماعية، أو لوجود بقية لديه من التحفظات الدينية! ولأنه لا يستطيع أن يكون مثلهم، وفي الوقت نفسه لا يتوقف عن تمني حياتهم، يدخل الجمهور العربي في أزمة شعورية. فلا يستطيع الجمهور أن يكره الفنانين والفنانات تمامًا لأنه يستمتع بما يقدمونه علي الشاشات، ولأنه يتمنى أن يكون من بينهم، يستمتع كما يستمتعون، ويمارس نمط حياة يختاره لنفسه. وفي الوقت ذاته لا يستطيع الجمهور أن يحب الفنانين والفنانات تمامًا لأن ما يملكون من بذخ ورفاهية يذكره بنقصه وقلة حيلته. فيتخذ الجمهور من الوازع الديني، والذي يخالفه بكل أريحية في حالة قبول المجتمع لهذه المخالفة، حُجَّة لرفض نمط حياة الفنانين والفنانات، وذلك حتى لا يواجه السبب الحقيقي خلف رفضه لنمط حياتهم ألا وهو إحساسه بالنقص تجاههم. فينتهي الأمر بالجمهور المشتت إلي أن يحب من يكرههم ويكره من يحبهم حتى إشعار آخر!!

** إذا أعجبتك هذه المقالة، أشترك في المجلة لتصلك مقالاتنا في بريدك الالكتروني

1 comments

أضف تعليق